العدد 2478 - الجمعة 19 يونيو 2009م الموافق 25 جمادى الآخرة 1430هـ

بونجور... رويترز!

قاسم حسين Kassim.Hussain [at] alwasatnews.com

كاتب بحريني

إن آخر ما تتوقعه أن تصنّفك وكالة أنباء أجنبية حسب طائفتك... لا حسب جنسيتك أو مواقفك أو ما تطرحه من أفكار مطروحة للنقاش.

لقد أصبح من المسلمات عندنا في هذا الزمن التعيس، أن نسأل أولا عن طائفة الشخص، قبل أن نفكر في الاستماع لما يقول. وأن نبحث عن الحي الذي يقطنه، والشارع الذي يوجد فيه منزله، لنتأكد من أنه سنّي أو شيعي، لكي نطمئن هل انه من الجماعة أم الجماعة الأخرى!

الوزراء، المسئولون، رؤساء الشركات، النواب، الصحافيون، الباعة، سواق التاكسي، المارة في الشوارع، السيارات، المساجد، المستشفيات... البشر والحجر كلها إما سنية أو شيعية! لقد اختفى شيء اسمه شعب البحرين ليحل محله فصيلان متناحران لا يلتقيان أبدا: شيعة وسنة!

أصبحنا مبرمجين آليا على هذا التصنيف، والمؤسف أن يستشري هذا الوباء حتى يصل إلى أكبر وأقدم وكالات الأنباء: رويترز!

الحاجية «رويترز» نشرت تقريرا يوم الاثنين الماضي، من دبي، عن ما يجري في إيران، ابتدأته بالقول إن حكومات دول الخليج العربية التي تخشى نفوذ إيران المتزايد في المنطقة أبدت رد فعل حذرا على فوز الرئيس أحمدي نجاد بالانتخابات. وهاجمت وسائل إعلام شبه رسمية في السعودية التي تطبق نظاما ملكيا مطلقا (حسب قولها) وليس لديها برلمان منتخب النتائج بوصفها غير ديمقراطية كما قال التقرير. ونقلت عن صحيفةٍ مشهورة مملوكة لسعوديين أن تزوير النتائج أهون الأعمال على نظام أمني ديني لا يؤمن بالفرص والحظوظ.

ونقل التقرير عن دبلوماسي غربي (لم تكشف لنا للأسف الشديد هل هو كاثوليكي أو بروتستانتي أو ارثوذكسي) في الرياض أن الخليجيين لديهم جنون الشك في إيران، ولديهم أسباب أكثر لهذا بعد إعادة انتخاب نجاد... ولم تكن لديهم أوهام بأن حدوث شيء هناك سيؤدي إلى تغيير كبير في السياسة. ثم تفصل «رويترز» في فوز نجاد، وتشكيك المعارضة وخروج الاحتجاجات للشوارع، وخشية بعض الدول التي تعتبر نفسها معقلا للمذهب السني، من اعتراف واشنطن في نهاية المطاف بها كقوة إقليمية بعد رأب الصدع بينهما. وأشارت إلى أن كثيرا من دول الخليج الصغيرة (حسب وصفها) الحريصة على الحفاظ على علاقات جيدة مع أقلياتها الشيعية تتمتع تقليديا بعلاقات ودية مع طهران، مستشهدة بالإمارات التي قدمت تهنئة مبكرة للفائز في بيان بثته وكالة الأنباء الرسمية.

في ختام التقرير استشهدت بمعلّم عماني في مدرسة ثانوية، (لم تذكر مذهبه ولله الحمد)، أعرب عن السبب الوحيد لدعمه لنجاد، وهو تحديه الجريء للولايات المتحدة. وهو أمرٌ مفهومٌ ومتوقعٌ، لو استفتيت فيه أكثر الشعوب العربية والإسلامية، وصولا إلى دول أميركا اللاتينية ودول عدم الانحياز والآسيان ومنظمة شنغهاي!

التقرير وصلتني منه نسختان، العربية دون توقيع، والإنجليزية مذيَّلة باسم كاتب وكاتبة، والمؤسف انهما فقدا توازنهما حين تحدثا في الفقرة الأخيرة عن البحرين، وأقلية وأكثرية، ليخلصا إلى القول إن بعض المعلقين «الشيعة» (الذين لم يخطر ببالهم أن يصنفوا دوليا حسب مذهبهم الديني!) كتب أن نجاد نجح في تقديم نفسه في صورة الرئيس المتواضع البسيط... ولو تقدّم مرشحٌ مثله في أي بلد عربي مقابل الرؤساء الحاليين لصوتت له الجماهير. المؤسف حقا أن وباء التصنيف الطائفي فاض عندنا حتى وصل إلى أكبر وأقدم وكالات الأنباء!

إقرأ أيضا لـ "قاسم حسين"

العدد 2478 - الجمعة 19 يونيو 2009م الموافق 25 جمادى الآخرة 1430هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً