لا تثور الشعوب من أجل الخبز وحده. غيابه يعني ثورة الجياع كما حدث في فرنسا، لكن غياب العدالة في توزيعه؛ يعني ثورة من أجل إعادة توزيع هذا الخبز الذي هو رمزٌ للثروات والمقدَّرات المادية للدولة. الثورات هنا تأتي تصحيحية لاعوجاج مسار توزيع المكتسبات الوطنية، ومن أجل العدالة والمساواة وتوزيع متكافئ للثروات والمكاسب والمستحقات.
لطالما ظنّت دول الخليج؛ أنها بمنأى عن حراك الربيع العربي وما يطرحه من مطالب، لاطمئنانها إلى أن ارتفاع مستوى المعيشة كفيل بصد رياح الثورات التي جاءت عاصفةً هذه المرة من تونس ممتدةً إلى بقية بلاد العرب دون استثناء.
ويعتقد البعض، ومنهم بعض السلطات أيضاً، أن المواطن الخليجي كائن استهلاكي فقط، وبالتالي وفرة المادة وارتفاع مستوى المعيشة قد تبعده عن المطالب السياسية والاستحقاق السياسي في الاختيار والتمثيل الديمقراطي لرغباته وطموحاته السياسية أسوةً بالديمقراطيات العريقة التي تعيش وفرةً ماديةً وحكماً ديمقراطيّاً يحكم الشعب فيه نفسه. لكن «الاستئثار شبه المطلق بالقرار السياسي قد يكون أحد أسباب ثورة الشعوب»، كما يرى رئيس مركز الخليج لسياسات التنمية عمر الشهابي.
ما يحدث اليوم من غليان في الشارع الخليجي دون استثناء وعلى درجات متفاوتة، يجعل من الحديث عن احتمالية الثورات أمراً لابد منه، وإن كان يخضع للمحاذير ويعتبر خوضاً في الممنوع على الأقل حاليّاً.
وعلى رغم الخصوصية التي تتمتع بها دول الخليج؛ فإن الملف الإنساني ثقيل، وبحاجةٍ إلى مراجعة وحل جذري، ففي الكويت تشتعل الآن مشكلة «البدون» التي يتعاطف معها معظم الشعب، وهي معضلة إنسانية صرفة قائمة على انتهاك انسانية وكرامة فئة مكونة للمجتمع الكويتي، وهو أمرٌ إن لم تعمل السلطة على احتوائه وتحقيق حل عادل يرضي الجميع؛ فإن الأمر ينبيء بالأسوأ. وفيما لا يبارح ملف «البدون» طاولة السلطة في الكويت؛ يتضخم هنا في البحرين ملف حقوق الإنسان الذي يضج بالانتهاكات والتجاوزات وتجاهل المطالب التي ينادي بها الشعب. ويبقى الأمر خطيراً وعلى شفا حفرةٍ من الانفجار في الخليج، وهو كما يرى عمر الشهابي: «التغيير قد يأخذ منحنى حادّاً ومتفجراً من الصعب التنبؤ به أو بمداه وتبعاته، لكن التطورات على أرض الواقع تنذر بأن التغيير قادم لا محالة».
على الأنظمة أن تعد العدة ليوم غير متوقع، أو أن تبادر بحل الملفات العالقة التي تكاثرت بفعل الثقة المفرطة بأن المال يدجّن الشعوب ويفرّخ العبيد. وهو الأمر الذي لا ينطبق على الجميع، فالأجيال الجديدة تتخذ خطّاً أكثر انطلاقاً وحدّية من الأجيال التي سبقتها، وهو ما يشكّل تحدياً إضافيّاً للأنظمة التي عليها أن تسبق بالإصلاحات الجادة والحقيقية لحظات الانفجار الشعبي، لأن الإصلاح بعد ذلك تكون كلفته أعلى بكثير مما هي قبله.
إقرأ أيضا لـ "مريم أبو إدريس"العدد 3694 - الأربعاء 17 أكتوبر 2012م الموافق 01 ذي الحجة 1433هـ
الجهات الأصلية أربع أما الفصول فأربعة
الجهات الأصلية أربع والفصول أربعة ليست ملفوفة ولا ملقوفة، بينما من يخاف الفوت لا يسلم الموت. فمن غير المألوف أنه ليس ملقوف ولا ملهوف على الدنيا ولهث وراء مغرياتها.
وهذا ليس من الأسرار أن فصول السنة أربعة منها الربيع قادمٌ وآتٍ لا محال له. فلم يمحوا الله آية الليل الا بالنهار. فهل توجد سنة كبيسة أو بسيطة قد مضت بلا ربيع ولا خريف؟
ولا سبيل الا خداع النفس في مسابقات وهمية ليس لها أهمية؟
ولد البلد
حياه الله
كلام سليم و لكن..
..ليس دقيقا...