أكد عاهل البلاد حضرة صاحب الجلالة الملك حمد بن عيسى آل خليفة ضرورة تعزيز التعاون على المستوى الإقليمي بين التكتلات والمجموعات الاقتصادية القائمة في القارة الآسيوية ومنها بطبيعة الحال مجلس التعاون لدول الخليج العربية الذي تعتز مملكة البحرين بالانتماء إليه، بحيث يكون مؤتمر حوار التعاون الآسيوي الإطار العام الذي تمتد في نطاقه جسور التواصل والتفاعل والعمل المشترك بين هذه التكتلات على نحو ينعكس إيجابيّاً على جميع مواطني وشعوب القارة، ويفتح لهم مسارات لحاضر مثمر وغد أكثر إشراقاً.
كما نوه جلالته إلى وجوب حشد كل وسائل تعزيز التعاون الاقتصادي، وتيسير حركة التبادل التجاري ومجالات الطاقة سواء فيما بين الهياكل الاقتصادية المتقدمة أو بين هذه الهياكل وتلك التي مازالت في المراحل الأولى للعمل التنموي، من خلال رصد المشاريع المشتركة القائمة وتحديد كيفية النهوض بها وتطويرها وتعيين القطاعات التي تمثل آفاقاً واعدة للاستثمار المشترك.
جاء ذلك في كلمة جلالته بمؤتمر القمة الأول لحوار التعاون الآسيوي المنعقد في دولة الكويت الشقيقة؛ وألقاها نيابة عنه نائب رئيس مجلس الوزراء سمو الشيخ محمد بن مبارك آل خليفة.
وهذا نصها
بسم الله الرحمن الرحيم
صاحب السمو الأخ العزيز الشيخ صباح الأحمد الجابر الصباح أمير دولة الكويت رئيس المؤتمر حفظه الله، معالي رئيسة وزراء مملكة تايلند الموقرة المنسق العام لحوار التعاون الآسيوي، الحضور الكرام:
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
بدايةً... نتقدم بالشكر والتقدير إلى سموكم بالدعوة الكريمة لمؤتمر القمة الأول لحوار التعاون الآسيوي انطلاقاً من إيمانكم بالأهمية المتزايدة لهذا المؤتمر في تعزيز التفاهم والتكامل والتضامن بين دولنا في ظل الظروف الاقتصادية والمتغيرات الدولية التي لسنا بمعزل عن آثارها وتداعياتها دولاً وشعوباً، وإننا لنأمل أن يحقق هذا المؤتمر الهدف الذي أنشئ من أجله؛ لما فيه مصلحة دولنا وشعوبنا، كما لا يفوتنا في هذا المقام الترحيب بانضمام جمهورية أفغانستان الإسلامية الشقيقة لهذا الحوار.
صاحب السمو... الحضور الكرام...
إن الأمن الاقتصادي والمستقبل المزدهر لشعوب القارة هو الهدف الذي سيبقى ماثلاً أمامنا وتحدياً لابد أن ننجح فيه، ووحدها التكتلات الاقتصادية الكبرى؛ هي التي تستطيع إن تحقق ذلك وتحافظ عليه، ولا شك أن لدينا كل أسباب التفاؤل بإمكانية المضي قدماً في هذا الاتجاه, معربين عن اعتزاز مملكة البحرين بعضويتها في هذا المؤتمر، وبأنها من أوائل الدول التي أسهمت في تأسيسه العام 2002م، حيث تتمتع القارة الآسيوية بحصاد وافر من الثروات والموارد الطبيعية، فضلاً عن كونها القارة الأكثر سكاناً، والأوسع مساحة على مستوى العالم. ولهذا لم يكن مستغرباً أن تكون هذه القارة قاطرة للنمو الاقتصادي والحفاظ على استقرار وسلامة النظام المالي العالمي، وخاصة خلال الفترة التي شهدت ذروة اشتداد الأزمة المالية والاقتصادية العالمية.
وعليه؛ فمن الواجب علينا أن نحشد كل وسائل تعزيز التعاون الاقتصادي، وتيسير حركة التبادل التجاري، ومجالات الطاقة؛ سواء فيما بين الهياكل الاقتصادية المتقدمة أو بين هذه الهياكل وتلك التي مازالت في المراحل الأولى للعمل التنموي، وذلك من خلال رصد المشاريع المشتركة القائمة وتحديد كيفية النهوض بها وتطويرها وتعيين القطاعات التي تمثل آفاقاً واعدة للاستثمار المشترك.
كما يسعدني في هذا السياق؛ أن أشيد بمبادرة أخي صاحب السمو الشيخ صباح الأحمد الجابر الصباح أمير دولة الكويت الشقيقة بالدعوة إلى حشد موارد مالية بمقدار (2) مليار دولار أميركي في برنامج لتمويل المشاريع الإنمائية في الدول الآسيوية غير العربية، وبمساهمة دولة الكويت بمبلغ 300 مليون دولار أميركي في ذلك البرنامج، الأمر الذي سيدعم عملنا المشترك.
الحضور الكرام...
إذا كنا نتحدث عن الدور الآسيوي المشهود في تحقيق معدلات إيجابية للنمو الاقتصادي ومن ثم دفع عجلة النمو على المستوى العالمي؛ فعلينا أن نستذكر أن أحد الروافد الأساسية لهذا الإنجاز؛ يتمثل في رسوخ ثقافة العمل في القارة في مختلف المجالات، فالثروة الحقيقية التي تعلو على كل الثروات؛ هي كل يد تعمل وكل جهد يبذل أيّاً كان القطاع وأيّاً كانت الوسائل والإمكانات. ومن هنا علينا تكثيف الاهتمام برفع كفاءة العنصر البشري باعتباره الركيزة الأولى لأي عمل تنموي، وذلك من خلال التركيز على تعزيز التعاون في مجال التدريب وصياغة برامج تأهيلية متخصصة تنمي مهارات العاملين وتوسع دوائر معارفهم وخبراتهم.
ونود هنا أن ننوه بما حققته مملكة البحرين من نتائج إيجابية في ميدان مواجهة مشكلة البطالة، وحصرها في نسبة لا تتجاوز 4 في المئة، وذلك من خلال تبني عدد من السياسات والبرامج التي ساهمت بصورة مباشرة في تحقيق هذه النتائج. ومع ذلك فإن توفير المزيد من فرص العمل ذات النوعية العالية والمردود المتميز؛ يظل يمثل أحد التحديات الأساسية التي تواجه مختلف دول العالم أياً كانت طبيعة وضعها الاقتصادي، ومن هنا فإن تعزيز التعاون الدولي واستكشاف آفاق جديدة للاستثمار المشترك يمثلان أداة حيوية لإيجاد فرص عمل جديدة ومتميزة؛ تعزز من الجهود التي تبذل على مستوى كل دولة على حدة وتضيف إليها زخماً جديداً وعائداً مضاعفاً.
وعلى مستوى هذا المؤتمر القاري الهام؛ فإن علينا أن نستذكر أنه على الرغم من أهمية التعاون الثنائي بين الدول الأعضاء؛ يتعين ألا نغفل ضرورة تعزيز التعاون على المستوى الإقليمي بين التكتلات والمجموعات الاقتصادية القائمة في القارة الآسيوية، ومنها بطبيعة الحال مجلس التعاون لدول الخليج العربية الذي تعتز مملكة البحرين بالانتماء إليه، بحيث يكون مؤتمر حوار التعاون الآسيوي الإطار العام الذي تمتد في نطاقه جسور التواصل والتفاعل والعمل المشترك بين هذه التكتلات على نحو ينعكس إيجابيّاً على كافة مواطني وشعوب القارة ويفتح لهم مسارات لحاضر مثمر وغد أكثر إشراقاً بإذن الله.
ختاماً... نتوجه بالشكر الجزيل مرة أخرى لأخينا صاحب السمو الشيخ صباح الأحمد الجابر الصباح أمير دولة الكويت الشقيقة على دعوته لهذا المؤتمر ولحكومة وشعب دولة الكويت على حسن التنظيم والاستضافة، متمنين أن يحقق اجتماعنا هذا ما تتطلع إليه دول وشعوب قارتنا الآسيوية من تعاون مثمر في جميع المجالات، متطلعين إلى قمتنا القادمة في مملكة تايلند الصديقة إن شاء الله.
والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
العدد 3694 - الأربعاء 17 أكتوبر 2012م الموافق 01 ذي الحجة 1433هـ