متابعة لما أوردناه في مقالتنا السابقة، حول التخوين في مداه الدولي، بأنه بات لزاماً على الغرب، تفعيل ما رُسم قبلاً وهُيِّئ له، لعزل إيران إسلامياً وعربياً وإقليمياً عبر تخوين الشيعة والمذهب الشيعي، استكمالاً للعقوبات الاقتصادية، للضغط على إيران عبر عزل المذهب الديني في توزعه الجغرافي، فقد رُسمت سياسات إقليمية ومحلية لكل دولة على حدة، وارتباطاً بمخطط يتكامل في شمولها جميعاً.
أولاً: المدى الشرق أوسطي: استخدمت أميركا والغرب و«إسرائيل»، كامل قواها اللوجستية والمالية والدبلوماسية والتدريبية والعسكرية، لتفتيت دول الشرق الأوسط، بأن جعلت في كل دولة، دولة مضادة، فبدءاً من أفغانستان في آسيا، والعراق في الوطن العربي، نرى واضحاً عدم الاستقرار فيهما مستمراً لما يبدو إلى قيام الساعة، وما أخبار التفجيرات اليومية في البلدين إلا أبسط الأدلة على ذلك، ترجمةً للحروب الطائفية والإثنية، واستكمالاً نرى تحطيم المعابد البوذية التي يقوم بها مسلمو بنغلاديش، كمثال على توسع الصراع الديني والمذهبي والإثني.
لقد تبين للمحور الأميركي الإسرائيلي، سوء البناء الثقافي والعقائدي لدى المسلمين، القائم على معتقد ولا أقول نظرية، فما أبعد مشايخ ديننا عن النظريات، القائم على معتقد «الفرقة الناجية»، الذي لا يكتمل إلا بأن تسود تلك الفرقة ويفنى مَن دونها، باستخدام الآلية الوحيدة في الطريق إلى الجنة، وهي الآلية الجهادية. وتَبَيّن للغرب و «إسرائيل» ذلك من بعد اعتداءات 11 سبتمبر/ أيلول 2001، فلم يعكفوا على الرد فقط، بل حلّلوا دوافع الثقافة الدينية من ورائها، ورسموا السياسات الأطول مدى من القضاء على تنظيم القاعدة، فقد كان سهلاً عليهم، لو كان قرارهم الرد بالانتقام بمحو تنظيم القاعدة، ولكنهم بدل ذلك سمحوا لذلك التفكير بالتمدد والانتشار والتوزع في كامل دول الشرق الأوسط، لدرجة أن تتفاوض أميركا مع قيادات ومشايخ ذلك التنظيم.
ومعلوم أن المسلمين إضافة لمعاداتهم للأديان الأخرى، منقسمون على تسعين فرقة، واحدة لها الجنة والباقي حطب النار، فمن يفوز في آخر مطاف الصراع؟
هذا السؤال، حدّدت جوابه أميركا والغرب و «إسرائيل»، بفهم لنص قرآني «كذلك قال الذين لا يعلمون مثل قولهم» (أي اليهود والنصارى) «فالله يحكم بينهم يوم القيامة فيما كانوا فيه يختلفون». والجواب بأن يكون أي كان، الفرقة الناجية التي لا يعلمها إلا الله، ويحكم بها يوم القيامة، اليوم الذي هو محور في جميع الأديان، فلا بأس لأميركا وحلفائها، من أن تتطاحن شعوب الشرق الأوسط إلى حد الفناء، فلها من وراء ذلك المصلحة الدنيوية الأكيدة وربما الأخروية أيضاً، فجاءت بمخطط، بذلت فيه جهداً ليس جهيداً، بل مالاً ميسوراً من متاع الدنيا، لتؤجج تلك الخلافات وتوصلها إلى الاحتراب بين الجماعات والطوائف، مُسخِّرة لذلك المنابر الدينية المتمصلحة دنيوياً لكلا الطائفتين، وكذلك المتعصبين، ومستخدمةً وسائل التواصل الاجتماعي والقنوات الفضائية، الأكثر انتشاراً بين عامة المسلمين، ومطعمة لما يُحاك من مؤامرة على الشرق الأوسط المسلم، بتشجيع وتدبير بعض الاعتداءات على الأقليات المسيحية والقبطية من قبل موتورين مُوَجّهين من المسلمين، وعلى فئة من السنة من قِبَل الشيعة والعكس، وأوصلت للحكم فئة من المسلمين السنة، المتعنتين لمذهبهم قبالة المذهب الشيعي، لتزداد الفرقة، كما في مصر وتونس. وبين الفينة والأخرى، تمتحن نتاج مؤامرتها، عبر استثارة مشاعر المسلمين العقائدية، من أفلام ورسوم تسيء للرسول (ص).
فكان احتراب الطائفتين المذهبي، هو المحقق لمصالحها، ناهيك عن صراعات الطوائف الأصغر في كل منهما، ولأن الهدف الآني هو تحطيم أسطورة حزب الله في لبنان، وتكبيل سوريا إقليمياً أو استمالتها، وعزل إيران إسلامياً، تمهيداً للضربة القاصمة، فتريح «إسرائيل» من كل ما يقلقها، فكانت شيعية هذه الأطراف، المذهبية والسياسية، هي الهدف والوسيلة الأوليين لمخططاتها، فجعلت من إيران إعلامياً الشيطان الشيعي الغاوي لضمير المسلمين السنة، ولو كانت الأوضاع معكوسة المذهب، لشَهّرَت في المذهب السني.
إذن العقدة ليست في المذهب، سنياً كان أم شيعياً، بل في الجهات الممانعة لإسرائيل وأميركا، فلا ننسى تحالف الخليج وإيران، أيام إيران الشاه الصفوية.
ثانياً: المدى الخليجي: على مستوى الخليج تفاوتت مظاهر ذلك المخطط، بناءً على أنها المزود الرئيسي للطاقة لأميركا والغرب ومنها لـ «إسرائيل»، وبما يتماشى مع الحجم المراد استثارته وتشويهه من الضمير المذهبي، واحتساباً للتعداد السكاني لهذا المذهب وذاك، وأحياناً كما في بعض دول الخليج مثل قطر والإمارات هناك الحاجة إلى مواقف الدولة كنظام أكثر مما يحتاجه الأمر إلى صراع الشعوب، حيث الشيعة فيهما أقلية تحسب بالأفراد، وأوكل لقطر أدواراً إقليمية اعتماداً على ما لديها من أموال فائضة من بعد رفاه شعبها، لتمويل الجماعات المسلحة المستخدمة في سورية، ودورها الداعم للسياسيات الأميركية في مجلس التعاون. وبالتالي هناك خدمات تقدم مقابل الدعم الأميركي، ولا يأبهان بزوال إيران وإنما أصل المطلب ألا تتمدد لتطالهما، مع خصوصية مشكلة الإمارات جراء اتفاقية التواجد الإيراني على جزرها الثلاث، طنب الكبرى والصغرى وأبوموسى، نتيجة اتفاقيات مع النظام الإيراني أيام الشاه، والتي لها صلة باتفاقيات مكملة لترتيب نتائج انسحاب بريطانيا من الخليج العربي واستقلال البحرين، ما جعل لها مصلحة قطرية صبغتها بالقومية في الإضرار بإيران بغض النظر عن شيعيتها أو سنيتها، لتجد لها مخرجاً لمطالبتها باسترداد الجزر، فبدأت تطالب بها، من بعد السكوت دهراً، فيما ترى إيران تواجدها على هذه الجزر، عبر الاتفاق المبرم، بمثابة امتداد أمني لسواحلها، وخصوصاً في ظل التهديدات العسكرية الأميركية والإسرائيلية، فنرى أن مطالبة الإمارات بجزرها خجولة.
ويختلف الأمر لدى الكويت وعمان اللتين تنظران للعلاقات الإقليمية والدولية بمنظار التوازن للمصلحة والتكامل التجاري والمحافظة على أمنهما الداخلي والخارجي، وانحياز السلطات فيهما لشعوبهما، بأفضل من البلدان الأخرى، إلا أن بعض الدينيين السنة في الكويت، قد بدأوا بأخذ دور تحريضي ضد إيران سياسياً وضد الشيعة مذهبياً، ومرحلياً ما كان مطلوباً من كلتا الدولتين أكثر من التزام الطيبة السياسية. وهذا العداء مرده في جانب منه مذهبي، وفي جانب آخر صراع على النفوذ السياسي والعسكري في حوض الخليج العربي.
ثالثاً: المدى المحلي: البحرين كانت في مراحل مختلفة من التاريخ، محتلة من قبل إيران، ولم تخلص منها إلا في السبعينات من القرن الماضي إبان اعتزام انجلترا الانسحاب من الخليج، وذلك عبر الاستفتاء الشعبي الشهير على عروبة البحرين والذي تكاتف فيه السنة والشيعة من مواطنيها، إلا أن هناك اتفاقية دولية، تم توقيعها تحفظ البحرين دولة مستقلة، وتمنع أي طرف من احتلالها.
أما من ناحية السياسة، فهناك نظرة بأن الشعب رعية، ولم يكن مهماً مذهب المواطن بقدر ما يهم الولاء. إلا أن أحداث 14 فبراير/ شباط 2011، خلق حالة من الارتباك لما حدث من تكاتف بين المواطنين، على رغم أن المطالب المرفوعة أتت بأقل مما يقود إليه ميثاق العمل الوطني، في إفرازاته الدستورية والسياسية والحقوقية.
إقرأ أيضا لـ "يعقوب سيادي"العدد 3692 - الإثنين 15 أكتوبر 2012م الموافق 29 ذي القعدة 1433هـ
امريكا لم تسلم العراق انما بلعت العلقم
امريكا لم تسلم العراق لايران واذا انت قرأت الموضوع متجردا من المدهبية والطائفية كما هو الكاتب العزيز الذي يكتب بصدق وبتجرد فانك ستعرف بان هناك مصالح وسياسات وليس من الغباء ان تسلم امريكا العراق لايران وانما هناك تراجع عربي وقوة ايرانية قادمة تعرف مصلحتها وعدوها كما ان امريكا بلعت العلقم وسكتت
التخويف والتخوين
ليس من الأسرار أن الخوف دفع الناس الى تخويف بعضهم البعض وذلك يتخوينهم تارة أو تخويفهم تارة أخرى. وهي من الحالات المشهورة وان كان لها مبرر الخوف المبهم وهذا ليس الا حيلة الضعيف. فقد استخدمت هذه الحيل في الغابرين. فلما تستخدم في العصر الحديث؟
لتصحيح
قطر لم تقم بثوره فى سوريا فقط ولكن حتى فى ليبيا وتونس ومصر والبقيه آتيه بعد سوريا
سؤال يحتاج الى جواب
اذا كان هدف امريكا تدمير ايران لصالح اسرائيل فلمذا سلمتها العراق على طبق من ذهب
سلمتها ماذا؟
ايران لا تقوى على اخراج معارضيها من منظمة خلق من العراق كيف سلمت لها العراق - كل هذه العقوبات و الحرب النفسية و الاقتصادية واغتيال العلماء الايرانيين وحرب الثمان سنوات لم تقنع البعض ان بين ايران وامريكا عداء بل على العكس يتحدثون عن حلف بينهم . هل هم بهذا الذكاء تستطيع الانتصار في حرب او تحقيق انجاز .
التقيه !!!
الى الزائر 6
الرجاء التوضيح ، اليست التقية ركن اساسي في العقيدة الشيعية ومجازة ؟ ام انها محرمة. ومكروهه ؟ وشكرا
ليتهم يملكون هذا الفكر
"فجعلت من إيران إعلامياً الشيطان الشيعي الغاوي لضمير المسلمين السنة، ولو كانت الأوضاع معكوسة المذهب، لشَهّرَت في المذهب السني"
لا أعلم هل الكاتب سيقراء هذا التعليق أم لا ... ولكن أقول
رحم الله والديك على هذا المقال وعلى هذا الفكر ... ولا أعلم لماذا كثير من المتأزمين والمأزمين لا يملكون مثل هذا التفكير الناضج رغم أنهم يعتبرون من عِلية القوم ، والامور واضحة وضوح الشمس .
صراحة .. تعبنا ونحن نقول أننا نحن كما نحن وكما نقول .. فيأتينا الرد
انها التقية أنتم كما نريد أن نصوركم
لك الإحترام
ثق يا إستاذي بأنني أتابع جميع التعليقات بإهتمام وخاصة تلك التي تضيف لمعلوماتي ، ولك مني كل الإحترام والمودة
ديدن الدول الاستعمارية العمل على ايجاد خلافات وتأجيج الفتن
الدول الاستعمارية لا تقوم لها قائمة الا بتجهيل الشعوب او اشعال الفتن واذا وجدت هذه الدول شعوبا جاهلة وفتن نائمة فإنها تعمل زيادة الجهل وايقاظ الفتن
واشعالها واختلاق غيرها بحيث تنشغل هذه الشعوب بالفتن وتغفل عن السارق
والمجرم الاول والذي يعيث في خيرات البلد فسادا.
القضية مع ايران ان الشعب الايران بثورته ضرب مصالح الغرب فبدل ان تكون ايران سوق رائجة لمصالحهم يأخذون النفط باقل الاسعار ثم يبيعون سلعهم عليها باغلى الاسعار واذا بهذه السوق تذهب من ايديهم فماذا نتوقع من الدول الاستعمارية؟
هل هذا تحليل أو حلول بطن؟
!!!!!!!!! البحرين كانت في مراحل مختلفة من التاريخ، محتلة من قبل إيران، ولم تخلص منها إلا في السبعينات من القرن الماضي إبان اعتزام انجلترا الانسحاب من الخليج، وذلك عبر الاستفتاء الشعبي الشهير على عروبة البحرين????????
الاستفتاء الشعبي وجزاء سنمّار
ما قام به شعب البحرين في الاستفتاء الشعبي قوبل بجزاء سنمّار وهل جزاء الاحسان الا الاحسان وهل يستحق شعبا صوت لعروبة البحرين ان يكافأ بهذه المكافأة؟
أنشدكم الله ان تقولوا كلمة حقّ هل يستحق شعبا طالب بان تكون البحرين دولة عربية مستقلة بأن تسلب حقوقه وفي كل يوم تعطى له تهمة الولاء لايران ويخون ويوصف بانه مجوسي وصفوي ووو وهو الذي قال كلمته باستقلال البحرين والوثائق في الامم المتحدة تثبت ذلك! عجبا أرانا الزمان فانقلب الاحسان علينا بالمعكوس واصبح الشعب محطم الرؤوس
وماربك بظلام للعبيد
هناك من سينجو وهناك من سيقع في الهاوية وربك لن يظلم حتى الكافر ان كان يستحق العدل
والشعوب واعية لكل مايحدث سواء كانت موالية فهي تعرف ماتضع نفسها فيه او معارضة وماتبعات معارضتها
الامة الإله
كثير ما نقل على النبي يحتاج لمراجعة كالاحاديث التي تتحدث عن عصمة الامة اذا اجتمعت ولوجود حديث الفرقة الناجية فان مفهوم الامة ينحصر في السلفببن لانها هي الفرقة الناجية بادعائهم و بالتالي حين تجتمع على تأييد تفجير سيارة في سوق او تجمع فان تجمعها معصوم لاينفذ له الخطأ