حين تمتدّ يد الغدر إلى الأبرياء، فاعلم أنّ عين الله تحرسهم، وإن لم يكن ذلك كذلك، فكيف تفسر نجاة الطفلة «ملالا» بعد أن أصيبت بطلقة في جمجمتها على بعد أقلّ من متر؟
تلك هي واقعة ملالا العلم، أو دعني أسميها موقعة ملالا الطفولة، حاملة لواء العلم في وادي سوات شمال باكستان في صراعها مع الجهل ضدّ حركة طالبان. وكما تلاحظون صراع متكافئ بامتياز، طرفاه: حركة طالبان، وما أدراك ما طالبان! جمع غفير في صيغة المثنّى، سيطروا على وادي سوات في شمال باكستان منذ 2009، وأصدروا فتاوى غريبة، أغربها تحريم تعليم البنات.
أمّا الطرف الثاني ففتاة في الرابعة عشرة من عمرها حباها الله من الجمال في الاسم والعقل والجسم ما جعلها مفرداً في صيغة الجمع، حيث جمعت ملالا يوسف زاي بين جمال الاسم بقوّة الرمز فيه، إذ إنّ أباها سمّاها ملالا تيمّنا باسم الشاعرة البشتونية والمقاتلة «ملالي أنّا» التي تزعّمت قوات البشتون في حربها ضدّ القوات البريطانية سنة 1880. وفيها من جمال العقل ما جعلها رمزاً وطنياً على صغر سنها، فهي تصرّ على حقها في التعلّم، وجعلت قضية تعليم المرأة قضيةً وطنيةً في باكستان، وأكدت في مدوّنتها، أن رغبتها في التعليم أقوى من خوفها من طالبان.
ولقد اشتهرت ملالا بمواقفها المناهضة لطالبان باكستان، وخصوصاً فيما يتعلّق بتحريم تعليم البنات. كما أسبغ الله عليها من جمال الوجه والهندام ما جعلها روضةً بين صويحباتها فقد كانت - كلما خرجت إلى المدرسة - ترتدي اللباس الباكستاني التقليدي بألوانه الزاهية، وتضع طرحة مطرزة على رأسها وتحرص على مرافقة صديقاتها في طريق المدرسة.
واختارت طالبان أن يكون الثلثاء الماضي موعداً لحسم المعركة، وتجنّدت أيادي الغدر لتوقف الحافلة العائدة من المدرسة، والتي تقلّ ملالا وصديقاتها، حيث أوقف مسلحان المركبة، وسألا عن ملالا، وقام أحدهما بإطلاق النار عليها، فأصاب بشكل متعمد الجمجمة برصاصة! أليس العقل هو الذي تحدّاهم؟ إذن لا يكتفون بأي موضع منها هدفاً، وإنما جاءتهم التوصيات بإصابة جمجمتها عقاباً لكل من تسوّل له نفسه أن يفكّر في مخالفة فتاوى طالبان.
حظيت قضية ملالا بدعم شعبي، وتعاطف حكومي ودولي، فقد شهدت مدن باكستانية وقفات احتجاجية تنديداً بمحاولة اغتيال ملالا، كما أدانت مختلف القوى والشخصيات السياسية والحزبية محاولة اغتيالها، فضلاً عن ذلك تسببت قضية «ملالا العلم» في غضب عالمي ظهر جلياً على مواقع التواصل الاجتماعيّ، وطالب نشطاء دوليّون في مجال حقوق الإنسان بتوفير الحماية اللازمة لملالا التي مازالت ترقد في المستشفى العسكري ببيشاور.
بل إن دولة الإمارات العربية الشقيقة أعدّت العدّة لتنقل الطفلة إلى خارج باكستان إذا أشار الأطباء بذلك.
أمّا «مجلس اتحاد السنة» الباكستاني فقد أصدر فتوى في لاهور تعتبر أن محاولة اغتيال ملالا خروج عن الدين، معتبرين أن «طالبان مضللة، ويطمس الجهل عقولها».
لكن طالبان، وفي مقابل هذا الحشد العالمي لم تكتف بتبنّي العملية، وإنما توعّدت باستهداف الفتاة ثانيةً، ما جعل عائلتها المصغّرة (شقيقيها ووالديها) في حالة هلع، إذ لا تعرف العائلة ما ستفعله لاحقاً بسبب هذه التهديدات، بل إن ملالا نفسها وحين كان عمرها 11 عاماً، كتبت في مدوّنتها تقول: «لقد حلمتُ بكابوس رهيب أمس. رأيتُ طائرات عسكريّة وحركة طالبان. لقد بدأت تراودني هذه الأحلام منذ بدء العملية العسكرية في وادي سوات. قدّمتْ لي أمّي الإفطار. وذهبتُ إلى المدرسة. لقد كنتُ أخشى الذهاب إلى المدرسة لأن حركة طالبان أصدرت قراراً بحظر جميع الفتيات من الذهاب إلى المدرسة. وفي طريقي من المدرسة إلى المنزل سمعتُ رجلاً يقول: سوف أقتلكِ. سارعتُ خطاي وعندما التفتُ ورائي كي أتأكد مما إذا كان الرجل مازال يتعقبني، اكتشفتُ بفرح أنه كان يتحدث عبر هاتفه المحمول، وأنه كان يهدد شخصاً آخر وليس أنا».
كم أنت رائعة يا «ملالا العلم»! نِلتِ جائزة باكستان الوطنية الأولى للسلام العام 2011 نظير جهودك في الدفاع عن حقوق الطالبات، كما رُشّحتِ لنيل جائزة السلام الدولية، فضلاً عن حضورك الإعلاميّ ومشاركتك في العديد من الندوات والبرامج التلفزيونية!
كم أنت شجاعة يا «ملالا الطفولة»! ستشفين؛ فالكل يدعو لك، ويصلّي من أجل عودتك سالمةً بين أهلك وصديقاتك في الصف لإتمام مسيرة نضالك. واعلمي أنّ الأبطال لا يموتون إلا في نهاية القصة، وأنت لا تزالين في بدايتها: قصة محاربة الجهل والتخلف بنور العلم.
ستبقين ملالا شمساً تشرق في ظلمات الجهل، وها قد وصلت رسالتك إلى أحرار العالم، وستكبرين وتينعين زهرة شذاها يتمايل بين قمم جبال سوات، يقول لأمراء الظلام: إنّ غداً لناظره قريب.
إقرأ أيضا لـ "سليم مصطفى بودبوس"العدد 3692 - الإثنين 15 أكتوبر 2012م الموافق 29 ذي القعدة 1433هـ
.فكر في القضية جيدا ثم تكلم على طالبان.هذه البنت رماها باكستان بنفسها ليسوغوا دليلا و حجة في شن الحرب الجديدة على مجاهدي الاسلام بعد فشلهم و هزيمتهم.
طوبى
طوبى لزمنٍ صارت فيه الأرواح تتحدى الرصاص فتزداد حياة كلما قُتِلَت
قلمٌ تجيد الكلمة اختياره
ملالا كل العالم معك
حظيت قضية ملالا بدعم شعبي، وتعاطف حكومي ودولي، فقد شهدت مدن باكستانية وقفات احتجاجية تنديداً بمحاولة اغتيال ملالا، كما أدانت مختلف القوى والشخصيات السياسية والحزبية محاولة اغتيالها، فضلاً عن ذلك تسببت قضية «ملالا العلم» في غضب عالمي ظهر جلياً على مواقع التواصل الاجتماعيّ، وطالب نشطاء دوليّون في مجال حقوق الإنسان بتوفير الحماية اللازمة لملالا التي مازالت ترقد في المستشفى العسكري ببيشاور.
ملالا ملالا
اسمها سيتحوّل إلى رمز يضمنه الشعراء أشعارهم
قصتها سيكتبها الرواة فصولا مشرقة
رائعة ملالا
كم أنت رائعة يا «ملالا العلم»! نِلتِ جائزة باكستان الوطنية الأولى للسلام العام 2011 نظير جهودك في الدفاع عن حقوق الطالبات، كما رُشّحتِ لنيل جائزة السلام الدولية، فضلاً عن حضورك الإعلاميّ ومشاركتك في العديد من الندوات والبرامج التلفزيونية!
«طالبان مضللة، ويطمس الجهل عقولها
نرجو من هذه الجماعة مراعاة الإسلام في بعده الإنساني
ملالا
مقال ممتاز يقدم تحليلا سياسيا واقعيا و رائعا على يسر لغته وبساطة تعامله مع المتقبل
مع تمنياتي بمزيد التوفيق والتألق
ملالا العلم... ملالا الطفولة... عين الله تحرسك
عنوان جميل ومعبر
ندعو جميعا الله لحمايتها
ملالا شمس
ستبقين ملالا شمساً تشرق في ظلمات الجهل، وها قد وصلت رسالتك إلى أحرار العالم، وستكبرين وتينعين زهرة شذاها يتمايل بين قمم جبال سوات، يقول لأمراء الظلام: إنّ غداً لناظره قريب.
مثال رائع
امثلة كثيرة لملالا في عالمنا العربي ولكنها قوبلت باغتيال طفولتها
اتمنى لها الشفاء العاجل
اجمل ما شاهدته هو ملايين الاطفال في مختلف المدارس يدعون لها بالشفاء لقد كانت لحظة مدللة وغنية بالمشاعر و الحب و الرأفة عكس تلك الجماعة الباغية التي استهدفتها اذ ان تلك الجماعة هدفها تجهيل الامة و السبات و الدمار
مقال رائع
مقالك رائع استاذي الفاضل
وسوف تستمر انتصارات العلم على الجهل و الضلال
رائعة ملالا
شكرا صاحب المقال
وفقت في اختيارك