تنتج المرأةُ الريفية حصةً كبيرة من الغذاء في العالم، كما أنها تعتني بالبيئةِ وتساهمُ في خفضِ مخاطر الكوارث في مجتمعاتها المحلية. وهي مع ذلك لاتزالُ تعاني من أوجهِ حرمانٍ وتمييز تمنعها من تحقيقِ كامل إمكاناتها. فالواقعُ اليومي للكثير والكثير من الريفيات يعكس حياةً لا يمتلكن فيها الأرضَ التي يزرعنها، حياةً يعشنها محروماتٍ من الخدمات المالية التي يمكن أن تنتشلَهُن من براثنِ الفقر غيرَ مطمئنات إلى إمكانية حصولِهن على القدر الأساسي من التغذية والخدمات الصحية والمنافع مثل المياه النقية والمرافق الصحية. وتنوء كواهلُ الريفيات بأعباء الرعايةِ غير مدفوعة الأجر التي يوفرنها والتي تحولُ دون حصولهِن على العملِ ذي الأجر اللائق.

إن تمكينَ الريفيات لهو أمرٌ أساسي إذا أريد لنا القضاء على الجوع والفقر. ونحن، بحرماننا النساءَ من الحقوق والفرص، نحرمُ أطفالَهن ومجتمعاتِهن من التمتع بمستقبل أفضل. وهذا ما دفع الأممَ المتحدة في الآونة الأخيرة إلى أن تطلقَ برنامجاً مشتركاً بين هيئة الأمم المتحدة للمرأة والمنظماتِ الثلاث المعنية بالغذاء والزراعة الكائنة مقارُها في روما بهدف تمكينِ المرأة الريفية وتعزيزِ الأمن الغذائي. وسيتعاون القائمون على البرنامج مع الريفيات من أجل إزالةِ العوائق التي يُواجهْنها وتعزيز مهاراتِهن كمنتجاتٍ وقائداتٍ ومشتغلاتٍ بالمشاريع الحرة.

وعندما يتحسن الأمنُ الغذائي والتغذوي، تزداد الفرصُ السانحة للريفيات للالتحاقِ بالعملِ اللائق وكسب ما يمكِّنهُن من سد احتياجات أطفالِهن من خدمات التعليم والرعاية الصحية. وإذا ما توافرت لهن الفرصُ المتكافئة للوصول إلى الأراضي والائتمانِ والمواردِ المنتِجة، فسيكون بإمكانهن زيادة إنتاجيتِهن وبيع سلعِهن. وهن، إذا كُنّ عضواتٍ في المجتمع متساوياتٍ مع سائر أفراده، سيستطِعن التعبيرَ عن أنفسهن كصانعات للقرار والمضي قدماً بالتنمية المستدامة.

إن إدراكَ العالم للدور الحيوي الذي تضطلع به المرأةُ في بناءِ السلام والعدالة والديمقراطية آخذٌ في التنامي. وقد آن لنا، ونحن نقتربُ من الأجلِ المحدد لتحقيق الأهداف الإنمائية للألفية الذي يحل في العام 2015، أن نستثمرَ المزيد من أجل النهوض بالمرأة الريفية وحمايةِ حقوقها وتحسين وضعِها. وإنني، في احتفالنا بهذا اليوم الدولي (15 أكتوبر/ تشرين الأول)، أدعو جميع الشركاء إلى دعم المرأة الريفية والاستماع إلى آرائها وأفكارها وإلى ضمان استجابة السياساتِ لاحتياجاتها ومطالبها. دعونا نبذل ما في وسعنا لتمكينِها من تحقيق إمكاناتها حتى تعُمَّ الفائدةُ على الجميع.