انطلقت صباح يوم أمس الاثنين (15 أكتوبر/ تشرين الأول لعام 2012) أعمال «منتدى الطاقة المتجددة 2012» والذي يهدف إلى تقديم استراتيجية طاقة خضراء لمملكة البحرين وذلك تحت رعاية الممثل الشخصي لجلالة الملك ورئيس الهيئة العامة لحماية الثروة البحرية والبيئة والحياة الفطرية سمو الشيخ عبدالله بن حمد آل خليفة، إذ من المزمع أن يستمر المنتدى حتى يوم غد (الأربعاء).
يأتي المنتدى بتنظيم من مركز البحرين للدراسات الاستراتيجية والدولية والطاقة «دراسات» بالتعاون مع جامعة فلنسبرغ الألمانية للعلوم التطبيقية وجامعة المملكة بمملكة البحرين، إذ حضر في يومه الأول زهاء 150 مشاركا، ومن المزمع أن يتحدث ويحاضر فيه 14 خبيرا وأكاديميا على مدى الثلاثة الأيام المخصصة للمنتدى.
ومن جانبه، ألقى مستشار جلالة الملك للشئون الدبلوماسية ورئيس مجلس أمناء مركز البحرين للدراسات الاستراتيجية والدولية والطاقة محمد عبدالغفار كلمة الافتتاح، والتي أشار فيها إلى أن أمن واستدامة الطاقة يمثل بعدا استراتيجيا يساهم في الحفاظ على الإنسانية وأن العلماء والخبراء الاستراتيجيين والسياسيين يسعون بلا كلل ولا ملل لاستحداث وسائل للطاقة المستدامة والتي يؤمل أن تتفوق على الحلول والأساليب الحالية، مشيرا إلى أن من بين أحد هذه الحلول ما يعرف باسم «الطاقة الخضراء» وهو مصدر للطاقة يرتكز على الموارد المتجددة التي لا تنضب والتي سوف تحل محل، أو على الأقل، تعمل بالتوازي مع الوقود الأحفوري.
وقال: «إن مصطلح الطاقة الخضراء، يشير إلى كل ما يمكن اعتباره مصدرا نظيفاً للطاقة والتي أصبحت واحدة من القضايا الرئيسية التي يسعى العالم للحصول عليها وتطويرها لأكثر من عقد من الزمان»، لافتا إلى أن العقبة الرئيسة أمام حجم الاستثمار في رأس المال والوقت والجهد، للحصول عليها في ظل الأزمة المالية العالمية يكمن في الحاجة لتمويل مثل هذه البحوث لمواكبة التقدم التكنولوجي في هذا المجال. ورأى ان من بين التحديات الرئيسية التي تواجهنا في القرن الحادي والعشرين قضية التنمية المستدامة، لافتا إلى دول في العالم أنشأت العديد من المصانع التجريبية في مجال الطاقة المتجددة في منطقة الخليج العربي إلاّ أن مساهمتها الإجمالية في توليد الطاقة المتجددة بحاجة للتطوير، مشيرا إلى أنه ومع هذا فإن هنالك ظروفا جديدة في المنطقة تدفع باتجاه العمل على إنتاج وتطوير الطاقة المتجددة، مستشهدا بتوقيع مملكة البحرين، في الآونة الأخيرة، عقدا بإنشاء محطة للطاقة الشمسية تبلغ قوته 5 ميغاواط، وعزم المملكة العربية السعودية بناء أكبر مصنع تحلية مياه يعمل بالطاقة الشمسية في العالم.
وقال: «من المنظور الاستراتيجي، فان إمكانات الطاقة المتجددة توفر فرص عمل كبيرة للصناعات الصغيرة والمتوسطة الحجم والشركات، وتخلق المئات من فرص العمل الجديدة ومع ذلك، فان تحقيق هذه الصناعة يتطلب المزيد من الاستثمارات في مشاريع البحث والتنمية ولا يمكن المضي فيها قدما بنجاح دون إطار شامل يشمل تنظيم الدعم وتوفير الحوافز، وتحديد أهداف كفاءة الطاقة وتحسين الوعي لدى المستهلك». وأمل أن يتوصل المنتدى إلى توصيات تحدد الجوانب الاقتصادية والتشريعية والتقنية المطلوبة للبحرين للمضي قدما في اعتماد استراتيجية للطاقة الخضراء.
ومن جانبه، رأى وزير الدولة لشئون الكهرباء والماء عبدالحسين ميرزا أن من أكبر التحديات التي تواجه البحرين ودول مجلس التعاون الأخرى، هو الإمدادات المناسبة للطاقة على المدى البعيد التي تضمن تنمية مستدامة ونمواً اقتصادياً متواصلاً في هذه المنطقة وأن هذا التحدي يحدث في عالم يعاني من نتائج التغيير المناخي والانحباس الحراري.
وبين أن الحل الأمثل الذي يقلل من اعتماد مجتمعاتنا على الوقود الأحفوري من خلال إنتاج الكهرباء من مصادر الطاقة النظيفة المتوفرة، مشيرا إلى أن للبحرين إستراتيجية طويلة الأمد تبنتها تماشياً مع الرؤية الاقتصادية حتى العام 2030، تركز على تقديم حوافز لخفض وإدارة الطلب على الطاقة في البحرين، والاستثمار في التقنيات النظيفة (الخضراء) وتشجيع معايير البناء لضمان التحكم في استمرارية وتلبية الطلب على الطاقة.
وقال: «الإحصاءات الأخيرة الصادرة عن «أبيكورب» – الذراع الاستثمارية لمنظمة الدول العربية المصدرة للنفط (الأوابك) – تشير إلى أن الاستثمار في الطاقة في منطقة الشرق الأوسط وشمالي إفريقيا (مينا) للفترة من 2013 إلى 2017، ستصل إلى ما يقارب 740 مليار دولار. ومن هذا الرقم، سيخصص ثلثه أو نحو 250 مليار دولار لقطاع توليد الطاقة ونقلها ويتوقع أن ينمو الطلب على الطاقة في منطقة مينا بنسبة 7 في المئة تقريباً، ما يؤدي إلى إضافة 124 غيغاوات إلى مستويات الوقت الراهن». وأشار إلى أن دول مجلس التعاون الخليجي التي تخلصت نسبياً من الأحداث التي شهدتها المنطقة خلال السنتين الماضيتين منذ أحداث ما يسمى بالربيع العربي، فقد أظهرت أعلى نمو نسبته 43 في المئة من الاستثمار في منطقة مينا بأسرها.
وتحدث بإيجاز عن المصادر المتجددة، لافتا إلى أن الإحصاءات المهمة التي صدرت مؤخراً عن مدرسة فرانكفورت – مركز التعاون التابع لبرنامج الأمم المتحدة البيئي، تشير إلى ما يلي:
1 - ان الاستثمارات العالمية في الطاقة المتجددة ارتفعت بنسبة عالية بلغت 17 في المئة خلال العام 2011 لتبلغ 257 مليار دولار.
2 - ان 35 في المئة من هذا الاستثمار حدث في الاقتصادات النامية، إلا أن التقرير يشير كذلك إلى أن منطقة مينا تخلفت عن بعض الاقتصادات النامية الأخرى، نتيجة لعدم اليقين الناشئ عن الأحداث الاجتماعية والسياسية التي شهدتها المنطقة.
3 - ان نصيب الأسد من الاستثمار كان في الطاقة الشمسية وطاقة الرياح.
وفي سياق ذي صلة تحدث عن مبادرات مملكة البحرين في هذا الصدد والتي منها:
1 - احتفال مملكة البحرين هذا العام بالذكرى السنوية الثمانين على أول اكتشاف للنفط في منطقة الخليج العربي في العام 1932. وحتى الآن، لاتزال موارد حكومة البحرين معتمدة بشكل كبير على النفط والغاز الطبيعي، إلا أن البلاد تساعد كذلك على الانطلاق نحو مستقبل الطاقة المتجددة والرؤية الاقتصادية حتى العام 2030 تشكل دافعاً اقتصادياً وتشجع على إيجاد فرص تجارية ووظيفية جديدة للمواطنين، وقد قامت البحرين بتركيب أول توربينات تعمل بطاقة الرياح في مبنى تجاري هو مركز البحرين التجاري العالمي.
2 - نفذت هيئة الكهرباء والماء مشروعاً مع شركة استشارية ألمانية (Fitchner) لدراسة إنشاء محطة لتوليد 5 ميغاوات بالطاقة الشمسية وطاقة الرياح يكون موقعها في المياه الإقليمية لمملكة البحرين. وقد تمت دراسة كثير من الجوانب التصميمية والعملية للمشروع، وستتخذ قريباً خطوات خلال شهرين (مطلع العام 2013) لطرح المحطة بكاملها في المناقصة.
3 - وقعت الهيئة الوطنية للنفط والغاز بالاشتراك مع شركة نفط البحرين (بابكو) اتفاقية مع شركة «بتروسولار» الأميركية لتركيب محطة تجريبية بطاقة 5 ميغاوات، يتم تركيبها أساساً في العوالي لإنتاج الكهرباء بالطاقة الشمسية.
4 - يجري العمل على دراسة مبادرة بالاشتراك مع برنامج الأمم المتحدة الإنمائي وعدد من أصحاب الشأن الرئيسيين على إنشاء مركز للطاقة المستدامة لمعالجة أهم قضايا المحافظة على الطاقة والطاقة المتجددة في البحرين. وتنصب الدراسة على هذا الموضوع في الوقت الراهن لوضع الهياكل الفعلية والقانونية التي تتيح تأسيس هذا المركز ليعمل بكفاءة ويبدأ وظيفته ومسئولياته فوراً. وبالعودة لتفاصيل المنتدى فمن المزمع أن يستعرض القضايا المتعلقة بالطاقة المتجددة كمصدر بديل لتوليد الطاقة بمملكة البحرين بنظرة متعمقة تشمل الجوانب التقنية والاقتصادية والتشريعية ويناقش المنتدى الوضع الحالي لاستخدامات الطاقة المتجددة بمملكة البحرين وتتخلله ورش عمل ستسعى لحصر المقترحات والتوصيات وتحويلها إلى خريطة طريق عملية يمكنها أن تسهم في تكثيف الاعتماد على مصادر الطاقة المتجددة كمصدر استراتيجي للطاقة في البلاد بما يخدم تطلعاتها التنموية المستقبلية في المجالات الصناعية والاقتصادية والبيئية، إذ من المزمع أن يتناول في يومه الأول والثاني عددا من المحاور منها الاستخدامات الحالية للطاقة المتجددة والعقبات التي تواجه مشاريع الطاقة المتجددة وبحث سبل تجاوزها، كما يركز محور آخر على أهمية الطاقة المتجددة لمستقبل المنطقة وعرض الإمكانات المتاحة لدول الخليج العربي لتكثيف الاعتماد على الطاقة الخضراء، ودور القطاع الخاص في دعم استخدامات الطاقة المتجددة: تركيا نموذجا، إضافة إلى محور يقارن بين جدوى استخدامات الطاقة المتجددة مقابل الطاقة النووية. ويختص اليوم الثالث للمنتدى بورش عمل تسعى لتطوير استراتيجية للطاقة المتجددة بمملكة البحرين.
العدد 3692 - الإثنين 15 أكتوبر 2012م الموافق 29 ذي القعدة 1433هـ