قبل أيام شدني خبر نقلته وكالات أنباء عالمية عن نجاة الطفلة الباكستانية «ملالا يوسف زاي»، وهي ناشطة في الدفاع عن حقوق الأطفال وتبلغ 14 سنة، من محاولة اغتيال بسبب مناهضتها لـحركة «طالبان» المتطرفة، بعدما أطلق عليها مسلحون تابعون للحركة الباكستانية النار فأصابوها في رأسها.
عُرفت «ملالا» بنشاطها وشنِّها حملات تأييد لحق الفتيات في التعليم في وادي سوات الذي كان يسيطر عليه المسلحون المتشددون. علاوة على ذلك، فقد نشأت في بيئة تربوية منفتحة على الحراك الحقوقي، فوالدها «يوسف زاي» ناشط مناهض لطالبان معروف في المنطقة، وهو يترأس رابطة من 500 مدرسة خاصة في وادي سوات.
إذاً، فالسبب المباشر لمحاولة الاغتيال هو النشاط المفرط لـ»ملالا» وأبيها «يوسف زاي» في إزالة غبار التخلّف وتنمية الوعي بأهمية حق التعليم تحت وطأة الاستبداد السياسي والنظام الاجتماعي المتهالك، فلم يرق لطالبان وانتفاخها الطاووسي الناتج عن خواء معرفي وديني وأخلاقي وإنساني و... باعتبارها الجهة الشرعية الوحيدة التي تمثِّل الله على الأرض أن تعيش هذه الطفلة ولو للحظة واحدة على قيد الحياة.
إن «ملالا» كغيرها من البنات اللاتي شغفن بالمعرفة، وانفتحن على الإعلام الجديد ولكن من منظور حقوقي تربوي، فقد كشفت منذ ثلاث سنوات في مدونة على «BBC» عن الفظاعات التي ترتكبها حركة «طالبان» أثناء سيطرتها على وادي سوات، فقد كانت عناصر الحركة بقيادة رجل الدين المتشدد مولانا فضل الله يحرقون مدارس الفتيات ويروّعون الوادي.
لقيت حملة «ملالا» صدىً كبيراً لدى عشرات الآلاف من الفتيات اللواتي تعرضن للانتهاك على مستوى حقهن في التعليم في شمال غرب باكستان من قبل الجماعات الإسلامية المتشددة، التي كانت تتابع باهتمام بالغ نشاط الفتاة «ملالا» الحائزة في العام الماضي 2011 على أول جائزة للسلام الوطني من الحكومة الباكستانية.
كما ذُكر اسمها في 2011 بين المرشحين لجائزة السلام الدولية للأطفال التي تمنحها لمؤسسة «كيدس رايتس»، وهو ما جعل الأمين العام للأمم المتحدة بان كي مون غاضباً جداً من الحادثة المؤسفة التي وقعت، فقد عبَّر في بيان له عن تأثره بشدة بجهود «ملالا» الشجاعة للدفاع عن الحق في التعليم، بينما وصف الرئيس الأميركي باراك أوباما الهجوم بأنه وحشي وجبان.
ما يزيد الطين بلة، ويؤكد تخلّف هذه الحركة هو تبنيها استراتيجية العنف ضد المناوئين لها وخصوصاً النساء، فها هم ـ وعن غير وجه ـ يسرقون، بل ويصادرون حلم الأطفال وحقهم في التعليم، لدرجة أن المتحدث باسم «طالبان» إنشاء الله إحسان ذكر لوكالة «فرانس برس» أن «الجماعة الإسلامية نفذت الهجوم بعد أن حذرت (ملالا) مراراً وطلبت منها التوقف عن الحديث ضدهم، وإنها فتاة ذات عقلية غربية، ودائماً ما تتحدث ضدنا، وسنستهدف أي شخص يتحدث ضد طالبان».
من المؤكد بأن ما حدث له ارتدادات خطيرة جداً، فكما يقول أحمد شاه الذي يترأس شبكة مدارس محلية هناك «إن هذا الهجوم يعني أن مدارسنا لم تعد أماكن آمنة، وإن أولادنا ليسوا في أمان، وإننا بحاجة للأمن، وقد فشلت الحكومة تماماً في حماية الطلبة».
اللافت أن هذا الحادث يأتي تزامناً مع احتفال العالم باليوم الدولي للفتاة، وما تتعرض له البنات من تمييز وعنف وسوء معاملة كل يوم في جميع أنحاء العالم، وهو الدافع إلى إعلان 11 أكتوبر/ تشرين الأول يوماً دولياً للفتاة؛ ليكون يوماً جديداً يُحتفى به على الصعيد العالمي لتسليط الضوء على أهمية تمكين الفتاة وضمان تمتعها بحقوق الإنسان.
حتى اللحظة لا يُعلم مصير «ملالا»، فالحادثة وقعت يوم الثلثاء الماضي (9 أكتوبر)، وطبقاً لتصريح أحد الأطباء المتابعين لوضعها الصحي فإن حالتها حرجة، فقد انتقلت الرصاصة من رأسها واستقرت خلف كتفها قرب الرقبة، وأن الأيام الثلاثة أو الأربعة المقبلة مهمة بالنسبة لحياتها، فهي في وحدة العناية المركزة وشبه غائبة عن الوعي.
ما غاب عن فكر هؤلاء ـ إن كان لهم عقل ـ وهم يحلمون بالنعيم المقيم يوم القيامة، كيف بهكذا أعمال يريدون مجاورة الله في دار قدسه؟! هيهاتَ... لا يُخدع الله عن جنته.
إقرأ أيضا لـ "فاضل حبيب"العدد 3690 - السبت 13 أكتوبر 2012م الموافق 27 ذي القعدة 1433هـ
أنظروا إلى أسمائهم
فضل الله
ما شاء الله إحسان
استغفر الله ، أسمائهم عار عليهم...
'طالبان وزبالة التايخ
المسألة هي الوقت وسيعاني العالم من هذا الوباء الي ان يكتب الله بمحقه...احسنت يا ابن حبيب علي هذه الأعمدة المرهفة...