كثيراً ما تكون وسائل الإعلام هي مصدر الأخبار، حيث تخلق ما يفترض المشاهدون والقرّاء أنه رأي عام شامل، يتم استيعابه ثم التعبير عنه من قبل الجمهور العام. ولكن ماذا لو لم يكن هذا هو الحال؟ ماذا لو ظهرت التقارير الإخبارية والصور، بدلاً من ذلك، من الأرض إلى الأعلى وتم تصميمها للمساعدة على تعميق معرفتنا بهؤلاء الذين يختلفون عنا؟

يمكن للمضمون ذي النوعية العالية الذي يوجده أناس لا يملكون باستثناء ذلك سوى قوة محدودة وتأثير قليل أن يحقق التغيير. يوفر الوصول إلى القصص الإنسانية الحقيقية للجمهور الفرصة لرؤية العالم من منظور مختلف، ويعزّز الفهم عبر خطوط يمكن أن تفرّقنا لولا ذلك.

بنيت المنظمة التي أديرها واسمها «لكل شخص قصة» على هذه النظرية. أداؤنا هي السينما، ومركبتنا هي الوسائل الاجتماعية والإعلامية المستعدة للاستفادة من المضمون من مصادر جديدة على مستوى الجذور.

يركز عملنا مع مجتمعات مهمّشة عالمياً على استخدام التصوير الفوتوغرافي لمساعدة الأفراد على الإمساك بالأفكار الأساسية من خلال الصور، التي يتم بعد ذلك التشارك فيها بشكل واسع من خلال شبكات الإعلام، حتى يتسنى للآخرين توسيع فهمهم لهؤلاء الذين يبدو أنهم «الآخر».

يرشد هذا العمل أسئلة مثل، ما هو شكل الأسرة في يوغندا مقارنةً بالبرازيل؟ ما الذي يعتبر فكاهياً في رواندا مقارنة بهاييتي؟ ما هو شكل الخوف في لير بجنوب السودان مقارنةً ببوسطن، مساتشوسيتس؟ أو البراءة أو الألم أو التعليم أو التغذية؟ تمارين التصوير مهيأة نحو فتح أذهان المشاركين ليسردوا قصص حياتهم اليومية بأسلوب شامل لجمهور من خلفيات وجنسيات وأعراق متنوعة.

يشكّل هذا التشارك الأسلوب الذي من خلاله يستطيع الأفراد من ثقافات مختلفة اكتساب فهمٍ، بل وحتى تقديرٍ لبعضهم بعضاً. لأجل الجميع، يتوجب علينا أن نعمل للتغلب على الحواجز والمعوقات التي بقيت ولفترة طويلة بين هؤلاء من جنسيات مختلفة وخلفيات متباينة.

شاركْتُ مؤخراً من خلال عملي مع «لكل شخص قصة» في قمة نكسس العالمية للشباب التي نظمتها منظمة تحويل النزاع العالمية «البحث عن أرضية مشتركة»، التي ربطت مجموعتين نادراً ما تتفاعلان: صانعو أعمال الخير وخبراء الأثر الاجتماعي. يركّز خبراء الأثر الاجتماعي هؤلاء على التغيير الاجتماعي الإيجابي لتحسين معايير المعيشة وتشجيع الفهم حول العالم.

قضينا معاً أربعة أيام نبحث عن جواب للسؤال: كيف تستطيع مضاعفة قوة مواردنا المالية والفكرية والاجتماعية وربط جماعة متنوعة الأفراد من الناس لأجل الصالح العام؟

لدى كل مشارك في قمة «نكسس» فكرة أو اهتمام بفعل الخير، بشكل فوري أو على المدى البعيد. نؤمن كصانعي خير ومبدعين أنه يتوجب علينا دمج جهودنا لتحقيق أقصى أثر ممكن. سيتمكن هؤلاء الذين يعملون لإيجاد تغيير اجتماعي، من خلال كشف وبحث الاقتصادات والفشل على حد سواء في مناسبات مثل قمة «نكسس»، من تكرار النجاحات والتعلم من أخطاء الآخرين، ما يعني أن الفائدة للمجتمعات المستفيدة سوى تتضاعف.

قام المشاركون بإنشاء علاقات وإجراء عصف ذهني حول الأفكار وطوّروا خططاً للتعاون. كان أحد مواضيع البحث الرئيسية فكرة أنه من خلال العمل لتشجيع التغيير في المجتمعات المهمشة، فإن الصور الحقيقية والقصص الإخبارية من ضحايا الصعوبات البيئية أو الاجتماعية، إضافةً إلى المستفيدين من جهود التمكين الاجتماعي هي أمور حاسمة. وحتى يتسنى معرفة أفضل السبل لرعاية التغيير الاجتماعي الإيجابي، فإن سماع قصص هؤلاء المشاركين أمر حاسم.

قابلت عاكف أحمد في «نكسس»، وهو نائب الرئيس والمؤسس المشارك لمركز «كونفيرجنس»، مركز حل السياسة، الذي يطبق أسالب بناء الإجماع في حل التحديات التي تواجه السياسة. يركّز أحد مشاريعهم الأخيرة على العلاقات بين الولايات المتحدة وباكستان، وجمع القادة من الجانبين معاً للحوار.

هذا العمل ثمين إلى درجة كبيرة، ولكن المنظمة تعلم أن هذا التجاوب يجب أن يشعّ ليصل إلى الجمهور العام من أجل تحقيق التغيير الحقيقي. يتوجب على منظمات كهذه، أن تضاعف قوة أصوات هؤلاء المشاركين للوصول إلى المزيد من الناس على الجانبين. بدأنا بفضل «نكسس» الحوار حول كيف يمكن تحقيق هذا الهدف على أفضل مستوى، مضاعفين عمل «لكل شخص قصة» باستخدام التصوير والإعلام.

أثبتت كل من «لكل شخص قصة» و «نكسس» قوة جسر الفجوات والمبادرة بالحوار، بغض النظر عما إذا كان بين الناس في مجالات مختلفة أو ما ثقافات مختلفة. نستطيع من خلال إبراز هذه القصص إلى جماهير أكثر اتساعاً أن نفتح الحوار وأن نبني الجسور.