وصف إمام وخطيب جامع الإمام الصادق (ع) في الدراز، الشيخ عيسى قاسم، الحراك السياسي في البحرين بأنه حراك «سلمي»، و«صوت إصلاحي مخلص»، معتبراً أن «الحراك الشعبي في البحرين أعطى مثلاً عالياً في الالتزام بالسلمية رغم بطش السلطة، وهذا ما سيبقى عليه الحراك السياسي لهذا الشعب، وما ينبغي أن يصر عليه، على رغم محاولات جر الساحة لصراع دموي واسع، علها تجد من خلاله مفلتاً عن الاستحقاقات السياسية المستوجبة عليها». وشدد قاسم على التزام منبر الجمعة بالدعوة إلى «السلمية والاعتراف بحق الشعب في مطالبه العادلة واستمراره في حراكه السلمي حتى تحقيق هذه المطالب... وخندقنا خندق مطالب الشعب ونداء الإصلاح الجدي والأسلوب السلمي الدائم».

وذكر قاسم، في خطبته أمس الجمعة (12 أكتوبر/ تشرين الأول 2012)، أن الحراك السياسي السلمي في البحرين يطرح ويطلب «دستوراً لا يلغي إرادة الشعب، وإنما عليه أن يعترف بها ويأخذ بها، دوائر انتخابية عادلة لا تفرق بين مواطنٍ وآخر، مجلس نيابي تنتجه عملية انتخابية نزيهة ويتمتع بكامل الصلاحيات الثابتة للمجالس النيابية الحقيقية في العالم».

وأضاف أن الحراك السياسي يطلب «حكومة منتخبة، قضاء نزيهاً غير مسيس لا يفرض على الإرادة الشعبية فرضاً ليضادها، مساواة تامة بين المواطنين بلا مائزٍ إلا مائز الكفاءة والأمانة في كل مواقع التوظيف وأجهزة الدولة».

وقال: إن «من يسمح له إنصافه من شعوب الدنيا من شعوب الأمة الإسلامية والمنطقة العربية والمنطقة الخليجية أن ينكر على شعب البحرين هذه المطالبة؟ أن يستكثرها عليه؟ هل من شعبٍ من كل هذه الشعوب ينكر هذه المطالبة على نفسه؟ يستكثرها عليها؟ أو أن شعب البحرين هو الوحيد من بين شعوب الدنيا، الذي لا يحق له أن يطالب بحريته وكرامته وحقوقه؟ هل ماهيته من غير ماهية الإنسان؟ هل حقيقته غير آدمية؟ أو أنه مستوى خاص هابط من بين كل بني آدم؟». مؤكداً أن «شعب البحرين واحد من شعوب الدنيا التي يتساوى معها إنسانية وكرامة ويحق له ما يحق لها من عزةٍ وحريةٍ وكرامة، وأن يتمتع بحقوقه كاملة في علاقته مع أية حكومة».

ورأى أن «السلطة في البحرين تمارس العنف في حق الشعب المطالب بحقوقه، التي ليس لأحدٍ أن ينكرها عليه، وهذا الوضع الظالم يمثل لها إحراجاً أمام العالم والمنظمات الحقوقية والمحافل الدولية التي تأتي فيها مناقشة لقضية البحرين».

وتابع «الدولة محتاجة جدا إلى أن تبحث عن مبررٍ لممارستها العنف المفرط في مواجهة المطالب الشعبية العادلة; ولذلك تسلك عدة طرقٍ في بحثها عن هذا المبرر... الكذب الإعلامي، ربط الحراك الشعبي العادل بالتآمر مع الخارج، التقوّل على العلماء والرموز السياسيين والجمعيات السياسية بالدعوة إلى العنف، على رغم التأكيد الصريح والمتكرر من كل هؤلاء على الدعوة إلى الأسلوب السلمي للحراك وعدم تجاوزه».

واستطرد قاسم «وتأتي في هذا السياق عملية التحريف المعنوي واقتطاع كلمةٍ أو جملةٍ من سياقها، لتعطي معنى مغايراً لمعناها حسب السياق ليصب في مهمة التحريف والتشويه التي تستهدف طبيعة الحراك وسلميته، وأية شخصيةٍ أو جهةٍ تقف مع أحقانيته».

وأردف قائلا: إن «هذه المهمة تعمد إلى أن تنسب زورا الدعوة إلى العنف والإرهاب إلى هذا الفرد أو تلك الجهة من غير تورعٍ ولا وخزة ضمير... تقتطع كلمة «اسحقوه» من سياقها الذي ينصب على الدفاع المشروع عن العرض، لترفع وحدها في الإعلام الرسمي وعلى لسان المسئولين الحكوميين، وبصورةٍ متكررةٍ ومركزةٍ لغش الرأي العام المحلي والخارجي من دون خجلٍ من الكذب الفاضح المكشوف، هذا مع سقوط العدد الكبير من ضحايا وشهداء من أبناء الشعب على يد قوات الأمن، والمبرر في لسان السلطة دائماً بدعوى الدفاع عن النفس!

هناك دفاع عن النفس جائز وواجب وهو قتل ابتدائي، بينما هنا إذا كانت دعوة إلى الدفاع عن العرض كان هذا إرهاباً».

وقال: «أنا أسأل أي وزير، أي مسئول، أي عالم، أي صحافي... لو لا سمح الله اعتدى معتدٍ على عرضه ماذا سيفعل؟ أيها الوزير هل تسمح لأحدٍ أن يدنو عرضك سوء؟ ... أجب!».

واعتبر أن «السلطة ترفع من مستوى العنف في تعاملها مع الحراك الشعبي بين حينٍ وآخر بالصورة التي ترجو لها أن تحرك عنفاً في الشارع تتخذ منه ذريعة لتصفية الحراك وبضربةٍ قاضية. ومن أمنية السلطة أن تصدر عن مؤسسةٍ سياسيةٍ مناصرةٍ للشعب أو عالمٍ يقف مع مطالبه دعوة للعنف تحقق لها غرضها في توجيه ضربةٍ أمنيةٍ قاصمة، تكسر ظهر المعارضة ويسهل تبريرها، وهذه الدعوة لن تصدر عن مؤسسةٍ ولا عالمٍ ولا أي منبرٍ من منابر الجمعة والجماعة المناصرة لحق الشعب في التغيير والإصلاح».

وقال قاسم: «وعني شخصيّاً يستحيل أن أدعو إلى العنف أو أشير به؛ فإن لي من ديني رادعاً من التساهل في دم المسلم وعموم الناس، ومن بعد ذلك حبي هذا الوطن العزيز وحرصي على أمانه وسلامة إنسانه ما يكفني عن ذلك».

وفي سياق خطبته؛ قال قاسم إن: «التهديد بإيقاف صلاة الجمعة بالقوة؛ فإننا لا نناقش في أن السلطة تملك القوة الكافية لهذا الأمر وكذلك الإرادة السيئة، وعدم التورع الديني عن هذا الفعل، السلطة قادرة على أن تمنع كل صلوات الجماعة والجمعة بقوة الجند والسلاح، لكن المؤكد أن ذلك لا يمكن أن يطول أو أن يسكت صوت الشعب المطالب بحقه في الإصلاح الحقيقي (...)».

وأكد أنه «لن ينقص الشعب الوعي السياسي ولا العزم والإرادة والتصميم على نيل حقوقه الكاملة بالطريقة السلمية، أن يغلق جامع أو أن تلغى حرية التعبير لفردٍ أو مؤسسةٍ أو أكثر، وماذا لو سكت هذا الخطيب أو ذاك أو وافاه الأجل اليوم، هل سينتهي الحراك الشعبي؟ هل سيتراجع الناس عن مطالبهم؟ هل سينخفض سقف المطالب؟ هل سيعود الناس إلى بيوتهم صفر اليدين بخفي حنين؟».

القطان: لن تتحقق الوحدة الإسلامية دون تحقيق مقوماتها وإيجاد أركانها

من جانبه، قال إمام وخطيب جامع مركز أحمد الفاتح الإسلامي الشيخ عدنان القطان إن الوحدة الإسلامية لن تتم دون أن «نحقق مقوماتها ونوجد أركانها، ومنها: تصحيح المنهج والمسار والسير على هدي سيد الأبرار، وحب الصالحين الأخيار»، مستشهداً في خطبته يوم أمس الجمعة (12 أكتوبر/ تشرين الأول 2012)، بالوحدة التي يكون عليها المسلمون في موسم الحج.

وذكر القطان أن «هذا واقع المسلمين لما تفرّقوا، تأمّل أحوالهم، وقد تبدّد شملهم، تفرّق جمعهم، تباين أمرهم، اختلفت آراؤهم، تنافرت قلوبهم، تمزّقت ألفتهم، خمدت نارهم، وركدت ريحهم، بل أصبحوا غثاء كغثاء السيل، كما أخبر الصادق المصدوق (ص)، وأفظع من هذا وأعظم؛ أن ترى في بعض البلاد الدماء الجارية من أجساد المسلمين الطاهرة بأيد مسلمة».

و»بكل حيرة وعجب» تساءل: «أيَقتل المسلم أخاه المسلم بلا سبب؟ هذا الذي كان يمتنع حال إحرامه عن قتل الصيد في الحرم، بل عن تنفيره وإثارته، وهناك تراه يسعى لقتل أخيه وإبادته، دون وازع من دينه، أو رادع من إيمانه وعبادته».

وتحدث القطان في خطبته عن الحج، مبيناً أن «المتأمل في أعمال الحج يستلهم دروساً خالدة، ومعاني سامقة، منها: أن المسلم يتعود في الحج الاستسلام لله رب العالمين، والاستجابة والخضوع له والطاعة».

وأشار إلى أن «من معاني الحج العظيمة: وحدة المسلمين واجتماع كلمتهم، يجتمعون في مكان واحد، وفي زمن واحد، على تباعد ديارهم، وتباين ألوانهم، واختلاف ألسنتهم، تجردوا من ثياب الزينة، وطهّروا قلوبهم من الضغينة».

وأفاد «إن الناظر إلى أرض الحرمين في موسم الحج يرى عجباً، ويزداد لوعةً وشوقاً، وهو يتأمل مواكب الإيمان، وقوافل عباد الرحمن، جاءوا عن رغبة وطواعية، ألسنتهم تلهج داعية، وأعينهم باكية، تسأل الله الرحمة والعافية، هديرهم تكبير، حديثهم تسبيح، نداؤهم تلبية، دعاؤهم تهليل، مشيهم عبادة، زحفهم صلاة، سفرهم إلى الله والدار الآخرة، وغايتهم رضوان الله ومغفرته، تركوا الديار والبلاد، والأهل والأولاد، واجتازوا الصعب والمهاد، ترى مظهراً من مظاهر العبودية الخالصة لله رب العالمين».

وأضاف «يجب على المسلم والمسلمة، إذا كان ممن كتب الله له الحج والعمرة في هذا العام، أن يقصد بحجه وعمرته وجه الله تعالى والتقرب إليه، وأن يحذر من أن يقصد حطام الدنيا أو المفاخرة، وحيازة الألقاب أو الرياء والسمعة». وتابع «كما يستحب له أن يوصي أهله وأولاده بتقوى الله عز وجل، ويكتب ما له وما عليه من الدين وما هو مسئول عنه، ومتعلق بذمته من حقوق، كما يجب عليه أن يبادر إلى التوبة من جميع الذنوب والمعاصي، والندم على ما مضى منها والعزم على عدم العودة إليها، وأن يرد المظالم لأهلها، كأن يكون لأحد عنده مال أو عرض أو يطلب منهم السماح والعفو عنه. كما يجب عليه أن يختار لحجه وعمرته نفقة طيبة من مال حلال لأن الله تعالى طيب لا يقبل إلا طيباً».

وقال إمام وخطيب جامع مركز أحمد الفاتح الإسلامي إنه: «يستحب للحاج أن يجتهد في اختيار الرفيق الصالح، الذي يعينه على نفسه، ويذكره ما نسي، ويعلمه ما جهل، كما ينبغي عليه أن يتعلم ما يشرع له في حجه وعمرته، ويتفقه في ذلك، ويسأل أهل العلم عما أشكل عليه، ليكون على بصيرة وليسلم حجه وعمرته من النقص والخلل...».

ورأى أنه «ينبغي أن يتخلق الحاج بالخلق الحسن، ويخالق به الناس ويشمل ذلك الصبر والعفو والرفق واللين والحلم وعدم التعجل في الأحكام والتواضع والكرم والجود والعدل والرحمة والأمانة والورع والسماحة والوفاء والحياء والصدق والبر والإحسان. كما يجب عليه أن يبتعد عن جميع المعاصي فلا يؤذي أحداً بلسانه، ولا بيده ولا يزاحم الحجاج والمعتمرين زحاماً يؤذيهم ولا ينقل النميمة ولا يقع في الغيبة ولا يجادل أصحابه ولا غيرهم إلا بالتي هي أحسن، ولا يكذب، ولا يقول على الله ما لا يعلم».