هل هناك علاقة بين قمع البدون المفتعل (في الكويت) والتغيير غير المبرر لنظام التصويت؟
اطلعت على كل البيانات التي أصدرتها وزارة الداخلية، بخصوص أحداث البدون الأخيرة، فوجدتُّ فيها لغةً لم نعتد عليها، وتشويهاً للحقيقة، وتبريراً لانتهاكات لا مبرر لها، وافتئاتاً على المنظمات الدولية وتحديداً لمسارات السياسة الخارجية مع أنها داخلية.
مَن يقرأ تلك البيانات بتمعنٍ، يخرج بانطباع كأننا نقرأ البيان رقم واحد المتجه إلى عسكرة الدولة، التي تم تجريبها في ديوان الحربش قبل سنتين، فارتدَّ السحر على الساحر، وكانت كلفة مشروع عسكرة الدولة السياسية عاليةً جدّاً على السلطة والنظام.
الحق في التعبير السلمي حق مطلق يكفله الدستور والعهد الدولي للحقوق المدنية والسياسية، الذي انضمت إليه الكويت بقانون رقم 12/1996، فأصبح له قوة القانون بموجب المادة (70) من الدستور. مزاعم «الداخلية» المفتعلة بأنها تقوم بضرب البدون حمايةً لأمن البلاد لا أساس لها. فعندما بدأ حراك البدون استخدمت «الداخلية» القمع ابتداءً، فنصحناها باستخدام التفاهم، فتفهمت مشكورة، فجرى تجمعان متتاليان سلميّان دون مشكلة تُذكَر، إلا أن حليمة ما لبثت أن عادت إلى عادتها القديمة، وهي القمع لتحقيق الأمن، في حين أنه لا حاجة إليه إطلاقاً.
النظرية الأمنية مفهومة ومعروفة ومكررة، فهي ترى الأمن تقييداً لحريات الناس، وهي تسعى إلى عسكرة الدولة عن طريق تبرير القمع بأنه يتم لحماية المجتمع وأمنه، وإظهار المحتجين بصورة غوغائية، لكي يؤيد الناس تلك الإجراءات التي لا حاجة إليها أصلاً، ومن ثم الظهور بحماية المجتمع. هكذا ظهرت المكارثية في أميركا، ولنتخيل فقط أن تشارلي شابلن كان واحداً من ضحاياها.
وحيث إننا الآن في أتون أزمة سياسية، ومن محتملاتها، إجراء تغييرات قسرية، وغير مبررة على نظام التصويت من 4 أصوات إلى صوت واحد، لتكرار تجربة تغيير الدوائر من 10 إلى 25 العام 1981، وما قد ينتج عن ذلك من حراك شعبي مضاد قد يتجاوز النمط التقليدي؛ فإن نموذج قمع «البدون» الذي يصمت عنه البعض سيكون هو النموذج الذي يتم التجهيز له. يبدأ بقبول، وربما باستحسان، قمع فئة ضعيفة مهمشة، لكي يصبح مبدأ القمع أمراً اعتياديّاً.
السيناريو مزعجٌ، وضارٌّ بأمن البلد، ويقوّض أمن الدولة وزعم حمايتها، مهما قيل ومهما صرح به مصدر مسئول أو غير مسئول، إنه مقدمة لما هو آتٍ لتصبح مقولة «أُكلتم يوم أُكِل الثور الأبيض» هي المقولة السائدة، ولا حول ولا قوة إلا بالله.
إقرأ أيضا لـ "غانم النجار"العدد 3687 - الأربعاء 10 أكتوبر 2012م الموافق 24 ذي القعدة 1433هـ
لا استثناء
لا استثناء في العالم مادأم هناك حقوق مضيعة سيكون هناك كراك وانتفاضات الناس لاتقبل المذلة اما آن الحكومات ان تفهم