العدد 3679 - الثلثاء 02 أكتوبر 2012م الموافق 16 ذي القعدة 1433هـ

تقرير الديوان على الأبواب... ماذا ستفعلون يا نواب؟

عيسى سيار comments [at] alwasatnews.com

-

سيطالعنا ديوان الرقابة المالية الإدارية خلال الأيام المقبلة بتقريره السنوي العتيد وللسنة التاسعة على التوالي. هذا التقرير الذي يدقق ويرصد ويوثق الأداء الإداري والمالي للوزارات والهيئات واللجان الحكومية والشركات التابعة لها حول مدى تطبيق الحكومة وأجهزتها والشركات التابعة لها ومسئوليها أو مدى مخالفتها أو تجاوزها - أي الحكومة - للقوانين والأنظمة واللوائح المعمول بها.

وسيتضمن التقرير كالعادة، مجموعة من المخالفات والتجاوزات التي ارتكبها العديد من المسئولين في الدولة، والتي تؤشر على التجاوزات غير القانونية على المال العام، وستعلن الحكومة وكالعادة رغبتها الصادقة في التعاون وتنفيذ ما تضمنه التقرير، وحرصها على متابعة توصيات تقرير الديوان العتيد من دون ذكر – وكالعادة - لآليات المتابعة، وما إذا كانت المتابعة ستشمل مساءلة ومحاسبة المخالفين والمتجاوزين ومن استولى على المال العام بغير حق!

وسيطلق نواب الشعب وكالعادة زوابع التصريحات والخطب النارية وبالونات التهديد والوعيد بمحاسبة المخالفين والمتجاوزين الفاسدين. تلك الخطب والتصريحات التي هي عبارة زوابع في فنجان، تنتهي دائماً وأبداً وكالعادة في أحضان الحكومة. لقد قال لي ذات مرة أحد النواب الذين يسمون أنفسهم بالمستقلين (ولا أعلم هم مستقلون عن ماذا!) عندما صدر التقرير الثامن للديوان: ماذا أنتم فاعلون بالكم الهائل من المخالفات التي ارتكبها المسئولون؟ فقال: لا نستطيع أكثر من أن نطلق التصريحات... يا أخي من يقدر على الحكومة؟!

وستتبارى وتتباهى الصحف المحلية – وكالعادة - في نشر تلك المخالفات والتجاوزات والغسيل الدسم، وبحسب مصالحها وقربها من هذا المسئول أو ذاك! طبعاً، في ظل الحرية والشفافية التي يوفرها العهد الإصلاحي وقانون الصحافة وتستغل بعض الصحف الفرصة للنيل من هذا المسئول أو ذاك الذي لم يلبِ مصالحها! ولكن معظم هذه الصحف لا تذهب بعيداً، وكأنما لسان حال صحفنا يقول إن في هذا البلد فساداً وهذا أمر طبيعي فهي ظاهرة عالمية، ولكن لا يوجد فاسدون لأن الفاسدين موجودون على كوكب آخر!

وستلتقط وكالعادة الصور وتقام حفلات العلاقات العامة حول عملية تسليم وتسلم التقرير العتيد والإنجاز الخارق الذي حقّقه ديوان الرقابة، وسيقال إن البحرين تسير في طريق الإصلاح ومكافحة الفساد، ولكن ماذا بعد حفلات العلاقات العامة هذه؟ وما هو مصير المخالفات والتجاوزات للقوانين والأنظمة التي ارتكبها مسئولون على رأس عملهم؟ أسئلة تحتاج إلى أن يجيب عليها أصحاب الشأن.

أما المواطن المغلوب على أمره، سيفرح - وكالعادة - لمعرفة هذه المخالفات التي ارتكبها المسئولون في الدولة، لأنها كشفت جزءاً يسيراً من المستور، ولكن في الوقت نفسه سيتحسّر المواطن وكالعادة على ضياع الأموال العامة أو الاستيلاء عليها من غير وجه حق. ولسان حاله يقول: لقد عرفنا التجاوزات والمخالفات والفساد الإداري والمالي الذي أظهره التقرير العتيد، ولكن هل لنا ولو لمرة واحده في حياتنا أن نرى مسئولاً واحداً تم تحويله إلى النيابة العامة من قبل السلطة التنفيذية أو السلطة التشريعية؟ هل يا ترى سنرى تفعيلاً للأدوات القانونية ضد من تجاوز وخالف واستولى على المال العام من غير وجه حق؟ وبسبب اليأس الذي يعيشه المواطن حيث تواضع المنجزات المعيشية على مدى عقد من الزمان وبسبب غياب المساءلة والمحاسبة للفاسدين، سيتجه – وكالعادة - إلى ربه قائلاً: الشكوى لغير الله في هذا البلد مذلة!

إن حجم التجاوزات التي أظهرتها تقارير ديوان الرقابة الثمانية من الكم والنوع بمكان، إلى درجة أنك تشعر فيها بالغثيان والألم والحسرة. الغثيان من حجم الملايين التي تم التلاعب بها أو إهدارها من قبل مسئولين، والألم والحسرة جراء عدم مساءلة ومحاسبة من تسبب في ضياع أو إهدار المال العام أو استولى عليه من غير وجه حق.

إن المواطن البحريني الذي ينتظر عقوداً من الزمن للحصول على صدقة من الإسكان أو منحة معيشية من هنا وهناك، هذا المواطن الذي ضربه اليأس في مقتل من إمكانية تحرك السلطة التنفيذية أو التشريعية أو النائب العام لملاحقة ومساءلة ومحاسبة من تسبب في إهدار وضياع المال العام... يتساءل وبحرقة: إذا خذلتنا السلطة التنفيذية وهذا شيء طبيعي لأنه لا يمكن للحكومة أن تقر بأخطائها ومخالفات مسئوليها للقوانين والأنظمة، أي لا يمكن أن «تطز عينها بصبعها» ولكن أين نواب الشعب؟ وأين الجهات القانونية من التجاوزات والمخالفات الجسيمة التي يرتكبها المسئولون والتي ترقى إلى جرائم والتي يقدمها لهم ديوان الرقابة على طبق من ذهب حتى يتحرك نواب الشعب لاتخاذ ما يلزم لمساءلة ومحاسبة المخالفين والمتجاوزين؟ لماذا ينتظر نواب الشعب الضوء الأخضر من جهة ما ليتحركوا؟ هل هم «ريبورتات» أم ماذا؟

أيها النواب يا من انتخبهم الشعب إن كنتم حقاً تمثلون الشعب البحريني، استخدموا أدواتكم في المحاسبة والتي تضمنتها لائحتكم الداخلية. اطلعوا على المادتين (5) و (6) من اتفاقية الأمم المتحدة لمكافحة الفساد التي وقعت عليها مملكة البحرين العام 2010.

وأخيراً... نناشد ملك البلاد وبصفته رأس الدولة، وفي ضوء الصلاحيات الممنوحة لجلالته التي تضمنها دستور 2002 المادة (33) من الفصل الأول، أن يوجّه جهات الاختصاص وأعني هنا النائب العام في متابعة وتنفيذ نتائج تقارير ديوان الرقابة المالية والإدارية على مدى السنوات الثماني الماضية والتقرير القادم من أجل مساءلة ومحاسبة ومعاقبة المخالفين والمتجاوزين الذين خانوا القسم، وأساءوا استخدام الثقة والصلاحيات الممنوحة، وأضاعوا أو استولوا على المال العام بغير وجه حق، وحققوا ثراءً فاحشاً على حساب الشعب البحريني مهما كانت مناصبهم أو نسبهم أو حسبهم.

إن الإصلاح السياسي والاقتصادي لا يستقيم حاله في ظل إفلات المتجاوزين والمخالفين من المحاسبة والعقاب. إنه من بديهيات أية عملية إصلاح حقيقية تطبيق مبدأ الشفافية والرقابة والمساءلة والمحاسبة والعقاب... وإلا فإن الإصلاح يصبح مجرّداً من أي معانٍ أو قيم، ويصبح عملية شكلية ديكورية بامتياز... فمن يرفع الشراع؟

إقرأ أيضا لـ "عيسى سيار"

العدد 3679 - الثلثاء 02 أكتوبر 2012م الموافق 16 ذي القعدة 1433هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان
    • زائر 14 | 4:52 ص

      رسالة من نواب الصدفة (الله يحب الستر)!!

      لماذا ينتظر نواب الشعب الضوء الأخضر من جهة ما ليتحركوا؟ هل هم «ريبورتات» أم ماذا؟

    • زائر 12 | 3:14 ص

      مو رجال

      قالتها وزيرة الثقافة

    • زائر 11 | 2:33 ص

      العقاب

      يا أستاذنا العزيز ياوطني بمعنى الكلمه يامحرقي يابحريني
      أنت وانا والكل يعرف بأن على هذه الارض الطاهره كل شي عليهاء غير وكما قال المطرب القديم احمد الجميري من كلمات الشيخ عيسى بن راشد(كل شي فيش يا درتي غيرغير) فلو في احد يحاسب على ايه جريمه ارتكبهاء اوسرفه المال العام لما لاحظ المواطن هذا الشخص الذي صار وزير او مدر او نائب من تخب من عامت الناس بعد وصوله البرلمان كيف ينهال عليه كل هذا الثراء.جعل لماذا هذا الشعب يضحي بالغالي والنفيس ,لوقف هذا الفساد,ولكن المصيبه في الناس المستحمرين ولاراضين يصحون

    • زائر 10 | 2:30 ص

      الديرة ريوس

      المفسدون سوف يحصلون على ترقيات و مناصب افضل ، المعادله هي كالتالي: افسد اكثر تترقى و تحصل منصب افضل . الا بقول ليكم ترا فيه آيفون جديد بينزل السوق شوف من حظ من هالمره ههههه

    • زائر 9 | 2:07 ص

      سمعناهم كثيرا للتهريج الاعلامي

      احدهم(النواب) هدد قبل فترة وجيزة هنا على صفحات الوسط نشر غسيله(ها) انه سوف تستجوب الوزيرة وتحاسبها وتطالبها بالاستقالة قبل ان تنزع صلاحيات وزارتها منها عبر الاستجواب - واخر ضج ضجيج الاملين فى صرف علاوة الغلاء بثوبه الجديدة وادعوا انهم يمثلون الطبقة الفقيرة من الشعب (طبعا حسب تصريحاتهم التى قراءناها على الوسط) ولكن اين صار النعيق؟؟ وحده مسكوها عملوا لها فلوص وسكتت عن لاستجواب والاخر عطوه اللي يبي وسكت آل شو فقراء آل؟؟

    • زائر 8 | 1:54 ص

      الكل اشبه ببعض

      هناك مشكلة في هذا الوطن..الكل شريف خارج المجموعة وعندما ينضم للمجلس يتعود علي اكل الآيسكريم فيصبح واحدا من اكلة الآيسكريم الا ما رحم ربي...لقد قرأنا عن كيف يدافع احد النواب عن احد الجامعات الساقطة..لا امل عندما يصبح المال آيسكريما.

    • زائر 7 | 1:32 ص

      لن يعملوا شيئا، ما فيهم رياييل

      حال التقرير كحال التقارير السابقة، من المطبعة إلى الرف لتجميع الغبار. أعضاء البرلمان لا يعدوا كونهم مجموعة بصمجية تستلم رواتب وامتيازات ورزة وزر وبالك، وكله هباءا منثورا.
      لم ولن يفعلوا شيئا مادام الوضع كما هو وإلى أن يتكون برلمان حقيقي وكامل الصلاحيات يحميه دستور عقدي وقضاء مستقل وصوت لكل ناخب وحكومة منتخبة انتخابا حرا ونزيها.

    • زائر 6 | 1:24 ص

      هل من مجيب

      نحنوا مجموعة موظفي الموارد البشريه لوزارة الصحة قد طردنا من وظائفنا بغير وجه حق بتصرفات شخصية من بعض المسؤلون بالاداره أليس هذا فساد اداري يانواب يستحق الاهتمام

    • زائر 4 | 1:22 ص

      أدان ويدين مسئول مسؤوليته ليست ضائعة

      المسألة في المسائلة عن من مسئول و أين المسؤولية. فحلها وربطها ليس في المسألة لكنها في المسائلة.
      للباب ناب ليس من الأسرار لكن النيابة ليست في الغابة قد لا يلتقيان فتظهر هنا معضلة لا مشكلة، فلا تحل الا بفتح باب الفرج ، فقد يفرج أو لا يفرج.
      ففتح باب تطويل البال والأمد لأربع جهات مسئولة حسب الدعاية والإعلان، محلية غير خارجية سمية مجالس بلدية، نواب، شورى، ومجلس وزراء. فالجميع مسئول ومشترك وربما غير مشارك في العمل، لكنه يسائل عن ذنبه لا عن ذيله.
      فهل حملوها أم جلسوا على الكراسي ونسوها؟

    • زائر 3 | 1:00 ص

      الفساد ورعاية المفسدين

      هي السياسة المتبعة في هذا البلد فلا النواب ولا النيابة ولا حتى إبليس يستطيع محاسبة المفسدين
      عندما تغيب الحقوق والعدالة وتستبدل بالمكرمات فماذا نتوقع ؟
      عندما يغيب القانون ويستبدل بالمحسوبية والعصبية في إدارة الامور فماذا نتوقع؟
      المهم في المسائل هي الجوانب الشكلية فقط مثلما تفضلت مثل الاحتفال والصور وكان الله غفورا رحيما

    • زائر 2 | 11:21 م

      اسألهم ما هم فاعلون ...

      لا تسألهم ما سيفعلون لان الجواب حاض لكن لك ان تسألهم ما فعلوا في
      التقارير السابقة اليسوا مدافعين عن حقوق ناخبيهم واذا لم لم يستطيعوا اليس
      عليهم ان يعلنوها وينسحبوا لانهم لم يستطيعوا ارجاع والدفاع ومحاسبة سالب
      الحقوق
      هل سيكون هذا التقرير نهاية مجلسهم ؟؟؟

    • زائر 1 | 10:23 م

      اقتباس فقرة

      ً... نناشد ملك البلاد وبصفته رأس الدولة، وفي ضوء الصلاحيات الممنوحة لجلالته التي تضمنها دستور 2002 المادة (33) من الفصل الأول، أن يوجّه جهات الاختصاص وأعني هنا النائب العام في متابعة وتنفيذ نتائج تقارير ديوان الرقابة المالية والإدارية على مدى السنوات الثماني الماضية والتقرير القادم من أجل مساءلة ومحاسبة ومعاقبة المخالفين والمتجاوزين الذين خانوا القسم، وأساءوا استخدام الثقة والصلاحيات الممنوحة، وأضاعوا أو استولوا على المال العام بغير وجه حق

اقرأ ايضاً