العدد 3678 - الإثنين 01 أكتوبر 2012م الموافق 15 ذي القعدة 1433هـ

دولة غير عضو...؟

سليم مصطفى بودبوس slim.boudabous [at] alwasatnews.com

-

من جديد تتقدّم القيادة الفلسطينية إلى الأروقة الأمميّة بمشروع قرار يطالب بالاعتراف الدوليّ بحدود العام 1967 كحدود لدولة فلسطين وعاصمتها القدس الشرقيّة، وأنّها محتلّة من قبل الكيان الصهيونيّ. فقد طالب الرئيس الفلسطينيّ محمود عباس في كلمته أمام الجمعيّة العامّة للأمم المتحدة بالاعتراف بفلسطين دولة غير عضو بصفة مراقب في الأمم المتّحدة.

ولا يخفى على أحد فشل السلطة الفلسطينيّة في سبتمبر/ أيلول 2011 في الحصول على تسعة أصوات مؤيّدة لطلب العضويّة الكاملة لدولة فلسطين في مجلس الأمن، فضلاً عن تلويح إدارة أوباما باستخدام حقّ النقض في حال اكتمال عدد الأصوات المطلوبة. والحقيقة أن الاعتراض الأميركيّ - الإسرائيليّ كان ولايزال على الدولة الفلسطينيّة، وليس فقط على العضويّة في الأمم المتحدة، ولكن جاء الاعتراض على العضويّة لكي يشكل اعتراضاً ضمنيّاً على الدولة بمظهر الاعتراض على العضويّة.

ولا يعتبر رفض العضويّة بمجلس الأمن أو الأمم المتحدة أمراً جديداً لا سابقة له؛ ففي العام 2007 تقدمّت «تايوان» للمرة الـ 15 بطلب عضويّة بالأمم المتحدة ولكن بكين رفضت الطلب مشيرةً إلى قرار الجمعيّة العامّة الذي صدر سنة 1971 بشأن الصين الواحدة.

وقد اختلف المحللون والسياسيون بشأن الطلب الفلسطيني، فمنهم من رأى أنّ مشروع القرار الفلسطينيّ يمثل محاولةً فلسطينيّةً متجدّدةً للحفاظ على رؤية حلّ الدولتين والاعتراف بفلسطين دولة محدّدة وذات عاصمة محدّدة يعطي ضمانة مستقبليّة بأن هذه الأرض محتلّة وبالتالي ليس متنازعاً عليها كما تريد «إسرائيل».

فضلاً عن ذلك فإن هذا التحرّك بالدولة نحو الأمم المتّحدة تكمن أهميّته - في حال نجاح مشروع استصدار القرار - في كون الأمم المتّحدة سوف تتعامل مع فلسطين كدولة حتى لو لم تكن عضواً كامل العضويّة، لأهميّة المغزى السياسيّ لوجود الدولة الفلسطينيّة وتعامل المجتمع الدولي معها سياسياً وقانونياً كدولة وكشخص من أشخاص القانون الدوليّ بغض النظر عن نوع عضويّتها في الأمم المتحدة.

والأكيد أن طلب دولة غير عضو في سبتمبر 2012 مختلف تماماً عن طلب سبتمبر 2011 (طلب دولة كاملة العضويّة) ما يدفع إلى التساؤل: أيريد الفلسطينيون العضويّة كاملة؟ أم يريدون مجرد ترسيخ الكيانيّة السياسيّة والقانونيّة للدولة الفلسطينيّة حتى تأخذ مكانها الطبيعيّ كدولة في المجتمع الدولي وبالتالي كشخص من أشخاص القانون الدوليّ سواء اكتسبت العضويّة الكاملة أم لم تكتسبها؟

هكذا يتّضح لدى البعض في مشروع استصدار هذا القرار جوانب مضيئة. لكن المنتقدين لسياسة منظمة التحرير الفلسطينيّة يرون في التقدم بهذا الطلب مشهداً آخر من مشاهد التنازلات الفلسطينية المجانية؛ فإذا كان تقديم طلب كهذا (دولة غير عضو) قد استوجب كلّ التضحيات السابقة، فما حجم التضحيات التي تحتاجها القيادة الفلسطينيّة في منظمة التحرير للحصول على دولة كاملة السيادة؟

ويذهب هذا الفريق إلى أبعد من هذا حيث يرى أن كلّ المحطّات الدوليّة والأمميّة السابقة تعتبر فاشلة منذ 1974 - حين حصلت منظّمة التحرير الفلسطينيّة على صفة مراقب - إلى اليوم: فسنة 1988 أعلنت المنظّمة قيام دولة فلسطينيّة في الجزائر، واعتبروا أن من أثبت وجوده في التاريخ سيتواجد في الجغرافيا، لكن دون جدوى حتى سنة 1993 موعد اتّفاق أوسلو حيث اعترفت المنظّمة بدولة «إسرائيل» مقابل اعترافها بمنظّمة التحرير الفلسطينيّة ممثّلاً شرعياً ووحيداً للشعب الفلسطينيّ، وحدّد موعد 1999 للتفاوض على الدولة الفلسطينيّة وطارت المواعيد هباءً حيث ضربت «إسرائيل» بالاتفاقات عرض الحائط، ليأتي مؤتمر «أنابولس» العام 2007، ويحدّد سنة 2009 موعداً نهائياً لقيام الدولة الفلسطينيّة، ولم تقم الدولة الموعودة وإنما قامت «إسرائيل» بمجزرة غزّة. ثم حدّد موعد 2011 ولم تلتزم «إسرائيل» ومن يحمي ظهرها بالموعد وكأن الأمل يتلاشى ويتنازل الفلسطينيون عن حق الدولة الكاملة العضويّة إلى حلم الدولة غير عضو أو بصفة مراقب!

فهل يتحقّق هذا الطلب أم يتبخّّر مع أحلام القيادة الفلسطينيّة؟ وهل يكون موعد التاسع والعشرين من نوفمبر/ تشرين الثاني 2012 والموافق ليوم التضامن الدوليّ مع الشعب الفلسطينيّ موعداً حاسماً في تاريخ القضية الفلسطينيّة؟ وهل أن قبول عضويّة فلسطين كدولة غير عضو بالأمم المتحدة يؤدّي حتماً إلى تخفيف حدة التوتر في المنطقة؟

إقرأ أيضا لـ "سليم مصطفى بودبوس"

العدد 3678 - الإثنين 01 أكتوبر 2012م الموافق 15 ذي القعدة 1433هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان
    • زائر 6 | 4:57 م

      إني ارى في الأحلام

      أنك صرت دولة عضوا عضوية كاملة
      وعندك حق الفيتو
      وتعرضين كل قرار
      وتقررين وتنفذين
      إني أراك حلما جميلا

    • زائر 5 | 3:38 م

      اختلف المحللون والسياسيون بشأن الطلب الفلسطيني،

      أنا مع الرأي الثاني في المقال

    • زائر 4 | 1:47 م

      دولة غير عضو...؟

      كم يلزمها لتصبح دولة عضو

    • زائر 3 | 1:14 م

      لله درك يا فلسطين

      كم تعانين وتعانين
      حقا قيل : ما أخذ بالقوة لا يسترجع إلا بالقوة

    • زائر 2 | 10:12 ص

      هل سيكون مصير طلبات فلسطين مثلها

      ولا يعتبر رفض العضويّة بمجلس الأمن أو الأمم المتحدة أمراً جديداً لا سابقة له؛ ففي العام 2007 تقدمّت «تايوان» للمرة الـ 15 بطلب عضويّة بالأمم المتحدة ولكن بكين رفضت الطلب مشيرةً إلى قرار الجمعيّة العامّة الذي صدر سنة 1971 بشأن الصين الواحدة.

    • زائر 1 | 10:55 م

      نرجو ذلك

      قبول عضويّة فلسطين كدولة غير عضو بالأمم المتحدة يؤدّي حتماً إلى تخفيف حدة التوتر في المنطقة

اقرأ ايضاً