يُحكى أن أبا العروس مهنته إصلاح الأحذية، حصل على دينار، واشترى به وجبة عشاء. صاحب المطعم أخذ الدينار واشترى به خضراوات. المزارع أخذ الدينار واشترى به محراثاً من الحداد. الحداد أخذ الدينار واشترى به لحماً. بائع اللحم أخذ الدينار وأصلح به حذاءه عند أبي العروس.
مرة ثانية، أخذ أبو العروس الدينار، واشترى به قميصاً إلى ابنه. بائع الملابس اشترى به صبغاً لصباغة المحل. بائع الأصباغ دفعه إلى التاكسي الذي سيأخذه إلى المطار. صاحب التاكسي تزوّد به بالوقود. صاحب محطة الوقود دفع الدينار ضمن رواتب العمال. عامل المحطة عندما أخذ راتبه ذهب إلى أبي العروس لإصلاح حذائه بدينار.
مرةثالثة، ورابعة وخامسة، هكذا تدور الأموال، ويصبح دينار أبي العروس وكأنه 50 ديناراً بسبب دورانه في السوق.
قصة دينار أبي العروس توضع وتقرب المعنى والفكرة، بأن مبلغ الدعم الخليجي ما يعرف بـ «المارشال الخليجي» البالغ 10 مليارات دولار إلى البحرين يمكن أن يصبح 50 أو 70 مليار دولار في الناتج المحلي للبحرين، إذا تم صرفه بحكمة دوران الأموال في السوق مثل ما دار دينار أبي العروس.
إن حركة دوران الأموال هو توليد وخلق للنقود ومضاعفتها في السوق، ومن أبرز أمثلة تدوير النقود ومضاعفتها هو النظام المصرفي، فالنظام المصرفي وطريقة عمله، تتحول فيه الـ 100 دينار إلى 900 دينار. مثلاُ محمد أودع 100 دينار في البنك، البنك أخذ المئة دينار، وأقرضها جاسم الذي اشترى بها أثاثاً. صاحب المحل أودع الـ 100 دينار في البنك، والبنك قام مجدداً بإقراضها إلى جعفر... وهكذا، يتم تدوير الأموال، وتتضاعف في السوق أضعافاً مضاعفة.
صرف مبالغ المارشال الخليجي لمجرد الصرف على مشروعات، يقلل من الاستفادة المستدامة في تحسين الوضع الاقتصادي والاجتماعي، فلابد أن يكون الصرف موجهاً ومدروساً لتحقيق منافع حقيقية ومستدامة للاقتصاد والمجتمع. يجب التركيز على كيفية دوران مبالغ المارشال الخليجي في عروق وشرايين الاقتصاد، واستفادة الجميع من حركة الأموال في السوق.
ومن المهم تجزئة المناقصات والعقود لتشمل أكبر عدد ممكن، فمثلاُ لو افترضنا جدلاً أن وزارة الإسكان تريد تنفيذ مشروع فيه 10 آلاف وحدة سكنية. إذا طرحته كمناقصة واحدة، سيفوز بها مقاول واحد، ما يحرم باقي المقاولين، ومن المفترض أن تجزأ هذه المناقصة لتشمل أكبر عدد ممكن من المقاولين.
وكل مقاول سيتعامل مع أكثر من شركة ومحل لبيع مواد بناء، ومستلزمات المنزل، من الخرسانة، الألمنيوم، الأدوات الكهربائية، الديكور والجبس والصباغة، مواد الأرضيات والدهانات والسجاد والمفروشات، النجارة، والصناعات الهندسية الأخرى مثل المكيفات، إلى جانب الكثير من الصناعات المرتبة بالعمران كقطاع النقل والخدمات اللوجستية... إلخ.
أما إذا كان مقاولاً واحداً، فإنه سيتعامل مع شركة خرسانة واحدة، وشركة ألمنيوم واحدة، وشركة صباغة واحدة، وهذا لا يخدم السوق على المدى البعيد الذي يحقق الاستدامة. كما أن التوزيع، يحفز السوق ويساعد الشباب على تأسيس مشاريع خاصة بدلاً من الانتظار على قائمة العاطلين عن العمل.
كما يجب التركيز على كيفية خلق وظائف في السوق من خلال الإنفاق على المشاريع. فالوظائف مهمة جداً، فلو افترضنا جدلاً خلق 4 آلاف وظيفة براتب 500 دينار، ستبلغ إجمالي الرواتب في سنة واحدة 24 مليون دينار، ولكن من خلال إنفاقهم لهذه الأموال في السوق المحلي، ستؤدي إلى نمو حركة البيع والشراء، ونمو الطلب على السلع والخدمات، وتضاعف المبلغ مع حركة دوران الأموال لأكثر من 10 أضعاف، لتضيف 240 مليون دينار للناتج المحلي الإجمالي.
يجب أن يكون هناك تخطيط لكيفية دوران الأموال في السوق، حتى تتضاعف، ويصبح المارشال الخليجي البالغ 10 مليارات دولار بعد دورانه في السوق 50 مليار دولار.
إقرأ أيضا لـ "عباس المغني"العدد 3677 - الأحد 30 سبتمبر 2012م الموافق 14 ذي القعدة 1433هـ
مختصر مفيد
يعني منكم واليكم
ههههه
والفلوس عند العروس وابو العروس يبغي فلوس وما يشبع.