العدد 3675 - الجمعة 28 سبتمبر 2012م الموافق 12 ذي القعدة 1433هـ

تركيا والنتائج الست

محمد عبدالله محمد Mohd.Abdulla [at] alwasatnews.com

كاتب بحريني

إيران صديقة لأكراد العراق (تاريخياً وحاضراً) عبر جلال طالباني. تركيا صديقة لأكراد العراق (حاضراً) ولكن عبر مسعود بارزاني. هذا الأخير، صديق لأكراد سورية عبر المجلس الوطني الكردي السوري. طالباني صديق لأكراد سورية، ولكن عبر حزب الاتحاد الديمقراطي الكردي السوري.

جلال طالباني يتناصف النفوذ في إقليم كردستان العراق مع مسعود بارزاني، لكن طالباني أيضاً، مُتسَنِّمٌ لمنصب رئيس الجمهورية العراقية الأمر الذي يقوِّي من نفوذ إيران من خلاله في العراق، بالإضافة إلى تحالفها القوي مع الحكومة المركزية في بغداد، التي تهيمن عليها الأكثرية الشيعية، وبالتالي يسهِّل كلُّ ذلك لإيران أن تقوم بضرب مقاتلي أكراد حزب الحياة الحرة الإيراني (بيجاك)، الذي يقاتل حكومة الثورة منذ الثمانينيات لإقامة حكم ذاتي في كردستان إيران.

مسعود بارزاني يتناصف النفوذ في إقليم كردستان، مع جلال طالباني، لكنه أيضاً يرأس الإقليم ذاته، الذي يضم أزيد من خمسة ملايين كردي، الأمر الذي يقوِّي من نفوذه فيه، وبالتالي هو يسهِّل لتركيا ضربها لعناصر حزب العمال الكردستاني، وخصوصاً في المرحلة التي تلت خلافات بارزاني مع المالكي، وتحالف الأول مع الأتراك نكايةً بالثاني.

المجلس الوطني الكردي السوري معارض لنظام البعث ولحكم بشار الأسد ووالده في دمشق، ومنخرط في الثورة السورية منذ اندلاعها في مارس/ آذار 2011، وهو قريب من تركيا، نتيجة موقفها من الصراع الدائر في سورية اليوم. حزب الاتحاد الديمقراطي السوري، هو حليفٌ لنظام البعث وبشار الأسد وغير منخرط في الثورة السورية، لأنه يعتبر أن معركته الأولى هي مع الدولة التركية، لتحقيق الركيزة الجغرافية الكردية الأكبر. كما أن بين التنظيميْن الكردييْن السورييْن خلافاً حاداً.

الاتحاد الديمقراطي الكردي السوري أقوى حضوراً من المجلس الوطني الكردي في الداخل السوري؛ وبالتحديد في الأوعية الجغرافية للأكراد السوريين كشرق الحسكة وعفرين الغربية وأحياء عين عرب؛ أو في العاصمتين السياسية والاقتصادية لسورية (دمشق وحلب) وخصوصاً أن حزب الاتحاد الديمقراطي يحاكي القومية الكردية بشكل مباشر أكثر من غيره.

أمام هذه الخارطة المعقدة للأكراد، وللدول التي تحاربهم أو تستخدمهم، نحن أمام مجموعة من النتائج:

النتيجة الأولى: إيران وتركيا تحصلان على تسهيلات من أكراد العراق لضرب أبناء عمومتهم في حزبَيْ العُّمَّال الكردستاني (PKK)، والحياة الحرَّة (بيجاك). وهو أمر إن دلَّ على شيء، فإنه يدلُّ على استمرارية المنتظم التاريخي لتحالفات الأكراد، وخصوصاً في العراق، والتي تنقلت ما بين الاتحاد السوفياتي والولايات المتحدة سابقًاً، بل وحتى مع عبدالكريم قاسم ونظام صدام حسين.

النتيجة الثانية: إيران أقوى من تركيا في العراق إذا أضيف لها وجود حكومة في بغداد حليفة لها يهيمن عليها الشيعة. وهو أمر، أدرَكته أنقرة جيداً، لذا فهي تقوم اليوم بتحالف موضوعي مع البارزاني في كردستان العراق من جهة، وبمؤازرة المكوِّن السُّنِّي الغربي، عبر دعمها لقضية نائب رئيس الجمهورية طارق الهاشمي من جهة أخرى، علها تستطيع أن تقيم توازناً في جوارها.

النتيجة الثالثة: إيران أقوى نفوذاً بين أكراد سورية بقربها مع الاتحاد الديمقراطي الكردي الحليف القوي للأسد والمعادي لأنقرة، سواء أعَبر النظام السوري نفسه، أم عن طريق جلال طالباني، بل وعبر الـ PKK نفسه أيضاً. وبالتالي، فمن غير المستبعد أن تكون طهران قد ساهمت بترتيب خطَّة (القبضة الرخوة) على مناطق الأكراد في سورية، وذلك لوقف الجموح التركي في الملف السوري.

النتيجة الرابعة: إن إيران تستطيع أن تمدَّ حزب العمَّال الكردستاني بالسلاح لإقلاق تركيا سواء عبر طالباني في الشمال العراقي، أو عبر الاتحاد الديمقراطي في سورية، أما تركيا فلا تستطيع أن تمدَّ حزب بيجاك الكردي بدعم كبير لإزعاج إيران، كون أن هذا التنظيم ينشط في المناطق الشمالية الغربية الإيرانية، الأمر الذي لا يصله النفوذ التركي، فضلاً عن أن الحرس الثوري الإيراني، بات متواجداً في مناطق كردستان العراق بشكل صريح بحجة ملاحقة بيجاك، الأمر الذي جعل من هذا الأخير في حالة ضمور. وإن كان هناك مسعى تركي في ذلك، فربما يكون عبر جمهورية أذربيجان، التي تدعمها تركيا في نزاعها ضد أرمينيا الحليفة لإيران، نكاية بموضوع مذابح الأرمن.

النتيجة الخامسة: إن وجود جَيْب كردي في الشمال السوري، سيعني لتركيا وأمنها القومي، ومشروع الانفصال الكردي الكثير. فهي التي لم تتحمَّل وجود أوجلان على الأراضي السورية قبل أربعة عشر عاماً، تواجه اليوم ملامح قيام كيان كردي لديه مقوَّمات المناهَضَة لها، وخصوصاً أن التجمُّع الكردي السوري الأكبر سيكون في القامشلي، المتجاورة أصلاً مع جبال طوروس، ومع مدينة نصيبين التركية، وهي المنطقة التي تفضي طرقها إلى أربيل وإلى أرمينيا، وبالتالي فنحن نتحدث عن كامل جنوب شرق تركيا.

النتيجة السادسة: أن حركة المجموع الكردي في سورية مختلف جداً عن غيره في مربَّع التواجد الكردي في عموم المنطقة. ففي العراق، هناك كيان أشبه بالمستقل. وفي تركيا هناك تعمِيرٌ شرس للسلاح بوجه الدولة التركية العاجزة عن حسمه منذ عشرات السنين. وفي إيران، هناك إرث دولة يمتد إلى مهاباد في أربعينيات القرن المنصرف، وسبعة آلاف وخمسمئة كردية تطمح في الاستقلال. أما في سورية، فالموضوع الكردي متأثر بحيِّزه الأصغر الذي جعل نظام البعث في سورية لأن يُروِّضه بالطريقة والكيفية التي يريدها، مستغلاً نسبتهم الأقل بين الأقران (10 في المئة من عدد السكان)، وهو ما جعَلَ الأمر طيِّعاً لدى السوريين، وعصياً عند الأتراك.

هذه الخارطة الكردية المعقدة في المنطقة، تجعل من الأمور متشابكة مع بعضها بشكل مقلق. كما أن هذه الخارطة قد تتحوَّل في يوم من الأيام من ورقة تستخدمها بعض الأنظمة إلى ورقة ناجزة بذاتها، قادرة على أن تلعب بأوراق المنطقة في عمومها. وربما يظهر لنا أن أكثر الدول التي ستكون متضررة بين الدول ذات الأطراف الكردية هي تركيا.

إقرأ أيضا لـ "محمد عبدالله محمد"

العدد 3675 - الجمعة 28 سبتمبر 2012م الموافق 12 ذي القعدة 1433هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان
    • زائر 1 | 2:51 ص

      النتيجة السابعة!!!!!!

      والنتيجة السابعة إن تركيا راحت وطي

اقرأ ايضاً