اختار مؤتمر «عاشوراء 7» الأسبوع الماضي شعاراً مرتبطاً بالوضع العام «عاشوراء والإصلاح السياسي»، بينما علقت على المنصة الرئيسية يافطة ترتبط بأكثر الأحداث السياسية سخونةًً هذه الأيام: «الإساءة لرسول الله (ص) إعلان حرب على الأمة الإسلامية».

مثل هذه الملتقيات الدينية السنوية، وعلى رغم ضخامة الجهود المبذولة لتنظيمها، يؤخذ عليها عدم ترجمة التنظيرات إلى ثمار ملموسة على الأرض.

وهو نقدٌ ذاتي يطرحه المنظّمون والمشاركون والجمهور على السواء.

في هذا العام، فاجأ الباحث والكاتب محمد السلمان الحضور بمولودٍ صغيرٍ، حين قدّم إصداراً جديداً من نوعه، بعنوان «البيبليوغرافيا الحسينية البحرينية»، لتأريخ الإصدارات البحرينية الخاصة بعاشوراء في الفترة 1887 – 2012، حيث رصد 149 عنواناً موزّعاً على الشعر الفصيح والعامي والأدب والفكر والسيرة الحسينية، من المؤلفات التي أنتجها البحرينيون داخل وخارج بلادهم خلال قرنٍ وربع قرن. ومن نافلة القول ان أكثرها يتعلّق بالرثاء، لخصوصية هذه الواقعة التاريخية الدامية وعمق تأثيرها في الوجدان الإسلامي.

في كلمته، أشار السلمان إلى أن «البيبليوغرافيا» إنّما هي أول ثمار «مركز الإمام الحسين للدراسات والبحوث» الذي يترأسه، والذي جاء تنفيذاً لإحدى توصيات مؤتمر العام الماضي، حرصاً على ألا تُركن التوصيات على الرف أو يلقى بها في الارشيف أو سلة المهملات. وقد استغرق هذا العمل عدة أشهر من التحضير والاجتماعات، وتم تكليف فريق عمل لا يتجاوز عدده أصابع اليد الواحدة، لكنه تكشّف عن تصميمٍ كبيرٍ على الإنتاج.

هذه الإصدارات المنوّعة تدل على عمق ارتباط هذه الأرض بهذه القضية الدينية المقدّسة، والمؤكد أن الإنتاج البحريني في هذا المجال أكبر بكثير مما تم رصده، ولو أتيح للباحث ومعاونيه مزيدٌ من الوقت لخرج الكتاب بحجمٍ أكبر. ولذلك يعوّل على المهتمين بالشأن الديني الثقافي، وأصحاب المكتبات والخطباء والحوزات وعامة الجمهور، في التعاون مع المركز في إصداراته المقبلة.

ضمن هذا المشروع الحيوي الطموح، ينوي الفريق إصدار موسوعة، استهلها بإصدار «البيبليوغرافيا الحسينية البحرينية»، على أن تتلوها أجزاء أخرى تغطي ما بقي من الكتب وما نُشر من بحوثٍ ومقالاتٍ بأقلامٍ بحرينية.

ويتناول الجزء الثالث البيبليوغرافيا الفنية، من تمثيل ومسرح ومرسم حسيني وإنشاد ومنتديات ومؤتمرات ومعارض صور. ويغطي الجزء الرابع الحسينيات والمواكب والجاليات الأجنبية ومراكزها وظاهرة المضايف منذ بداياتها.

وسيغطي الجزء الخامس الخطباء والمحاضرين سواء من الداخل أو الخارج، الذين ارتقوا المنابر في البحرين. وكما هو واضحٌ، أن مثل هذا المشروع الضخم يحتاج إلى تعاون الجميع ودعمهم... ولو بالكلمة الطيبة والرأي السديد.

المركز خطا خطوته الأولى، ويخطّط للخطوات التالية، من تشكيل قسمٍ للبحوث العلمية، وتكوين مكتبةٍ تكون حاضنةً للدارسين والباحثين، فضلاً عن تنظيم الملتقيات والمؤتمرات مستقبلاً... وقديماً قيل: على قدر أهل العزم تأتي العزائم.

فيما مضى كانت هناك جهودٌ تأريخيةٌ مشكورةٌ لباحثين مُجِدّين، مثل سالم النويدري وعبدالله آل سيف، لكنها كانت جهوداً فردية، مثل هذا المشروع يحمل بذرة العمل الجماعي، ويمكن أن يسهم في استكمال جهود السابقين.

الموسوعات تستغرق سنوات، قد يمتد بعضها لأكثر من عشرين عاماً، وباكورة أعمال هذا المركز الناشئ بدأت بهذا الإصدار، الذي عمل الفريق على إنجازه خلال خمسة أشهر، وأبى أن يأتي إلى مؤتمر هذا العام إلا وهو يحمل على ذراعيه مولوده البكر الجميل.