كم من المرات التي راجعنا فيها تصرفاتنا فوجدناها خاطئة، لكن ذلك لم يدفعنا للاعتراف بذلك. قلة من الناس تدرك أن التجاهل لا يحل المشكلة، لكن كثيراً منهم يهرب إلى الأمام، وكذلك هي الدولة اليوم، تهرب للأمام، فيما هي ترتكب مجموعةً من الأخطاء منذ أكثر من عام ونصف العام.
الكثير من الأخطاء التي أوجدت هوةً عميقةً لا تغطيها كلمة حوار التي تأتي في الوقت الضائع، أو كلما اشتدت الأمور وتضخّمت. فمنذ تقرير بسيوني والجميع يدرك، السلطة وقوى المعارضة وحتى تجمعات الموالاة، أن هناك العديد من الخطوات التي يجب اتخاذها، لتخفيف حدّة التوترات، وأن الكثير مما حدث أوجدها، وأصّلها، وساعد على تفاقمها. والمثير في الأمر أن كثيراً مما سُخِّر لتبرير ما جرى من اجراءات بدأت من مارس/ اذار العام الماضي، عادت الأيام لتكشف زيفه، من قضية قطع لسان المؤذن، واحتلال مجمع السلمانية الطبي، وقبلها دوائر الخيانة التي رُسمت، وبرامج التشويه والطعن التي عرضت، والأقلام التي مازالت تنفث سمومها وتشطر المجتمع، وتلقي بقاذورات أفكارها في عمق الوطن.
بعض الأفراد المؤثرين في جماعات الموالاة اعتادوا على التأكيد أنهم في كفة الرابح، ومظاهر النصر والتهاني التي يتبادلها الجميع لا تعبّر بالضرورة عن حقيقة ما دار في جنيف، وهو الأمر الذي من حقّ الشعب كله، معارضةً وموالاة، أن يطّلع عليه بأمانة وشفافية. ولا أعرف أي نصر يتحدّث عنه أي طرف، والأمر يتعلق بحقوق الانسان. لا نصر هناك وسط مواجع الناس وآلامها. هناك مكتسبات يمكن أن تتحقّق، ولكن النصر ليس كلمةً تستخدم حين يتعلق الأمر بقضية حقوق شعب. واعتراف البعض بأنهم كانوا نائمين هو حقيقة، لا يقتصر الأمر فقط على ما دار في جنيف ودور المنظمات الأهلية التي ذهبت مدافعةً عن السلطة هناك، لكنه يتعلق بكثير من القضايا التي مازالوا عنها في سبات، مثل أراضي الدولة والحريات والمحسوبية وكثير من القضايا التي تدخل في صلب حياة المواطن الذي لن يكترث مع الوقت للوظيفة والمسكن فقط، والمجتمعات تنمو وهي بحاجة لمجاراة ذلك عبر تمكينها من النمو سياسياً واقتصادياً واجتماعياً بدرجة متساوية.
لم ينتصر أحدٌ في جنيف، ومازالت الدولة مطالبةً بتنفيذ 176 توصية، وستخضع للمراقبة والمراجعة كل ثلاثة أشهر، وهذا يعني أن الانتصار الذي يتحدّث عنه البعض، إنما يحاول أن يوهم به جماعات الموالاة التي يدعي أنهم استيقظوا من السبات، فيما يحاول الكثيرون إقحامهم في واقع مصطنع يهربون به من تساؤلات كثيرة ستحيق بهم لتبرير الخديعة التي تعرّض لها مكوّن من الشعب.
يجب أن تتوقّف عملية اعتبار التصدي للمعارضة جهاداً أكبر وأصغر، بحسب قول رئيس التجمع، فالمعارضة دليل صحة المجتمع، فبها يتم تصحيح الأخطاء، ومن المعيب اعتبار كل معارض شراً أكبر يجب التخلص منه. لسنا في القرون الوسطى، حين كانت الكنيسة تخرس كل معارض وصاحب فكر مختلف. الناس في زمن آخر، وعلينا أن نعي ذلك جيداً، «فليس خطأ أن يعترف المجتمع بعيوبه، بل الخطأ أن يتنكر بثياب الفضيلة» كما يقول الإعلامي السعودي هاني نقشبندي، ولذا لا وجود للفضيلة المزعومة في العالم اليوم.
علينا أن نتقبل الرأي والرأي الآخر. أن تكون المعارضة جزءاً من تشكيل الدولة المدنية الديمقراطية، فبها يتضح الوجه الآخر، غير المشرق لحركة تطور الدولة. الأخطاء جزءٌ من العمل الحقيقي، وواجبنا العمل على تصحيحها لا إيقاف عجلة السير وادعاء أن الأمور بخير حيث توقفنا.
سيكون من الجيد البدء بالاعتراف بالمعارضة كجماعاتٍ ترى الجانب الآخر الذي لا تراه السلطة وموالوها، لا كجماعات شر وانقلاب وخيانة.
إقرأ أيضا لـ "مريم أبو إدريس"العدد 3673 - الأربعاء 26 سبتمبر 2012م الموافق 10 ذي القعدة 1433هـ
شكراً لك
ما تدعين إليه أيتها الفاضلة هو الذي يجب أن يسود، والمشكلة تكمن في اقناع أناس همّهم الأكبر الحصول على الاقطاعات والهدايا.
رقم 2
لا ماعندها اخطاء كلش
الى الزائر رقم واحد
الدوله اعترفت بالاخطاء ولكن لم تعالجها بل زادت
من تكرارها.
اما المعارضه صحيح هي لم تنزل من السماء ولكن هل تحدد لي اخطائها واحد اثنان ثلاثه.
رحم الله امك
من كان منكم بلا خطيئة..
أعجبتني مقولة النقشبندي ويا ريت الكل يطبقها. الدولة إعترفت بعيوبها (ولست بصدد الدفاع عنها) وقالت نعم كانت هناك أخطاء وتم تصليح الكثير منها. وماذا عن الجانب الآخر, هل إعترفت المعارضة بذنبوها وغسلت خطاياها أم هي من القدسية والعصمة التي لم يمسها إثم ولا معصية؟ إذا كانت بلا ذنوب فوجودها في مجتمعنا جاء برغبة إلهية ويجب على الجميع إن يكونوا معها أما إن لم تكن وقبل أن نتقبلها كجانب يرى ما لا نراه فعليها طلب الغفران من زلاتها- وأي زلات كانت ! دكتور ن