عندما انطلقت سفينة الركاب «تايتانيك» من مرفأ ساوثهامبتون في 10 أبريل/ نيسان 1912 في أول رحلة لها عبر المحيط الأطلسي، لم يكن أحد يتصور المأساة التي ستجري فصولها على مدى الأيام الأربعة التالية. فبعد ارتطام هذه السفينة المشؤومة بجبل جليدي وغرقها، ما أودى بحياة أكثر من 1500 شخص، أصبحت قصتها راسخةً إلى الأبد في ذاكرة الجماهير.
ولاشك أن أهم إرث خلّفته كارثة «تايتانيك» كان التعجيل بعملية وضع وتنفيذ معايير وإجراءات دولية لنشاط الملاحة البحرية. وفي يناير/ كانون الثاني 1914، عُقد في لندن أول مؤتمر دولي عن حماية الأرواح في البحر. وتظل الاتفاقية التي تمخضت عنه بشأن حماية الأرواح في البحر تشكل المعاهدة الدولية الرئيسية في مجال السلامة البحرية. وتحديث هذه الاتفاقية وتطويرها في ضوء التقدم التكنولوجي مهمة تقع على عاتق وكالة تابعة للأمم المتحدة هي «المنظمة البحرية الدولية».
وينطوي كل جيل من الأجيال المتعاقبة على تحديات جديدة. وفي السنوات الأخيرة، شهد قطاع سفن الركاب نمواً ضخماً على جميع الجبهات - سواء من حيث عدد الركاب أو عدد السفن أو الوجهات الجديدة المقصودة وربما أهم من ذلك كله، حجم السفن. وعلى رغم التطورات التي تحققت في مجال التكنولوجيا، مازلنا نشهد وقوع بعض الحوادث، كما تجلى في حادث جنوح سفينة كوستا كونكورديا في إيطاليا مطلع هذا العام.
ومع ذلك، فقد أصبح النقل البحري اليوم أكثر أمناً ومراعاةً للبيئة من أي وقت مضى، والفضل في ذلك يعود إلى حد كبير للمنظمة البحرية الدولية. ففي العام 2006، اعتمدت هذه المنظمة أنظمةً جديدةً لسفن الركاب دخلت حيز النفاذ في العام 2010. وتكفل هذه الأنظمة تشييد جميع سفن الركاب الجديدة وفقاً لأقصى المعايير الممكنة. وبعد مرور قرن من الزمن على فقدان سفينة «تايتانيك» في المياه الصقيعية لشمال الأطلسي، تواصل المنظمة البحرية الدولية سعيها لكفالة مواصلة تحسين السلامة في البحر. ويكتسي عملها القدر نفسه من الأهمية كعهده دائماً.
إقرأ أيضا لـ "بان كي مون"العدد 3673 - الأربعاء 26 سبتمبر 2012م الموافق 10 ذي القعدة 1433هـ
اي ملاحة
انت وين عايش شكلة مؤ الكرة الأرضية