يعتقد العالم الغربي بأن شعوبه هي الشعوب المتحضرة التي تستحق الديمقراطية وحرية التعبير التي لا حدود لها، حتى وإن تطاولت هذه الحرية المزعومة على الأديان ورسلها وأنبيائها. ويعتقد العالم الغربي بأن شعوب العالم الثالث أو النامي كما يطلقون عليه، شعوب درجة ثانية وعليها أن تتقبل ما يقوله وما يصدِّره لهم العالم الغربي على اعتبار أن الغرب والرجل الأبيض هم السادة وما دونهم هم العبيد. فالمساس من بعيدٍ أو قريبٍ برجلٍ أبيض مسيحي أو يهودي مسألة لا تغتفر، وقتل المسلمين جميعاً والإساءة إلى معتقداتهم مسألة فيها نظر!
ويعتقد العالم الغربي واهماً بأنهم هم من يستحقون الديمقراطية الحقيقية والحرية وحقوق الإنسان، وأن الشعوب الأخرى تستحق ذلك ولكن بمقاييس غربية يتم من خلالها المحافظة على مصالحهم الحيوية. فالديمقراطية التي يريدون تطبيقها في العالم الثالث هي الديمقراطية التي تحافظ على مصالحهم وليست الديمقراطية التي تقوم على المبادئ والعدالة.
أيها العالم الغربي الواهم، لم نعد نصدقك بعد الآن؛ فأنت تكذب وتصدق كذبك وتريدنا أن نصدق كذبك أيضاً! إن الإساءة للإسلام ورسوله ليست حرية رأي كما تزعمون، كما أنها ليست حرية تعبير ولا تمثل توجهات ورؤى أنظمة الحكم عندكم! ألا توجد عندكم أحزاب سياسية بمرجعية دينية مسيحية متطرفة تحارب الدين الإسلامي وتحرض عليه جهاراً نهاراً كما في فرنسا والدنمارك وألمانيا وهولندا، ونادي الشاي وهو الجناح المتطرف في الحزب الجمهوري الأميركي الذي كان يمثله جورج بوش الابن الذي قال أمام الكاميرات إنها حرب صليبية، وبعدها أرسل الجيوش إلى أفغانستان والعراق!
إنها أقوال وأفعال ممنهجة ومستمرة بامتياز، وهي تعكس عقليتكم وثقافتكم التي تسوق الكراهية والازدراء بالمسلمين بشكل عام والعرب بشكل خاص، وقد كشفت وثائق «ويكيلكس» عورتكم وعورات أعوانكم من الأنظمة الإسلامية والعربية المتآمرة على شعوبها. فأنتم تدينون الأعمال المسيئة إلى الاسلام من جهة حفاظاً على مصالحكم ليس إلا، ومن جهة أخرى ترحبون بها وتسوقونها على العالم على أنه حرية تعبير تكفلها دساتيركم المنزهة حتى ولو أدى ذلك إلى الازدراء بالأديان والرسل وشعوب العالم الإسلامي.
إن المتابع لنشر الرسوم والأفلام المسيئة للإسلام ورسوله، منذ أن نشرت الرسوم المشينة في الدنمارك قبل سنوات وحرق القرآن الكريم من قبل رئيس إحدى الكنائس، وتبوّل جنود المشاة الأميركيين على جثث جنود المسلمين في أفغانستان، وقتل وتعذيب العراقيين وتشريدهم بشكل ممنهج ومحاربة الحجاب والتضييق على بناء المساجد ومنع إقامة مآذن للمساجد واعتقال الأئمة وتدنيس مقابر المسلمين... والمسلسل مستمر في الإساءة للإسلام والمسلمين دون غيرها من الديانات؛ إنها وبالدليل القاطع ليست أعمالاً معزولة بل تتم تحت سمعكم وبصركم وبمباركتكم من تحت الطاولة، وقد عجزتم عن إقناع العالم بمبرراتكم الزائفة التي تقوم على سياسة الكيل بمكيالين، وهمّكم الوحيد والأخير؛ هو تسيد الرجل الأبيض على العالم، وأنتم بالطبع لا تعجزكم المبررات والأسباب! فأنتم تدعمون أنظمة حكم دكتاتورية شمولية في العالم الإسلامي وغيره، التي تقمع وتصادر حريات وحقوق شعوبها ليل نهار وتحت سمعكم وبصركم، لأنها بالطبع تحافظ على مصالحكم أكثر مما تحافظون أنتم عليها، ولن تعوزكم المبررات لدعم تلك الأنظمة المستبدة.
وإذا كنتم تزعمون بأن الإساءة للأديان تعد حرية تعبير؛ فلماذا حاكمتم وأدنتم المستشرق الفرنسى روجيه جارودي عندما تجرأ وشكك في المحرقة (الهولوكوست)؟ ولماذا تسنون القوانين التي تجرّم وتسجن من يشكك في المحرقة التي هي محل خلاف؟ هل المحرقة التي أثيرت حولها الشكوك أسمى وأنبل من الأديان السماوية ورسلها؟ ألا تثور ثائرتكم وتقوم قيامتكم عندما يتم سجن مسيحي في العالم الثالث بسبب جرم ارتكبه يجرمه القانون، أو عندما تتم الإساءة إلى مسيحي واحد في العالم الاسلامي؟ أيها الغرب... إننا نعلم والدنيا كلها تعلم، أن الإساءة للأديان والأنبياء والرسل ونشر الكراهية وإثارة الفتن هي والله مخالفة صريحة لدساتيركم وقوانينكم المنزهة، وهذه المخالفة يمكن لرجل الشارع البسيط أن يكشفها. ألا تجرم دساتيركم الدعوة إلى العنصرية والتحريض على كراهية الآخر وإثارة الخلافات والفوضى؟ إذن؛ بماذا تعرفون الإساءة إلى الأديان والرسل؟ أليست أقوالاً وأفعالاً فيها تحريض صريح على كراهية الآخر ونشر الفتن وإثارة الفوضى والنزاعات؟
إن مغالطاتكم بشأن حرية التعبير المزعومة لا تحتاج حتى إلى محامٍ تحت التدريب لكي يؤكد خرقكم الفاضح لدساتيركم. إنكم تنشئون القنوات الفضائية وتستخدمون خدمات شركات العلاقات العامة للتغطية على جرائمكم في العالم الثالث، وتجعلون سفاراتكم تروّج لمبادئ حقوق الإنسان والديمقراطية المزعومة التي تخفون تحت قبعتها مصالحكم. لقد أثبتت أفعالكم المشينة في العراق وأفغانستان والصومال وبورما وسورية والسودان، أن همكم الوحيد هو إنهاك وإضعاف العالم العربي والإسلامي حتى يبقى تابعاً لكم، لأنكم خرجتم من الباب ولكن رجعتم وبخبث من النافذة.
أنتم تريدون بلداننا أسواقاً لبضاعاتكم وسلاحكم وثقافتكم وديمقراطيتكم، وتريدون شعوبها تسبح لكم ليل نهار. فأنتم لا تريدون العالم الاسلامي والعربي أن يكون منافساً سياسيّاً واقتصاديّاً يمكنه مقارعتكم كما كان يفعل الاتحاد السوفياتي سابقاً، والصين حاليّاً، لكن هيهات! ودوام الحال من المحال، وعليكم أن تتعظوا من الامبراطوريات البائدة التي ذهبت أدارج الرياح وأصبحت أثراً بعد عين.
إننا بقدر ما ندين سياسة الكيل بمكيالين التي تطبقونها علينا؛ فإننا ندين أكثر أنظمة الحكم في العالم الإسلامي والعربي، والمنظمات التي تنسق شئونها منظمة التعاون الاسلامي وجامعة الدول العربية التي تعطي بصمتها المريب الضوء الأخضر للغرب بعد كل إساءة للإسلام ورسوله، لكي يتجرأ أكثر وأكثر على الإساءة لمعتقداتنا وكرامتنا وتاريخنا وتراثنا وثقافتنا.
لماذا يا حكام العالم الإسلامي تكتفون بالبيانات الجوفاء التي لا تساوي الحبر الذي كتبت به؟ ولماذا لا تسنُّون القوانين التي تجرّم وتلاحق قضائيّاً من يسيء إلى الاسلام ورسوله وحقوقنا، وتطالبون الانتربول بملاحقته، وكذلك الدول التي تربطكم بها اتفاقيات أمنية بتسليمه، وبالتالي تشددون الضغط على العالم الغربي وترسلون إليه رسالة واضحة مفادها أن «العين بالعين والسن بالسن والبادئ أظلم»... فمن يرفع الشراع؟
إقرأ أيضا لـ "عيسى سيار"العدد 3672 - الثلثاء 25 سبتمبر 2012م الموافق 09 ذي القعدة 1433هـ
تعليق 2 على الاخ الدرازي
تكملة على تعليقي السابق
2- ان المملكة السعودية وحسب نظامها تمنع خروج المسيرات اياَ كانت اهدافها (هذا قانون بلدهم) ويجب علينا احترامه
لذا فالشيخ الجليل ومن دعا للمسيرة علم أو تعمد بقصد واضح او مبطن الخروج لهذه المسيرة لهدف واضح أو غيره
فالرؤية تكون : ليس لانه فلان
وليس ضد نصرة خير البشر
انما لضبط الامن
اتمنى ان يكون تحليلي ورأيا واضحا وتقبله مني مع تحياتي واتمنى ان ينسر كاملا وشكرا للوسط
الشيخ العجوز
بالمناسبة إسم الشيخ الذي اعتقل في السعودية بسبب مشاركته في مسيرة التنديد بالفلم المسيئ هو: شيخ حسين الراضي وهناك فيديو يعرض باستمرار في قناة العالم للمسيرة التي شارك فيها هذا الشيخ العجوز ( ممكن عمره 75 سنة)!!! وا إسلاماه
ابو صادق الدرازي
شكراااااا
مشكووووور مشرفنا الغالي على عرض التعليق .. وأنا كنت ابغي استثير فيك روح حرية الرأي التي دائما نتفاخر بها في جريدتنا الغالية الوسط
وعلى قولة القذافي لعنه الله: إلى الأمام إلى الأمام ياوسط
أبو صادق الدرازي
صح لسانك أستاذ عيسى .. ولكن!!
أليس من الأولى أيها الكاتب الشريف أن نشجب إساءة القريب قبل البعيد؟! هناك خبر طبعاً يحرم تداوله في صحافتنا (حتى الوسط الحرة ) وهو خبر اعتقال أحد المشايخ في السعودية -وهو كبير السن- وذلك على خلفية مشاركته في مظاهرة تندد بالإساءة لرسول الله ص وفي أين؟ في بلاد الحرمين الشريفين!!!! هل هناك إساءة للرسول أكبر من هذه الإساءة بأن يعتقل من يرفع عقيرته بالتنديد بالإساءة للرسول وفي أشرف بقاع المسلمين!! بصراحة عقلي يتجمد في تحليل هذا التصرف .. أبو صادق الدرازي
تعليق1 على الاخ الدرازي
رد على الاخ صادق الدرازي
بارك الله فيك على ماتفضلت به وان كان لدي بعض الاجوبة على الاستفسارات التي تفضلت بها
1- اولا يجب عليك التفكير ماالذي جعلك تتألم لاعتقال ذلك الرجل وتحليلك للموقف هكذا ؟؟ فهناك الكثير من الضحايا سقطوا في اكثر من بلد لنفس السبب لكن نظرتك وفزعتك لشخص دون غيرة ربما لاصله أو فصلة أو مذهبه أو عرقة هو أحد الاسباب التي جعلتك تفكر في مساحة ضيقة جدا ؟ وجعلت كل من يقرأ تعليقك يتسائل نفس السؤال؟
تكملة في الرد التالي
صح لسانك
خوش مقال صح لسانك والله يعطيك العافية
سوريا
نعم لم تكن خطأ مطبعيا في المقال. فهل قرأها من وضع على رأسه ..
الديمقراطية والكرامة وحق الشعوب لهم وأما نحن فالعبودية لنا
هكذا تكلم احد الاقارب مع احد الامريكان متسائلا لماذا انتم تمارسون الديمقراطية وتطالبون بها وتطبقونها على شعوبكم ولكن ما إن يأتي الدور علينا تحرمون من كل شيء وتسلطوا علينا كل انواع الحكام الديكتاتوريون وتحموهم وتقفوا الى جانبهم؟
هم هكذا ولاننا بقرة حلوب لهم بترولنا يصلهم وسلعهم تسوق في بلداننا فنحن
لهم البقرة الحلوب ولم وعت هذه الشعوب فربما تتضرر مصالحهم المادية وهي دول رأسمالية بحتة
السوء والإساءة و الحسن من الكلام ليس به إساءة
الفعل شين لا زين فيه فهو قول لا يمكن وصفه بما لا يزين فيه.
فلا يتفاوت ولا يتراوح الكلام. ففي الحالتين يحدث تغير من حال الى حالة ثم حالتين منقسمتين غير متصلتين، مثل من سيء الى أسواء أو بين السيء والأسواء، وبين بذيء وأدنى أو من دنيء الى أدنى.
فهل يلحق أم يعود الكلام السيء بأهله أم جيرانه بما بدى من ألاذي؟
قلت الشراع0
وأنا أقول لك يا أخي العزيز أن الله سبحانه وتعالى قال فى كتابه الكريم 0 بسم الله الرحمن الرحيم 0 ولن ترضى عنك اليهود ولا النصارى حتى تتبع ملتهم 0 نزلت لتنبه الرسول العظيم بعد ان حاول مرارا وتكرارا شرح ألأسلام لهم وبعد ذلك نزلت ألأية الكريمة 0 سورة الكافرون 0 وتركهم بعد ان جادلهم باالتى هي أحسن وقال لهم لكم دينكم ولي دين 0 ولم يفعل مثل ما فعله اليهود بقتل ألأنبياء وصلب المسيح وألأستهزاء بنبي الله موسى عليه أفضل السلام 0 هم يحقدون على الأسلام لأنه دين الحق وسيحكم ألعالم بأذن الله وهم خائفون 0