هناك نظرية في علم النفس أعتقد معظم الناس يعرفونها وهي «نظرية نصف الكأس»، ذلك أنك عندما تضع كأساً مملوءاً نصفه فقط بالماء أمام أي شخص وتطرح عليه سؤال: ماذا يوجد أمامك؟ فالإنسان الإيجابي في الحياة سيجيب بأن الكأس نصفه ممتلئ بالماء. أما الإنسان السلبي في الحياة فسيجيب بأن الكأس نصفه فارغ من الماء، وبالتالي فالذي أخبر بالنصف الممتلئ فهو بحالة نفسيه جيدة، والذي أخبر بالنصف الفارغ فهو بحالة نفسية سيئة.
هذه النظرية التي انطلت على الكثير من القوى السياسية في الساحة المحلية بعد أن تم تداولها سنين كثيرة لم تعد تنفع حالياً. فمن بقي طويلاً في عمره السابق ينظر إلى النصف المملوء من الكأس الرسمية، فليس لديه استعداد أن يعير أي انتباه للنصف الفارغ، أو أن يحاول رفع نسبة امتلائه ولو قليلاً. بل بالعكس، بدلاً من ذلك مازال يحاول قضاء بقية عمره يتغزل بالنصف المملوء بكل ما أوتي من بلاغة ومواهب خطابية نثراً ونظماً، إلا أن وراء ذلك جهلاً مطبقاً أو طمعاً في مصالح واسعة وعطاءات دنيوية. فهو يدعي التفاؤل ويحاول إقناعنا به، من باب أنه إيجابي ويؤمن بالبناء المتوازن في المجتمع والخالي من العقد والإحباط واليأس وجميع أمراض ضغط الدم.
ولن نقف مع الذين يرون الجزء الفارغ من الكأس فالسبب معروف، ذلك لأن كؤوسهم فارغة تماماً وحقوقهم مسلوبة عياناً وجيوبهم تدل على ذلك. لكن السؤال الأهم هو: وإذا طال الزمن وتعفن النصف المملوء من الكأس وامتلأ بالبكتيريا فما العمل؟ ببساطة من المفترض أن يكون رد الجميع، متفائلون ومتشائمون، لابد من إفراغ الكأس تماماً وغسله جيداً من العفن والبكتيريا وإعادة ملئه من جديد، أليس؟
فما هو إذن حال الكأس البحرينية اليوم، وإن كان عنوانها حقوق الإنسان التي وهبها الله له لتعزيز إنسانيته ويصرّ البعض على سلبها عنوة منه بإذلاله، وهل مازال هناك خداع بصر تحوم حول تلك الكأس بعد جنيف؟
بناءً على نظرية الكأس نفسها، فما حدث قبل وبعد جنيف في الساحة المحلية، يظهر بأن هناك فريقاً موالياً يعيب على المعارضة مراهنتها على مساعدة الدول الكبرى لحل الأزمة بسب التشاؤم التي يتلبسهم من الحل المحلي، بينما من ينظرون للكأس البحرينية من جانب الحقوق المسلوبة، يرون أن هذا ينطبق على الطرف الآخر كذلك في مراهنته وإلا لما توجهوا بقضهم وقضيضهم إلى الساحة الدولية الحقوقية في جنيف للدفاع اعتماداً على دعم الجهات الحليفة نفسها. وهذه طبيعة السياسة في عالم اليوم، فرضتها الدول المتحكمة في هذا العالم سياسياً وعسكرياً وليس لأن مسار الحقوق العالمي هو بهذا الشكل، بل ما تفرضه تلك الدول الكبرى على أمثالنا، فلا تعيبوا على أحد والعيب فيكم وكلكم في الهم شرقُ.
من ناحية أخرى، تصوروا أن كل النزف المادي من الكأس، بتلون الرؤى حول مائها ومدى صلاحيته، منذ ما يزيد على عام ونصف، الآن؛ قد زاد الناس فقراً، وكل ما حدث في جنيف أو بعد جنيف أو قبل جنيف بل وما قبل قبل جنيف وما قبل فبراير الماضي وألف فبراير مقبل؛ ما كان سيحدث لو تم اللجوء منذ البداية لعلاج الـ 50 في المئة من الحل. وهو بسيط جداً وقديم - جديد لو تم الركون إليه بحق لا إله إلا الله وحده لا شريك له لما حدث ما حدث ولخرجت كل الأطراف راضية مرضية. ولا ندّعي هنا علماً جمّاً، ولكنه يتمثل في تشغيل كل المواطنين العاطلين حتى اللحظة بعزة وكرامة وتقدير في وظائف بكل الوزارات والشركات بلا تمييز وبحسب المؤهلات دون النظر للطائفة والمذهب واللهجة وما يسمى بالولاء وعدم الولاء في هذا التوظيف، وتعليم عالٍ لكل المواطنين بالوتيرة المذكورة نفسها، فهل ذلك صعب؟ ولا ننسى ملحق الحل، توفير سكن بسيط، لأن المواطن عندنا لا يطلب سكناً مرفّهاً، بحيث يتساوى الجميع في هذا، أي لكل المتقدمين لمشاريع الإسكان من أهل البحرين. مع التفكير جدياً في عدم سكب النار على الزيت بزيادة عدد الموقوفين بعد التعهد باحترام حقوق الإنسان ما بعد جنيف الغراء، بدلاً من تقديم وعود لأي جهة أو صديق مرحلي بأي عدد من الوظائف في الدولة، أو زيادة امتيازات الموالين نكاية بالمعارضين، أو تهميش جزء رئيسي من مكونات المجتمع.
هذا هو نصف الحل أو نصف الكأس البحرينية بوضعها الحالي، وبالطبع هذا النصف المتفائل سيخفف من النظرة الأخرى للكأس وهو بالتالي سيفضي تدريجياً للتفكير بروية في كيفية تنظيف الكأس مما علق بها من بكتيريا طوال الفترة الماضية. وهو في الوقت نفسه طريق البدء بحوار حقيقي، فهل هذا الحل النصفي صعب أيضاً حالياً؟
إقرأ أيضا لـ "محمد حميد السلمان"العدد 3671 - الإثنين 24 سبتمبر 2012م الموافق 08 ذي القعدة 1433هـ
العاقل والحصيف يعطي من نفسه الحق للآخرين قبل ان يجد نفسه مضطرا لذلك
شعب البحرين بلغ من النضج ما يجعله غير قابل بالحلول الترقيعية والديكورات الخارجية وهو يطالب بحقوقه الاصيلة له ومحاولة اللعب عليها والتذاكي على هذا الشعب لن يجدي وقد اصبحت الملفات الآن مدولة بفضل عدم استجابة السلطة لشعبها والجلوس معه وحل مشاكله فحتى كلمات الحوار كانت تحمل في طياتها الكثير من الخداع والاستغفال والاستهجان لهذا الشعب الذي ضحك عليه في السابق بسبب طيبته الزائدة اما الآن فلا يمكن الضحك عليه مرة اخرى فالبعض يعاتبنا لماذا لم نقبل بالحوار ايام الدوار والذي لم يخلوا من فخ ومصيدة
يقول الشاعر
تيتي تيتي مثل ما رحتي جيتي
راحو منتهكين وبرجعون منتهكين وبتمون منتهكين
حتى يأذن الله من بعد ما يميز الخبيث من الطيب
سلام استاذي
يا ريت
انا اجزم ان مملكة البحرين ستصبح في أحسن حال لو قطعت رؤوس الثعابين التالية ثعبان اصحاب الفتنة والذين يدعون التدين ويشتمون مكون كبير جداً من الشعب وعلي منابر المساجد وأصحاب المصالح والباحثين عن المناصب والمال علي حساب الاخرين والداعين لقطع أرزاق الناس وأصحاب الأعمدة الحاقدة في بعض الصحف كل هذه الزمرة لا تريد خيرا للبحرين لو قطعت رؤوسهم سيرتاح الجميع من شرهم وستسلم البحرين من أذاهم