أكد المفكر البحريني علي فخرو أن «التحول الحقيقي نحو الديمقراطية عبر ترسيخ القضايا الدستورية واستقلالية القضاء ومؤسسات المجتمع المدني وتحقيق دولة المواطنة المتساوية، هو معيار حسم نجاح الثورات العربية».
وانتقد فخرو في ندوة عقدت بمقر جمعية وعد في أم الحصم أمس الأول الأربعاء (19 سبتمبر/ أيلول 2012) بعنوان «حال الأمة بعد الربيع العربي»، ما اعتبره «عدم قدرة الحركات الثورية على أن تكون تحالفات فيما بينها رغم وحدة ما يؤمنون به من مبادئ أساسية».
وأوضح أن «تحليل الوضع العربي يعتمد على السقف الذي يضعه الإنسان لما يطلبه من هذه الثورات، فإذا كان السقف عاليا فقد يدخل في طوباوية فكرية، لا تمت للواقع بصلة، وإذا كان السقف منخفضا جدا، سيكون البعض ضد هذه الثورات، المطلوب هو سقف بين الاثنين يأخذ في الاعتبار واقع هذه الثورات العربية من جهة، ولكنه لا يتخلى عن مرتكزات أساسية في الحياة السياسية العامة، فهذه النظرة يمكن أن تؤدي إلى نتيجة».
وأضاف «ليس من السهل الخروج باستنتاجات متناسقة مشتركة لأوضاع ما بعد حركات الربيع العربي كله، فهناك اختلافات جوهرية بين ظروف وحجم ونتائج مراحل الأقطار العربية التي مستها ثورات الربيع العربي، فنحن لا نستطيع أن نقارن بين أقطار فيها 90 مليون نسمة، وقطر فيه نصف مليون، فالتأثير على الوضع والمستقبل العربي يختلف تماما هنا عن هناك».
وأردف «الفكر القومي والزخم العربي، لم يصل إلى مستويات عليا إلا عندما تبنى القطب العربي المصري له، فعند ذاك أصبح هناك وجود حقيقي لهذا الفكر، قبل ذلك كانت حركات هنا وهناك، ومظاهرات هنا وهناك، وصحيفة هنا أو هناك، لكن الزخم ارتبط بهذا القطر الذي أصبح روح هذه الأمة، الذي يوطن ربع سكان هذه الأمة سكانا وتراثا وثقافة».
وتابع «ومع ذلك أعتقد أنه على رغم هذه الأمور، فهناك مجموعة من النقاط التي يمكن مناقشتها لأهميتها الكبرى، فهناك أمور تحققت بالغة الأهمية، قد لا يظهر أثرها اليوم لكنه سيظهر غدا أو بعد عقود، فنحن يجب ألا ننسى أن الشعب العربي كسر حاجز الخوف، ولذلك رمزية مهمة، فالذين يذكرون ذلك الشعب الذي يخاف وترتعد فرائصه، يرون أنه أصبح يواجه تلك القوى بصدر مفتوح ولا يخاف، أعتقد بأن هذه قفزة تاريخية يجب ألا نقلل من أهميتها على الإطلاق».
وواصل فخرو «كذلك القطيعة مع الاستبداد الماضي، فليس قليلا أن أمة عاشت قرونا تحت الاستبداد تأتي وتقرر أنها ستوجد قطيعة حقيقية مع ذلك التاريخ».
وأكمل «الأمر الاخر هو تضحيات الشباب بلا تردد، فكان ذلك شيئا مثيرا للإعجاب وبالغ الأهمية، لأنه أعطى درسا مهما، لأنه نموذج للآخرين، بأننا قمنا بهذه التضحيات وأنتم مطلوب منكم ألا تخافوا كما كنا لا نخاف».
وأفاد «الأمر الآخر، هو كسر حاجز المقدسات السياسية، فما عاد الأشخاص ولا المؤسسات مصانة، إذا خرج هؤلاء الأشخاص أو تلك المؤسسات عن ثوابت الأمة».
وبيّن «نحن كنا نتكلم عن قضايا حقوق الإنسان، لكن بعد قيام هذه الحركات أصبحت هذه القضايا في صلب الحراك السياسي، وهذا الأمر بدا كمشاعر وأفكار يدخل في فكر المواطن العادي، وكذلك الانتقال إلى نوع من الديمقراطية غير مزيفة، أصبحت في قائمة المطالب حتى أنها أصبحت تسبق المطالب المعيشية التفصيلية، لأن الناس بدأوا يعرفون أن الانتقال إلى الديمقراطية هو الحل إلى المشاكل المعيشية، لكن حل المشاكل المعيشية قد لا يؤدي إلى حل الإشكالية الديمقراطية».
وأشار إلى أن «العالم كله تكلم عن الإبداع الذاتي في أساليب النضال، من الاعتصامات والاستعمال الكثيف الكفء لوسائل التواصل الاجتماعي، ولايزال العالم إلى اليوم يتحدث ويشير إلى التجربة العربية».
ونبه إلى أن «بروز المرأة العربية في النضالات العربية كان نقطة تحول ذهنية بالغة الأهمية، فهذه المرأة التي كان يراد لها أن تهمش وكان يعتقد بأنها ناقصة، فجأة إذا هي جزء لا يتجزأ من هذا الحراك العربي، والذين استمعوا إلى النساء في الفضائيات العربية يتحدثن بطلاقة تفوق ما كان يتحدث به بعض شباب هذه الأمة، وكانت لهن حججهن القوية يتأكد من دورهن الفاعل في هذا الحراك».
وشدد على أن «العالم انبهر بكل ذلك، والقوى العالمية الامبريالية الاستخباراتية التي لم تحمل جماهير العرب محمل الجد في كل خططها فوجئت بكل ذلك».
وأكمل «أردت أن آتي بهذه النقاط، حتى لا ننسى إذا ما وجدنا انتكاسة هنا أو هناك وجود وتحقق هذه المكتسبات، وبالطبع تلك أوصاف لتأثيرات بعضها ذهنية وعاطفية وسلوكية، ولكن التأثيرات التي لا تحفر في الواقع العملي وفي الحياة المعيشية اليومية للجماهير لا تكفي، وقد تكون مؤقتة».
وذكر أن «التأثيرات التي تحفر في الواقع العملي يمكن الحديث عنها في أربعة مستويات، فعلى المستوى السياسي، علينا أن نذكر أنفسنا بأن أنظمة سقطت وقامت مكانها أنظمة أخرى، ولكن هل سقطت الدكتاتورية وقامت الديمقراطية؟، هذا سؤال محوري يختلف الناس على إجابته، وأنا اعتقد بأن الديمقراطية هي سيرورة لها بداية ولكن ليس لها نهاية، لها أرضية وليس لها سقف عبر التاريخ كله».
وأبدى فخرو اعتقاده بأن «المسيرة بعد الثورات بدأت بسرعات ونجاحات مختلفة، هناك بلدان أسرعت خطاها في الديمقراطية، وبلدان أخرى لاتزال تحبو، فعندما أعطيت الفرصة إلى الشعب العربي لكي يمارس الديمقراطية صوت ضد الأنظمة السابقة إلى صالح أنظمة جديدة، بغض النظر عما إذا كانت هذه الأنظمة الجديدة تعجبنا أو لا».
ولفت إلى أن «التصويت إلى الإسلام السياسي لا يعيب العملية السياسية، طالما أن العملية الديمقراطية كانت عملية نزيهة، والثقة بالشعوب أصبحت عملية محورية، فإذا فقدنا الثقة في شعوبنا فقدنا الثقة في كل شيء، فالشعب العربي تاريخه يؤكد أنه قادر في اللحظات الحاسمة أن يموت من أجل ما يؤمن به».
وأوضح «عندما نتكلم عن الإسلاميين، لابد من الإشارة إلى نقطة بالغة الأهمية في المستقبل القريب، فستكون هناك علنا خلافات بين الإسلام المعتدل المستنير وبين الإسلام المتطرف السلفي، وهي اكبر مشكلة ستواجهها الثورات، والسبب أن السلفية السياسية لديها من يسندها بالمال والإعلام والمواقف السياسية والمعنوية، وقد هيأت لذلك منذ سنوات كثيرة، من قبل بعض مال النفط العربي من منطقتنا».
واستدرك «لكن هناك شيء مقلق، عدم بروز فاعلية شباب الثورات في الأساس، فنحن لا نسمع إلا القليل عن هؤلاء، فإذا لم تخرج من رحم هؤلاء حركات سياسية جديدة تثري وتجدد الحياة السياسية العربية، سيساعد ذلك على إمكانية حدوث انتكاسات في الثورات العربية».
وتابع «هناك ثوار ولكن ليس هناك جسم ثوري، يضبط حركة الثورة وهنا اضرب مثالا بالحراك الذي صاحب الفيلم المسيء للرسول الكريم محمد، فلو كان هناك حسم ثوري لكان باستطاعته ضبط الحراك المصاحب لهذا الحدث».
وأردف «الأمر نفسه ينطلق في موضوع التحالفات بين قوى الثورة، فالإنسان يستغرب، ألا نتعلم درسا أن الذين يؤمنون بالمبادئ الأساسية يجب أن يتعاونوا، ففي السابق كانت الحركات القومية تحمل الشعارات ذاتها لكنها دائما تصطدم مع بعضها البعض، والحركات اليسارية والشيوعية حدث معها الأمر ذاته».
وقطع فخرو بأن «الحركات الثورية اليوم نجدها غير قادرة على أن تكون تحالفات فيما بينها ولا تحالفات مع قوى عربية أخرى على الأقل قابلة بالتوجهات العامة للثورة، وتحالفات إقليمية، وهذا نقص لايزال في الحركات الثورية، حتى الناجحة منها».
وشدد على أن «القضايا الدستورية والقضاء ومؤسسات المجتمع المدني هي التي ستحسم نجاح الثورات، وستمنع الثورات المضادة، وهذه الأمور ستحتاج من شباب الثورات جهدا كبيرا، فليس مهما أن تستلموا الحكم، انتم تستطيعون أن تكوّنوا قاعدة عريضة تقف بالمرصاد إلى أنظمة الحكم الجديدة إذا شذت أو خرجت عن مبادئ الثورات».
وواصل «اعتقد بأن على قوى الثورات أن يقفوا ويصطدموا إذا اضطروا بأنظمة الحكم الجديدة إذا خرجت عن الديمقراطية، كما اصطدموا من قبل مع الأنظمة القديمة، حتى تعود إلى مبادئ الثورة».
وأفاد «لا ثورة لها قيمة، إذا كانت النتيجة هي كيان الثورة، وهنا اضرب مثلا بسورية، فلاشك أن الجميع ضد الحكم الدكتاتوري، وأن من حق الشعب السوري الحصول على الديمقراطية، لكن على شرط ألا يكون ذلك على حساب تكوين الدولة، بمعنى تفتيت الدولة وإسقاطها وإخراجها من هويتها المقاومة والعروبة التي لها مئات السنوات، وهذا خط احمر ليس فقط بالنسبة إلى سورية بل لجميع البلدان، ولأي حراك يأتي في المستقبل».
وأكمل «بالنسبة إلى السياسة الخارجية للأنظمة الجديدة، أجد أن التغيرات مازالت محدودة للغاية، لا تتماشى مع مبادئ الثورات، وخصوصا ما يتعرض بالنظام الإقليمي العربي وفاعليته، فلاتزال دولة مثل مصر مترددة في القيام بدور محوري في السياسة القومية العربية».
وأضاف «بالنسبة إلى العلاقة مع الولايات المتحدة وأوروبا، فأميركا لم تغير سياستها، فحيث توجد مصلحتها ستتعاون، وحيث لا توجد لن تتعاون، وفي النهاية فهي مثلما كانت تقف مع أي نظام يحفظ لها مصالحها، ستقف الآن مع أي نظام يحفظ لها مصالحها كذلك، وستكون ضد أي نظام لا يحفظ لها مصالحها».
وأوضح «أما عن النظام الصهيوني، فلم يحدث للان أي شيء إزاءه، هناك اليوم بعض التردد القليل الذي يسمعه الإنسان من النظام في مصر، ولكن حتى الآن معاهدة السلام أكد انه لن يكون هناك أي مساس بها، وبالتالي فلا يوجد أي تغيير إزاء هذا الكيان».
وتابع «إذاً، للآن لا يوجد أي مشروع سياسي متكامل كما فعل الرئيس الراحل جمال عبدالناصر أو كما فعلته الأحزاب القومية سابقا عندما كانت تطرح حراكها».
وأكمل «على المستوى الاقتصادي فبلدان الحراك العربي لاتزال تراوح مكانها، ولا يطرح فكر اقتصادي جديد، العالم كله ينتقد الفكر الرأسمالي، ويبين الاخطار التي يحتويها ذلك الفكر، بينما مسار الثورات العربية لم يطرح إلا العدالة الاجتماعية، لكنها ليست فكرا اقتصاديا متكاملاً».
وأردف «هذه الثورات، لم تطرح للآن فكرا اقتصاديا ملائما لهذه المنطقة ومرحلتنا التاريخية ومرتبطة بقضايانا الاقتصادية المختلفة عن غيرنا».
وأشار إلى أنه «على المستوى الاجتماعي لا حاجة للتذكير بأن الانقسامات الطائفية، لم تعد موجودة فقط، بل زادت في بعض البلدان أكثر، والعشائرية والمناطقية كذلك».
وأكد فخرو أن «المطلوب من هذه الثورات أن تنتقل إلى المواطنة المتساوية، ومنها المساواة الجندرية بعد الدور الذي لعبته المرأة في الثورات العربية».
وواصل «أما على المستوى الثقافي، فالثورات التي لا يصاحبها تجديد ثقافي ثوري عبر استراتيجيات وبرامج لا يمكن أن تنجح، وإذا لم توجد ثقافة تنهي تلك الانقسامات، وتوضع الولاءات الفرعية في مكانها الصحيح، وربطها بالولاء الأكبر للوطن وللأمة، وتدخل مبادئ حداثية تقبلها الغالبية من الناس، تؤثر على الملايين، وتجعل تلك الحداثة منسجمة مع روح الإسلام كونه المكون الأساسي للثقافة الجمعية العربية، فلن نوجد ثورات تنسجم مع التطلعات العربية».
وشدد على أن «طريق مسار الثورات العربية طويل ومعقد وشائك، لأنه لا يحدث في مكان واحد ولا ظروف واحدة، كما أن هناك محاولات حثيثة لسرقة هذه الثورات، وهناك حاليا ثورات بدأت تسرق من داخل من قاموا بها».
ولفت فخرو إلى أن «الإعلام العربي لا يساهم في الخروج من الماضي، وكأنه يعيش خارج هذه الثورات وخارج هذا العصر، ويجب ألا يغيب عن بالنا أن القوى الخارجية التي لا تريد للثورات النجاح بالغة الخطورة، ومع ذلك لنضع ثقتنا في شعوبنا».
وأفاد «المشكلة لدى شعوبنا كانت ومازالت مشكلة قيادات، هناك ملايين خرجت في الربيع العربي، لكنك لا تجد قيادات تأخذ ذلك وتسير بها بصورة تراكمية يومية إلى أن تنضج».
وختم فخرو بقوله «في هكذا مجتمعات، لديها مشكلات ثقافية ومع هكذا إرث تاريخي مفجع بالغ التعقيد ستحتاج الثورات العربية إلى عقود وليس إلى سنين حتى تنجح، هناك حاجة إلى النفس الطويل في هذا الحراك، ولكن على شرط لازم أن يكون هناك تراكم يومي لمنجزات صغيرة لكنها مستمرة».
العدد 3667 - الخميس 20 سبتمبر 2012م الموافق 04 ذي القعدة 1433هـ
الاعلام احيانا يعيش ضد التيار وليس خارجه
إعلام متخلف
إتأذن في خرابة
اكول دكتور يأسفني ان اقول لك لا زلت تحلم رغم شرعية الأحلام ولكن احياناً يكون الحلم مخادعاً لو تصفحت هذه الجريدة يكفي نظرة مجردة على اعتصام اهالي الدير والسماهيج الذين ينادون بالمناطقية اي العصبية المناطقية التي هي اسوء من العصبية الطائفية والعنصرية لتكتشف ان ما تقوله مجرد كلام خارج الواقع يعني بالمحلي تأ>ن في خرابة ) هزلت
الرأسمالية اختراع الإنسان الأعظم
جميع دول العالم حتى روسيا والصين لم تجد بدًّا من الرأسمالية وذلك بالرغم من بقاء الجوانب الأخرى في الأنظمة اليسارية والإسلامية أما في الإقتصاد فلا منافس للرأسمالية والواقع شاهد على ما أقول.