يتشابه الحراك الإنساني من أجل الحرية والعدالة في معظم دول العالم وخاصة تلك التي مازالت تعيش اضطهاداً سياسياً من قبل أنظمتها التي لا تعترف بمطالبها ولا بحقوقها المدنية والسياسية.
إن تحسين أوضاع المواطن المعيشية ضمن تفعيل حقيقي للقوانين ودستور واضح يضمن هذه الحقوق هو مطلب أساسي للشعوب التي سلبت منها إرادتها كما هي حريتها وخاصة إن كان النظام شموليّاً أو نظاماً لم يتخلص بعد من القبلية والأبوية التي تحكمه في صورة لا تعطي الحق في أن تطالب وتخرج في الشوارع بسلمية لأن المطالبة على الدولة القبلية أو الشمولية دلالة على التعدي على الدولة والمطالبة معناه نهاية للنظام الذي يعتمد على الاستعباد والاستبداد طريقاً لاستمرار حكمه.
ولو نظرنا إلى ما يحدث في الشوارع العربية التي تشهد متغيرات كثيرة منذ مطلع العام 2011 فهي حتى الآن لم تستسلم بعد لأنظمتها السياسية رغم القمع والقتل وربط ما يحدث بتهديدات ومؤامرات خارجية. السيناريو الذي يعاد تكراره مع كل حركة مطلبية في مراحل التاريخ العربي الحديث. وبدلاً من الاعتراف وحل المشكلة السياسية العالقة داخل المجتمع تذهب الأنظمة السياسية في تبنّي الحلول الأمنية والعسكرية لإسكات صوت الحراك المطلبي أو القضاء عليه كليّاً.
وفي خضمّ ذلك نجد للمرأة دوراً كبيراً في استمرار هذا الحراك المطلبي في كل مجتمع وقد تجلّى بصورة ملفتة في مرحلة الربيع العربي ومنها في مرحلة الصحوة العربية التي نشهدها اليوم في المشهد السياسي العربي. النساء العربيات كغيرهن من نساء العالم لا يمكن أن يصمتن ضد القهر السياسي المتمثل في قمع الحراك المطلبي مع استمرار سياسة زج كل فئة من المجتمع في السجون لمجرد المطالبة بالحقوق وإبداء اختلاف في الرأي.
إن المرأة في المجتمعات التي تحكمها أنظمة قبلية أو شمولية مستبدة هي في تحدٍّ دائم لإسماع صوتها الذي إمّا يُهمَّش أو يُقضى عليه كليّاً ورغم ذلك فإن المرأة العربية من الخليج إلى المحيط لم تتوقف يوماً عن مطالبها أو خروجها علانية في الشوارع لتُسمع من لا يريد أن يسمعها كما لا يريد أن يسمع لرجل.
وإن كانت هناك حركة أمهات ساحة مايو التي انطلقت في الأرجنتين مثالاً (وجاء ذكرها في مقالات سابقة) يحتذى به للتحرر من قبضة حكم الأنظمة الاستبدادية فهناك اليوم أكثر من حراك نسوي في العالم يطالب بالإفراج عن سجناء الرأي ومحاكمة من كان له يد في ممارسة التعذيب بأشكاله.
ففي كوبا مثلاً تقف مجموعة من النساء كل يوم أحد، يحملن لافتات مناهضة للحكومة في ميدان مكتظ في هافانا، ارتدين اللون الأبيض (لون السلام) وسرن إلى القداس للصلاة من أجل حقوق الإنسان وإطلاق سراح الأقارب والأحباء من السجون. هؤلاء النساء يضعن أجسادهن في وجه عنف الشرطة. ويصرخن بأعلى أصواتهن من أجل الحرية، فيما يتعرضن للضرب ويستمررن في التظاهر في الشوارع.
وتلتقي المجموعة أيام الآحاد في مختلف أنحاء كوبا منذ العام 2003 وحتى اليوم وتعرف بـ «سيدات بالأبيض». ولقد أثبتت هذه المجموعة النسوية بأنها مهمة جداً وأن العالم يعترف بها وبحضورها المؤثر في نشر قضية سجناء الرأي في كوبا.
إن حركة «سيدات بالأبيض» هنّ أعضاء مجموعة من النساء اللواتي تعرض أقارب لهن للسجن أو التعذيب أو القتل إذ تأسست بعد سجن أكثر من 75 سجين رأي مازالوا قابعين في السجون الكوبية في ظل استمرار نظام سياسي دكتاتوري شَلَّ كوبا وأدخلها في مرحلة طويلة من الجمود.
ووقوف هؤلاء النسوة في ميدان هافانا المكتظ بصورة أسبوعية قد وثّقه المارّة في يوم من الأيام بتصويره بواسطة كاميرات الهواتف الخلوية وتمّ تحميلها على «يوتيوب» حتى أصبح هذا الفيديو بمثابة دعم تزايد لحركة نساء كوبا «سيدات بالأبيض». أمّا الحكومة الكوبية ومؤيدوها فقد وصفتها بالمجموعات «الصغيرة والمفككة».
وبحسب تقارير منظمات حقوق الإنسان فقد أصدرت منظمة العفو الدولية في لندن دعوة لوقف قمع مجموعة «سيدات بالأبيض» إذ اعتدى المسئولون في الحكومة والشرطة بعنف على الأفراد في 25 مناسبة على الأقل خلال العام الجاري أثناء مشاركة النساء في احتجاجات غير عنيفة، ومرات أخرى أثناء تواجدهن في المنازل مع أسَرهن.
إن حركة «سيدات بالأبيض» مازالت مستمرة من أجل حث المجتمع الدولي على مساعدة نساء كوبا اللواتي يعملن من أجل حقوق الإنسان داخل جزيرتهن المضطربة سياسيّاً وهي نموذج لنضال أفرزته مرحلة الحراك العالمي للتحرر من قبضة النظام المستبد وبلاشك فإن الربيع العربي جزء من هذا الامتداد الذي لن يتوقف مادام هناك حراك مجتمعي حي يطالب بالعدالة والحرية المسلوبة.
إقرأ أيضا لـ "ريم خليفة"العدد 3665 - الثلثاء 18 سبتمبر 2012م الموافق 02 ذي القعدة 1433هـ
يا الله
الله يكون في عون الشعوب
..
وهنا رايت سيدات يدعين الاسلام لكنهم رقصوا على جراح طائفة قتلت وسجنت وعذبت وانتهكت اعراضها ومقدساتها وهدم دور عبادتها..
نضالات المرأة لن يتوقف
كل الانظمة الشموليه قامعه للحريات ولكن لم يحدث ان تم قمع الثقافات والتراث الا عندنا فى البحرين ... لم تتورع فى قمع الناس فقط بل اوغلت فى قمع ثقافتهم وتراثهم . بمعنى ادق استئصال طيف كبير مؤثر من الموجود . حتى اعتى الانظمة فى عهد ( بنوشت ) لم يحصل ما حصل هنا .انها الابادة الجماعية