العدد 3662 - السبت 15 سبتمبر 2012م الموافق 28 شوال 1433هـ

التاريخ الأميركي ناقص بدون الإسلام

Common Ground comments [at] alwasatnews.com

خدمة Common Ground الإخبارية

يحتفل مسجد كليفلاند الأول بولاية أوهايو هذا الشهر بالذكرى الخامسة والسبعين لتأسيسه، وتكريم الحاج والي أكرم، مؤسّس المسجد وقائد ذو الرؤية. انتقل والي أكرم، وهو أميركي من أصول إفريقية ولد بولاية تكساس، إلى كليفلاند وأنشأ جالية مسلمة سنيّة نشطة استمرت حتى اليوم.

إلا أنه عند الإصغاء إلى الإعلام الشعبي اليوم، وحتى إلى آراء بعض المسئولين المنتخبين، يستطيع المرء ببساطة أن يفترض أن والي أكرم كان بالضرورة مهاجراً إلى الولايات المتحدة، وأن الإسلام غريب على المشهد الأميركي. نسمع أحياناً كثيرة أن المسلمين وصلوا أخيرا فقط إلى الولايات المتحدة، وأنهم ليسوا «أميركيين حقيقيين» بعكس البروتستانت والكاثوليك أو اليهود.

لا شيء أبعد من ذلك عن الحقيقة.

مع ازدياد أعداد المسلمين في أميركا، من الأهمية بمكان النظر إلى تاريخ الإسلام في أميركا والاعتراف بمساهمات الأميركيين المسلمين وتقديرها.

أثبتت أبحاث سيلفيان ضيوف من مركز شومبرغ لبحوث الثقافة السوداء، ومايكل غوميز من جامعة نيويورك، وأمير محمد من متحف التراث الإسلامي الأميركي أن بعض العبيد الذين تم إحضارهم إلى الأميركتين من غرب إفريقيا كانوا مسلمين وقد تم توثيق نقل ونشر وإدامة الدين عبر قرون عديدة بين أحفادهم من خلال البقايا الأثرية والرسومات والكتابات وحتى شواهد القبول، الأمر الذي يمثل رابطاً مع الدين.

وإذا أخذنا بالاعتبار عبوديتهم وحركتهم المحدودة بشكل صارم، فإن هؤلاء المؤمنين الأوائل لم يتقدموا لنيل الجنسية الأميركية ولم يملكوا الحرية لتحويل وجودهم ضمن مجتمعات ومؤسسات محلية. إلا أن هناك إثباتات أن الزعماء الأميركيين وقتها، بمن فيهم الآباء المؤسسون لوطننا، مثل جون كوينسي آدامز وتوماس جيفرسون، كانوا على علم ومعرفة بالإسلام وامتلكوا نسخاً من القرآن الكريم في مكتباتهم الخاصة.

كان الحاج أكرم من مسجد كليفلاند الأول في ثلاثينيات القرن الماضي واحداً من المسلمين القلائل الذين رعوا مجتمعات محلية مسلمة قوية، حيث قام بتطوير خطة لعشر سنوات تتمتع برؤية بعيدة المدى، بما فيها استراتيجيات الكفاية الذاتية الاقتصادية وتركيز على التعليم، وبالذات عن الإسلام وأهمية اللغة العربية. وقد امتلك حتى مطبعة خاصة به للسماح بنشر المعلومات إلى أفراد المجتمع بأسلوب ذي علاقة وتوقيت صحيح.

والأمر المتعلق بصورة وثيقة أكثر مع الإسلام المعاصر في أميركا هو تحوّله من حضور ناشئ إلى مجتمع أميركي مسلم ناشط متجذّر بشكل عميق ودينامي خلال ستينات القرن الماضي. ازداد عدد السكان المسلمين في أميركا كذلك وبشكل ملحوظ أثناء تلك الفترة. تعود تلك التحولات جزئياً إلى جهود الإمام وريث الدين محمد، الذي طرح تبنّي المذهب السنّي في الإسلام من قبل آلاف الأميركيين من أصول إفريقية، الذين كانوا في السابق من أتباع والده إلايجا محمد.

وقد ساهم كذلك وصول عدد غير مسبوق من المهاجرين المسلمين من شمال إفريقيا وجنوب آسيا، وذلك بعد الإصلاحات التي أجريت على سياسة الهجرة العام 1965، إلى إحداث هذا التحوّل. ففي العقود التي تلت، تحوّل بيض أخيراً الإسبان والأميركيين كذلك إلى الإسلام.

ساعدت هذه المجموعة المتنوعة من المسلمين، والآن أبناؤهم وأحفادهم على بناء المدن الأميركية كمهندسين ومعماريين، وخدموا المرضى والمحتاجين كأطباء وعلماء نفسانيين وعاملين اجتماعيين ومدافعين عن حقوق المظلومين والمعرضين كمحامين، وتثقيف أبنائهم وشبابهم كمدرسين وأساتذة جامعيين إضافة إلى كونهم مساهمين من خلال مهن عديدة أخرى.

تعتبر أية دراسة للتاريخ الأميركي ناقصة في غياب ذكر الإسلام والمسلمين. يستمر الأميركيون المسلمون، وهم يتبعون خطى أجدادهم، في إثراء الواقع الأميركي كمواطنين فخورين يسمون أميركا وطنهم.

إقرأ أيضا لـ "Common Ground"

العدد 3662 - السبت 15 سبتمبر 2012م الموافق 28 شوال 1433هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً