العدد 3657 - الإثنين 10 سبتمبر 2012م الموافق 23 شوال 1433هـ

وماذا بعد 478 صفحة من تقرير «BICI»؟

محمد حميد السلمان comments [at] alwasatnews.com

كاتب بحريني

هل سيختلف اثنان في وطني على الكلمات الآتية التي أجمع وأكد عليها مجموعة من المواطنين الشرفاء يوم السبت بنادي العروبة وهم يختمون أصبوحة حقوقية عالية الجودة بأوراقها وحضورها ومصداقيتها؟

إذاً... حاولوا قراءتها مع أخذ نَفَسٍ عميق وفكر متحلل من أية ملوثات إعلامية تحريضية مسبقة، وهذه كما هي: «يؤكد المشاركون أنهم يشاركون في هذا المؤتمر بذات الدافع الذي حدا باللجنة العليا، وبمقدمي الأوراق، وجميع العاملين على المؤتمر، وهو حب مملكة البحرين، والإجماع على أهمية النهوض بها، والإصرار على تحقيق مطالب الرفاهية للمواطنين المرتبطة بالكرامة الإنسانية، والتي لا يمكن تصورها إلا من خلال بحرين خالية من انتهاكات حقوق الإنسان، لجميع من على هذه الأرض من جميع المكونات، ومن مختلف الأديان والأعراق والأيديولوجيات، بما في ذلك المقيمون والوافدون الذين يشكلون نسبةً كبيرةً من سكان هذه الأرض. ويؤكد المشاركون على أن جميع ما طُرح في المؤتمر ينبع من وطنية صادقة، وانتماء متين لهذا البلد، ولشعب البحرين جميعاً دون استثناء».

هذه الفعالية وغيرها جعلت من شهر سبتمبر/ أيلول لهذا العام شهراً غير عادى، فقد ازدحم مطلعه كما لم يزدحم أي شهر مثله بحوادث وقضايا وفعاليات متنوعة، وكلها تصب في الشأن المحلي لدرجة يعجز الإنسان البحريني عن متابعتها كلها دفعةً واحدة. فمن بدء العام الدراسي يوم 2 سبتمبر، ومجموعة كبيرة من المدرسين مازالت تحمل معها آلامها وأحزانها وتوجسها من الوضع غير التربوي الذي تعيشه، وآمالها في تحكيم العقل بلا أهواء وأجندات طائفية في العملية التربوية كي لا يُظلم فلذات الأكباد أكثر مما حصل لهم.

ومحاكمة «الرموز» في 4 سبتمبر، وما جرّته من ردة فعل واسعة هنا وهناك، إلى احتفال مرور العشرية الأولى لصدور صحيفة الحق الأولى في الوطن بلا منازع، ألا وهي «الوسط» بـ «New Look» الكتروني آخر يدشّن عهداً من المصداقية والمهنية الصحافية الحديثة قولاًً وفعلاًً، مع شمعة عشرية تضيء الظلام من حولنا لمن يريد أن يرى فقط الحقيقة.

ويوم السبت 8 سبتمبر، كان موعداً غير عادي مع إطلالةٍ على الحقوق وتداعياتها التي حدثت يوم الجمعة؛ بعقد مؤتمر حقوقي من تنظيم قوى المعارضة الوطنية تحت عنوان «الانتهاكات مستمرة... ماذا بعد تقرير بسيوني»؟. ويوم الأحد 9 سبتمبر، كان مميزاً أكثر وحمل حدثين بهما مفارقة لافتة، ألا وهما عودة الطلبة إلى مدارسهم بعد عطلة تلفح وجوههم للمرة الثانية في ظلّ أوضاع لم تتغير كثيراً عن العام الماضي، إلا في زيادة الحَراك؛ ومواصلة محاكمة قيادات جمعية المعلمين البحرينية وعلى رأسهم رئيسها مهدي أبوديب ونائبته جليلة السلمان. وقد حددت محكمة الاستئناف العليا جلسة 12 سبتمبر موعداً للمرافعة في هذه القضية. أضف إلى ذلك، قرب الموعد مع يوم 19 سبتمبر في جنيف! وهكذا يصبح شهر سبتمبر هو الشهر الساخن الحقيقي في صيف البحرين وليس يوليو كما تعودنا في صيفيات الثورات العربية من دروسنا في التاريخ.

في مؤتمر المعارضة الحقوقى الآنف، بقدر ما اختلف المجتمعون عبر أوراقهم الحقوقية التي طرحوها حول مسمى اللجنة بين أن تكون كما هي «اللجنة البحرينية المستقلة لتقصي الحقائق» أو «لجنة» أو «تقرير بسيوني»؛ بقدر ما جاءت أوراقهم ومداخلاتهم على درجة عالية من الأهمية لو استمع لها من يعنيهم الأمر لتم حل كافة الإشكالات وتداعياتها التي تعصف بنا يمنةً ويسرةً في لُجّةٍ ظلماء منذ ما يقرب من عامين حتى الآن. كما أنه ضمن الفيلم الوثائقي الذي عُرض في المؤتمر عمّا حدث على الأرض في الشارع البحريني طوال الأشهر الماضية؛ لا يملك الإنسان نفسه عن الدموع المترقرقة في مقلتي العين، أو التألم، أو التحسّر على الأقل لما يحدث لهذا الشعب الصابر الوفي. ولما حدث للأرض التي كانت بالكاد ستُزهر ورداً محمدياً و»رازجي» على ربى الوطن وإذا بها تتحول إلى صحراء جافة تحتاج لمعاول حقيقية من جديد ومياه نقية وقلوب خضراء مفعمة بحب الأرض لتعيد إنباتها مرةً أخرى. وهذا ما تحاول القوى الوطنية في كل فعالياتها أن تشير إليه، والمؤتمر الذي أوردنا مقتطع من بيانه الختامي في المقدمة، هو إحدى تلك المحاولات الخضراء لزرع الأمل وليس اليأس.

فبين «تداعيات اللجنة البحرينية المستقلة» لعبدالنبي العكري، و»تقرير بسيوني في الميزان» لزهراء مرادي، و»تعامل وتفاعل المنظمات» لزهراء مهدي، طافت تلك الوريقات على التقرير كمضمون وشكل. و»لماذا بسيوني والتوصيات» للمحامي محمد المطوع، و»توصيات بسيوني مصيرها كمصير سابقتها» لسند محمد، و»تقرير بسيوني ومسئولية المجتمع» لعبدالجليل خليل، و»الفصل من العمل وانتهاك الحقوق العمالية» للسيدهاشم سلمان، وقف أصحابها ملياً عند محطة توصيات تقرير بسيوني وتنفيذها ومصيرها... بينما ختم سيدهادي الموسوي، والمحامي محمد التاجر، ورضوان الموسوي، والمحامية جليلة السيد، تلك الجلسة بأوراق ما بعد التقرير، أو ماذا بعد؟ مقدمين تصوراتهم لما هو حاصل وما يجب أن يكون مع عدم فقدان الأمل.

فعلاً... وماذا بعد الصفحات الـ 478 باللغة الانجليزية التي ازدحمت فيها الحقائق من قبل لجنة تقصي الحقائق لوصف ما جرى، ثم ما الذي نُفذ منها عملياً على أرض الواقع؟ ولماذا لم تنفذ البقية الباقية من توصياتها، هل لأنها صعبة التنفيذ إلى هذه الدرجة؟ ثم وبصراحة، لماذا لا يحب البعض أن يعيش الآخرون مثلهم أحراراً مرفهين؟ ما الذي سيحدث من سوء لو حصل كل إنسان على حقوقه الطبيعية البسيطة من مسكن ومأكل ومشرب وتعليم وعمل وعلاج واحترام للكرامة ومساواة وحرية تعبير في حدود قانون توافقي بين الجميع؟ فعلاً... ما الذي سيحدث؟

الثروة تكفي الجميع، والله عزّ وجل وهبها للجميع، لا فرق بين من يملك ومن لا يملك ولا بين أسود وأبيض، ولا بين طائفة وطائفة ولا دين ودين، فلماذا البعض يخالف حكم وشرع الله ويصر على الاستئثار والاستحواذ دون غيره؟ ماذا سيحدث لو رجعت كل الحقوق الطبيعية للناس؟ هل سيحل الدمار بالبلاد والعباد كما هو حاصل؟ أم سيعم السلام والأمن والأمان على ربوع الجزيرة المشرقة؟

جرّبوا فقط، ولسوف نرى نتائج ذلك بلا تقارير بسيونية ولا لجان تقصٍّ كونية، ويحفظكم ربي.

إقرأ أيضا لـ "محمد حميد السلمان"

العدد 3657 - الإثنين 10 سبتمبر 2012م الموافق 23 شوال 1433هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان
    • زائر 4 | 3:09 ص

      لن تحترم و حتى الأن

      عندما لا تحترم اكثر من نصف اهل البحرين وهم يطالبون الحقوق المدنيه كيف تحترم عدد الأوراق !!!! هناك الاف كتب تبين عن حقوق المدنيه .. و لكن مع الأسف صديقك لا سمع له و لا انسانيه ..

    • زائر 3 | 2:38 ص

      ماذا تريد قوله

      كلام فيه سيل من المديح والإطراء لأوراق لم تنشر ولم يطلع عليها غير اصحابها ولكن على الجميع قبولها فكل شئ جيد وكل شئ جميل وانا وخلي على شط النيل الم تلاحظ حالة اليأس التي سادت على وجوه المتحدثين الم ترى ان ما قالوه شيئاً آخر يوحي بحالة اخرى تنمن عن الأنسدادات السياسية الخ الخ الخ ثم انت موظف او كاتب عمود يومي في صحيفة الوسط تمنيت ان لا تأتي الشهادة منك لأنها مجروحة اتمنى لك التوفيق

    • زائر 2 | 12:17 ص

      أم البنات

      سلمت يداك المقال رائع بل وأكثر وليتنا نرى كل شي انقلب رأسا على عقب وأخذ كل صاحب حق حقه ومع هذا فلن نيأس من رحمة الله الواسعة وإن غدا لناظريه قريب / الحمد لله فهذا إبتلاء وإمتحان لنا من رب العالمين ونحن صابرين على هذا الإبتلاء

    • زائر 1 | 12:10 ص

      من يريد الحل الحقيقي يعرف اين هو ولا حاجة لبسيوني او غيره

      هل نحتاج لبسيوني ليقول لنا اعطوا الناس حقهم وكرامتهم وساوو بين مواطنيكم ولا تفرقوا بين الطوائف في الوظائف وفي الميزات وفي الخدمات.
      اذا اراد الانسان ان لا يفي بشيء فإنه يضع الحجج والعراقيل واذا اراد الوفاء فلا يحتاج الا لأوامر بكلمات تقي البلاد الشرور.
      هل احتجنا لمثل بسيوني لكي نلغي قانون امن الدولة بجرة قلمة الغي القانون وانعكس الغاؤه على البلد بالف خير ولكن للاسف دخلت بدل منه قوانين اخرى
      له نفس المفعول واذا اردنا الخروج من الازمة فليس لبسوني دخل بمجرد الغاء هذه القوانين واعطاء الناس مطالبها

اقرأ ايضاً