العدد 3656 - الأحد 09 سبتمبر 2012م الموافق 22 شوال 1433هـ

ماذا بعد الإفراج عن الأطباء؟

سوسن دهنيم Sawsan.Dahneem [at] alwasatnews.com

مرَّ عامٌ على الإفراج عن الطاقم الطبي المتهم في أحداث 14 فبراير/ شباط، بعدما تعرض لأشكال من التنكيل والأذى النفسي والجسدي، وما لحق بعوائلهم من ضرر، وخصوصاً بعد اتهامهم في مختلف وسائل الإعلام بتهمٍ جسامٍ، برّأ بعضهم القضاء منها جميعاً، وبرّأ بعضهم الآخر من كثيرٍ منها، ولكن ماذا تحقق بعد الإفراج؟

كثيرون من أفراد الطاقم من أطباء وممرضين ومسعفين لم يعودوا إلى أعمالهم ولاتزال رواتب بعضهم تُستقطع، وبعضهم الآخر لم يستلم مستحقاته حتى الآن، إضافةً إلى المسعفين الذين يتعرضون للاستهداف حسبما أشار بعض أفراد الطاقم في الجلسة الحوارية التي عُقِدَت صباح الجمعة بحضور كثيرٍ منهم، وهو نفسه ما يشير له الواقع الراهن.

مرّ عامٌ على الإفراج ومازالت العقول لا تصدّق ما حدث، ومازال الذين اتهموا الطاقم في وسائل الإعلام الرسمية من مسئولين رسميين لم يفكروا بالاعتذار رسميّاً لجميع أفراد الطاقم بسبب اتهامهم بحيازة الأسلحة التي برأهم منها القضاء، ولأفراد الطاقم الآخرين ممن برئوا من جميع التهم الأخرى المنسوبة إليهم.

مرّ عامٌ على الإفراج عنهم وعامٌ ونصف على كارثة القطاع الصحي في البحرين بعد كل ما حدث، وبعد التمييز الذي طال الكثير من فئة معينة، وبعد حرمان المرضى من التردد على أطبائهم من الاستشاريين الذين كانوا دوماً محلّ فخر واعتزاز البحرين في المحافل المحلية والعربية والعالمية.

عامٌ ونصف مرّوا ليفاجأ الاستشاريون والأطباء في وزارة الصحة بالقرار الصادر بتاريخ 6 سبتمبر بخصوص المهلة الممنوحة للاختيار بين العمل الحكومي في المستشفى وبين عياداتهم والذي نص على انه «يمنع على جميع الأطباء والاستشاريين العاملين بالمستشفيات والمراكز الصحية وغيرها من الجهات التابعة لوزارة الصحة العمل بأية جهة أخرى سواءً كانت مملوكة لهم أو لغيرهم. ويجب على جميع الأطباء والاستشاريين المذكورين في الفقرة الأولى والذين يعملون حالياً بجهات أخرى توفيق أوضاعهم بما يتفق مع أحكام هذا القرار خلال مدة أقصاها ثلاثون يوماً من تاريخ العمل بهذا القرار».

قرارٌ لن يؤثر على الأطباء فقط، بقدر ما سيؤثر على البسطاء من أبناء الشعب ممن لا يملكون ما يأكلونه، كي ينفقوا على العلاج بالمستشفيات الخاصة الكثير حين يختار الطبيب العيادة على العمل في المستشفى وهو المتوقع وخصوصاً إذا ما عرفنا أن رواتب الأطباء الاستشاريين ليست بالمستوى المطلوب مقارنةً برواتب الاستشاريين في الدول الأخرى ومقارنة ببعض الاستشاريين العرب العاملين في وزارة الصحة، وإذا ما عرفنا حجم التمييز الذي يتعرض له أفراد الطاقم ممن عادوا إلى وظائفهم بعد إيقافهم فتغيرت مناصبهم وتغيرت أقسامهم واختصاصاتهم.

تأثيرٌ يبدأ من تنازل المريض عن طبيبه أو الطبيب الذي رُشِّح له باعتباره الأكفأ والأفضل في مجاله، وكيف لا واستشاريون كثيرون قد قرروا الخروج بعد هذا القرار بحسب ما نُقِل في بعض المواقع على ألسنتهم، ويمرّ هذا التأثير بتكبد المريض مبالغ للعلاج في المستشفيات والعيادات الخاصة التي قد لا يقوى على دفع رسومها، وصولاً إلى حرمانه من حقه في تلقي العلاج المناسب الذي يكفله له الدستور وتكفله له المواثيق الدولية لحقوق الانسان.

وخسارة الطبيب لن تكون ماديةً فقط بهذا الاختيار، بل الأمر يتعداها إلى ما هو أبعد، وهي الخسارة النفسية التي تجعل الطبيب عاجزاً عن مدّ يد العون لمريضه حين يتطلب المرض القيام ببعض الفحوصات والأشعة، إذ باستطاعة الطبيب أن يتنازل عن حقه مقابل الكشف والاستشارة، ولكنه لن يستطيع فعل شيء أمام المبالغ الكبيرة نسبياً التي قد يدفعها المعدم للقيام بهذه الفحوصات في مستشفيات أو مراكز فحص أخرى غير عيادة هذا الطبيب أو ذاك.

صدور هذا القرار في مثل هذا التوقيت الذي يطالب فيه الرأي العام المحلي والمنظمات الدولية بعودة أفراد الطاقم الطبي إلى مواقعهم يجعلنا نتساءل: هل القرار مهنيٌّ أم أن للسياسة يد طالته؟ والجواب معروفٌ لدى من يحاول التفكير بعين حيادية.

إقرأ أيضا لـ "سوسن دهنيم"

العدد 3656 - الأحد 09 سبتمبر 2012م الموافق 22 شوال 1433هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان
    • زائر 8 | 2:00 ص

      ثقافة الانتقام

      بداية قلمك الرائع والذى يكتب من جميع اطرافه يضفى جمالا على روح المواطنة الحقيقية . وحضورك الاجمل بين ثنايا الوطن يبعث على الامل ..ان الذى حصل ويحصل للكادر الطبى ولكل ...والمطالبين بحقوقهم الطبيعيه ما هو الا نتيجة لثقافة الانتقام التى وللاسف مارستها الحكومة ولازالت .

    • زائر 7 | 1:42 ص

      السياسة الطائفية مرض سرطاني ينخر في الوطن

      كشير من أبناء هذه الوطن الجريح من الطائفتين الكرمتين السنية والشعية يتجنبون العلاج بمستشفي السلمانية الطبي وذلك بعد تدني مستوي الخدمات الصحية والعلاجية بسبب السياسة الطائفية المريضة التى عملت على فصل المستشارين والكوادر الفنية والإدارية المؤهلا لهذا العمل الإنساني........
      هذه السياسة الطائفية السرطانية يجب إقتلاعها قبل أن تقضي على إبناء الوطن .....

    • زائر 5 | 1:35 ص

      من غير طأفنة

      كلامي هنا لا أعني به طائفة بعينها و لكن ما كان يحدث في مستشفى السلمانية كان صراحة مهزلة بكل معنى الكلمة. الإستشاري لا يلتفت للمريض مهما كان مرضه و يخيره بين أحد أمرين أما البقاء على قائمة الإنتظار حتى يأتي دوره و يعلم الله متى يأتي أو الذهاب إليه في عيادته الخاصة ليدفع المعلوم. و إذا إستلزم الأمر عملية جراحية فإن الإستشاري يقوم بعمل الفحوصات و حجز غرفة العمليات في مستشفى السلمانية دون أن يدقع (آردي واحد). بالله عليكم في أي دولة يحدث ذلك. لماذا يمنع على الموظف في الحكومة أو الخاص فتح سجل بينما

    • زائر 4 | 1:25 ص

      كارثة القطاع الصحي في البحرين

      مرّ عامٌ على الإفراج عنهم وعامٌ ونصف على كارثة القطاع الصحي في البحرين

    • زائر 3 | 1:08 ص

      اقصاء ممنهج لجميع الطاقات الطبية

      يسيرون ضمن خطة تقصي جميع الكوادر الطبية
      اما بفصل الاطباء او اجبارهم على ترك العمل بالوزارة اما بالضغوطات والمنغصات او بالقرارات المجحفة بحق الكادر الطبي
      هذه هي سياستهم في الإقصاء الممنهج
      في وقت يكون الحاجة للكوادر الطبية ماسة فمعضم الاستشاريين فصلوا من عملهم ولازالت مناصبهم شاغره لعدم وجود البديل وحاجة المرضى الماسة لهم
      ويأتي القرار الاخير الأكثر اجحاف بحقهم فمن لم يفصل يجبر على ترك

    • زائر 2 | 1:02 ص

      لا نستطيع الذهاب للخاص

      نعم كيف نستطيع الذهاب للمستشفيات الخاصة ونحن مفصولين او ولي امزنا معتقل او لدينا شهيد نحتاج الئ تحرك شعبي لكي يتوقف القرار

    • زائر 1 | 12:37 ص

      وقفة شكر

      لك عظيم الشكر والامتنان استاذنا الرائعة سوسن على ما تقدمينه للوطن الحبيب فكما نراك صامدة في الميادين نجد قلمك نصيرا للمحرومين والمنتهكة حقوقهم. شكرا لبطن انجبك ولجريدة احتضنتك ورحم الله زوجك وعوضك خيرا في الدنيا والاخرة

اقرأ ايضاً