«ثلاثة، اثنان، واحد، تسجيل!» تقوم ميلاني، الطالبة الألمانية وبشرى، الطالبة المغربية، وكلاهما في العشرينات من عمرهما بإنتاج أول مقابلة إذاعية وهما تقفان أمام زملائهما وأعضاء المجتمع المدني في مركز مراكش المجتمعي. «ما الذي تتعلمينه في المدرسة في أوروبا؟» تسأل بشرى ميلاني.»لماذا تدرسين الفلسفة في المغرب؟» تسأل ميلاني بشرى.

كانت تلك لحظة مثيرة للمراسلتين الشابتين اللتين تبادران بمشروع إعلام الشباب العالمي «نحن مستقبل المغرب»، الذي تنظّمه شبكة إعلام عالم راديجوجو للأطفال، وهي منظمة ألمانية غير حكومية. في عالم يكثر فيه سوء التفاهم بين العالم العربي والغرب، ويتم تجاهل أصوات الشباب في كلا المنطقتين أحياناً كثيرة، تأتي مهمة راديجوجو في إيجاد عملية تمكين للشباب ترتكز على الإعلام كمصدر للتعبير الحر والحوار عبر الثقافات والسلام.

بشرى هي واحدة من خمسين طالبة جامعية من خلفيات متنوعة من كافة أنحاء المغرب يشاركن في أول ورشة عمل. وقد انضمت ميلاني إلى الفريق من ألمانيا كمتطوعة للعمل مع الشريك «جمعية الشباب للثقافة والتنمية» ومركزها المغرب. تجسّد الفتاتان الهدف الأبعد للمشروع: العمل من أجل السلام من خلال بناء جسور ثقافية بين العالم العربي وأوروبا عبر سلطة مشاريع الإعلام المشتركة.

يتعلم الشباب المغاربة في ورشة العمل هذه، وهي الأولى من أربع ورشات عمل هذه السنة، استخدام الإعلام على مستوى الجذور للتعبير عن آرائهم واهتماماتهم وآمالهم وأفكارهم. يتمكن الطلبة من بحث التغيرات التي يريدون رؤيتها في بلدهم، مثل تعليم أفضل وفرص عمل.

تقوم المجموعة في مراكش بتطوير توجهات بنّاءة لحل هذه المشاكل المستعجلة من خلال دمج الإعلام مع أدوات حل النزاعات. وكما قال أحد التلاميذ، «نعتقد أن هناك حاجة للتغيير في بلدنا، ولكننا هنا في المغرب نفعل ذلك بطريقة سلمية».

تريد دنيا، على سبيل المثال، وهي طالبة من إقليم مراكش القروي «قلعة السراغنة»، إنشاء مركز إعلام للشباب في قريتها يسمح للفتيات بالوصول إلى الدروس التعليمية من خلال الإذاعة والإعلام الجديد. تترك العديد من الفتيات مقاعد الدراسة في مجتمعاتهن المحلية بعد السنة الرابعة لأن أسرهن تحتاج إلى مساعدتهن في المنزل. ليس للتعليم قيمة بالنسبة لتلك الأسر مثل العمل. يمكن لمبادرة دنيا أن تساعد الفتيات على استخدام الموارد التعليمية المجانية على شبكة الإنترنت من المنزل.

يسمح التوجه العالمي لورشات العمل، إلى جانب التمكين المحلي، لهؤلاء الفتيات على التشارك بأفكارهن مع زملاء حول العالم والاستفادة من الموارد العالمية للمساعدة على تحويل رؤيتهن إلى واقع.

وفي مرحلة ثانية من المشروع، يتواصل الناشطون الإعلاميون الشباب ويلتقون مع أطفال المدارس في مركز مؤسسة راديجوجو في ألمانيا عبر السكايب، فيتبادلون الأغاني والأشعار والأسئلة حول الحياة اليومية. ولأن معظم المشاركين المغاربة لم يسافروا إلى الخارج مطلقاً، ولم يكن لهم سوى اتصال محدود مع الدول الغربية، يشكّل ذلك جزءاً مهماً من المشروع.

يقدّم رواد إعلام الشباب في مراكش عملهم كذلك مستخدمين السكايب في واحدة من أهم وسائل الإعلام العالمية والتبادل الثقافي والأحداث التعليمية، وهي منتدى الإعلام العالمي في ألمانيا. بالنسبة للطلبة، يشكّل سماع صوتهم في اجتماع عالي المستوى كهذا أمراً مشجعاً. وبالنسبة للخبراء في منتدى الإعلام العالمي، تشكل هذه فرصة للتكلم مباشرة مع الشباب الصغار في العالم العربي، وليس فقط عنهم.

مع اقتراب نهاية المشروع، شاركت محطة الإذاعة المغربية التابعة للدولة الشباب المغربي رسائلهم مع آلاف البيوت في المغرب أثناء برنامج إذاعي حيّ.

سيستمر هذا التبادل بالنمو. يريد الناشطون الشباب المساعدة على إنشاء «راديجوجو العربية»، وهي فرع إقليمي لشبكة راديجوجو لإعلام أطفال وشباب العالم. وسيشارك بعض الذين ساهموا من المراكش في ورشات عمل مستقبلية للتشارك في المعارف التي حصلوا عليها حديثا مع أطفال المدارس في المناطق الريفية، الذين سيتعلمون بعد ذلك التشارك في أفكارهم عبر الإذاعة.

يشكّل المشروع «راديجوجو» مجرد واحد من الأمثلة حول الأسلوب الذي أصبح فيه الإعلام أداة حاسمة في رعاية التواصل عبر الثقافات وتوفير منبر للأصوات الصغيرة، التي ربما تبقى في خلاف ذلك على الهامش. نحتاج في عالم اليوم المترابط إلى المزيد من الفرص لسماع الأصوات الصغيرة مثل هذه، وإيجاد روابط قوية عبر الصدوع الثقافية.