العدد 3653 - الخميس 06 سبتمبر 2012م الموافق 19 شوال 1433هـ

عبدالرحمن النعيمي ودوره التوحيدي خليجياً

عبدالنبي العكري comments [at] alwasatnews.com

ناشط حقوقي

كان يفترض في ندوة «أبوأمل في عيون أصدقائه» التي أقيمت في جمعية «وعد» مساء الأحد 2 سبتمبر/ أيلول 2012، أن تتناول محاور دور «أبوأمل» في العمل الوطني والخليجي والقومي والأممي، وكلها جوانب متداخلة في حياة ونضال «أبوأمل» كما قال رفيقه العماني مهدي جعفر.

فُطِر الوطنيون في مختلف بلدان الخليج منذ الثلاثينيات على أنهم ينتمون لبلد واحد وشعب واحد وهوية واحدة، لكن المستعمرين الإنجليز مزّقوها ضمن سياسة «فرق تسد»، ووجود بعض القوى ذات المصالح الضيقة على استعداد لمواكبة تلك السياسة.

أبوأمل كباقي أبناء جيله في الخمسينيات، كان يرى أن التشطير الخليجي إلى إمارات في ظل حماية بريطانية، شيء غير طبيعي. وكانت علاقات الخليجيين تؤكد ذلك من حيث تناثر العائلات والعشائر على الرقعة الخليجية، ويتم التزاوج والتملك والسفر والتبادل التجاري دون اعتبار لتلك الحدود، ولم تكن جنسية بلد ما تعني كثيراً.

وفي ظل مناخ صعود القومية العربية الذي أطلقته الحركات القومية والقيادة الناصرية، نشأ أكثر من تنظيم سياسي أو دعوة سياسية لوحده الخليج وتحرره. ووجد أبوأمل في حركة القوميين العرب، ما يجسد آماله الخليجية والقومية. كيف لا وهو في انتمائه يجسد ذلك، فعائلة النعيمي متفرعة في البحرين وقطر والإمارات.

أبوأمل كان اهتمامه خليجياً وهو على مقاعد الدراسة الجامعية، وضمن صفوف حركة القوميين العرب، لذلك فقد كان في الخلايا التي كان مسئولاً عنها، مواطنون من الخليج والجزيرة العربية واليمن. من هنا فقد بنى علاقات مع مناضلين أضحى لهم دور بارز في النضال مثل أحمد الخطيب والنفيسي في الكويت وسلطان عمر ومحمد الثور في اليمن، وفي الإمارات، وخميس الحشار في عمان على سبيل المثال لا الحصر.

وحتى عندما احتدم الخلاف الإيديولوجي في حركة القوميين العرب بعد هزيمة 1967، اختار أبوأمل الخيار الخليجي وليس البحريني، حيث كان أحد القياديين المؤسسين للحركة الثورية في عمان والخليج العربي إثر مؤتمر دبي في فبراير/ شباط 1968. وقد شكلت الحركة الثورية الإطار للمناضلين الخليجيين الذين يتبنون الماركسي اللينينية حينها، والتي تملكت عقول وقلوب الشباب العربي. وعلى رغم كونه مطلوباً من حكومة البحرين آنذاك، وبالتأكيد إمارات الخليج الأخرى، وهو ما يرويه في جزء من مذكراته التي لم يتسنَّ له الوقت لإكمالها. فقد أصر على البقاء في ساحة الصراع في دبي، لبناء الحركة الثورية. في الوقت ذاته لم يكن يرى في هذا التنظيم الطليعي النهاية، بل البداية لإقامة تحالف وطني واسع. وأسهم أبوأمل من خلال الحركة الثورية في الحوار مع تنظيمات أخرى مثل جبهة تحرير عمان بقيادة الشهيد زاهر علي الهنائي، ومناضلين من حركة الإمامة وعدة مناضلين في تأسيس الجبهة الديمقراطية لتحرير عمان والخليج العربي في 1971، وتأمين الدعم لها من قبل تجار وطنيين مثل سلطان العويس في الإمارات. وقد حاولت فتح جبهة ثانية في عمان الشمال ضد الإنجليز للتكامل مع ثورة ظفار في الجنوب، لكن المحاولة انتكست بسبب العديد من الأخطاء وأجهضت، لكن هاجس أبوأمل ليس إقامة تنظيم جديد ينافس الجبهة الشعبية لتحرير الخليج العربي المتركزة في ظفار، فقد كانت الحركة الثورية متواجدة في الجهتين بل فرضتها الضرورة للتفاوتات في أوضاع عمان بين الشمال والجنوب وإعادة الاعتبار لعمان، والتي سقطت في تسمية الجبهة الشعبية لتحرير الخليج العربي المحتل.

وعلى رغم آلام الفشل في عمان، والخسائر البشرية والمادية، وانكشاف تنظيمها، إلا أن «أبوأمل» مع سائر المناضلين العمانيين مثل الشهيد زاهر علي وأبوصلاح القاسمي، بادروا للحوار مع قيادات الجبهة الشعبية لتحرير الخليج العربي، والذي توج بعقد المؤتمر التوحدي في أهليش في نوفمبر/ تشرين الثاني 1971 وإقامة الجبهة الشعبية لتحرير عمان والخليج العربي، لتضم جميع القوى الثورية العمانية وجزءاً كبيراً من القوى الثورية في الخليج الأوسع.

وعلى رغم أن «أبوأمل» هو من أهم مهندسي المشروع التوحيدي هذا، إلا أنه ولتجنب حساسيات بعض القياديين في ظفار، آثر ألا يترشح للجنة التنفيذية للجبهة وآثر مواصلة عضويته في المكتب السياسي للحركة الثورية، لكن ذلك لم يؤثر على إسهامه في مسيرة الجبهة في كل الظروف والساحات. وأبقى أسرته، أم أمل والأطفال، في قرية حوف اليمنية، القاعدة الخلفية للثورة العمانية، والهدف المفضل لغارات الإنجليز ومن بعدهم الإيرانيين. وكان يتنقل في الخليج متخفياً بهويات عديدة وسط المخاطر، يتابع الشأن البحريني كما يتابع الشأن الخليجي، ويلم شمل صفوف الجبهة بعد الضربات الموجهة سواء في ساحل وداخل وجنوب عمان، في صورة جيوش إيرانية إنجليزية أردنية تضرب في ظفار، وهجمات مخابراتية منسقة في شمال وداخل عمان وعلى امتداد ساحة الخليج العربي. وهذه فصول يجب أن تحكى، والأعجوبة هنا كيف نجا أبوأمل من الاعتقال في ساحة الخليج.

وبعد قرار المؤتمر الثاني للجبهة الشعبية لتحرير عمان والخليج العربي، في يونيو/ حزيران 1974 في مدينة الحوطة باليمن الجنوبي، وتشكيل الجبهة الشعبية في البحرين، فإن «أبوأمل» لم ينعزل عن العمل الخليجي المشترك، بل بادر لتعزيز العلاقات مع الجبهة الشعبية لتحرير عمان (الجبهة الديمقراطية العمانية لاحقاً) ومع الفصائل المناضلة في الخليج واليمن. وقام بزيارات عدة لليمن الجنوبي لتعزيزها مع العمانيين واليمنيين، وقد أثمرت جهوده وجهود الآخرين في تأسيس تجمع القوى الوطنية في الخليج والجزيرة، الذي ضم المنظمات السياسية اليسارية في الخليج بما في ذلك العراق واليمن في العام 1981 حسب ما أعتقد، وضم ما يلي: الجبهة الشعبية وجبهة التحرير الوطني البحراني (البحرين)؛ الحزب الشيوعي في السعودية وحزب العمل العربي الجزيرة العربية؛ المنبر الديمقراطي وحزب العمل الكويتي (بقيادة أحمد الربعي حينها)؛ الحزب الديمقراطي اليمني (شمال) والحزب الاشتراكي (جنوب)؛ الجبهة الديمقراطية (عمان)؛ والحزب الشيوعي العراقي.

وعلى رغم التباينات في المواقف السياسية، إلا أن هذا التجمع كان إطاراً للتضامن والتفاعل، وقد استمر حتى اندلاع الحرب الداخلية في اليمن الديمقراطي في يناير/ كانون الثاني 1986، حيث توقف بسبب الصراعات في الحزب الاشتراكي اليمني.

ومن المفارقات أننا (باستثناء اليمنيين) حين اجتماعاتنا وغالبيتها في عدن، كنا مطاردين، ولكن الكويتيين كانوا يحظون بدعوة عشاء من القائم بالأعمال الكويتي في عدن، وهذا يظهر تسامح السلطات الكويتية تجاه المعارضة حتى «غير الشرعية».

وعلى رغم انتهاء التجمع، إلا أن «أبوأمل» دفع بتعاون القوى الخليجية، فكنا ننسق ونتعاون في المنتديات الدولية كمجلس السلم ومنظمة التضامن والاتحاد الدولي للعمال، واتحاد العمال العرب، واتحاد المحامين العرب وغيرها.

ولقد أثمرت هذه الصيغة وخصوصاً بعد تحرير الكويت في 1992، حيث شكلنا وفوداً مشتركة إلى البرلمان الأوروبي والاتحاد الأوروبي والاتحاد البرلماني الدولي. كما كنا ننسق في الإطارات العربية الجديدة مثل المؤتمر القومي، والمؤتمر القومي الإسلامي، ومؤتمر الشعب العربي، ومنتدى الحوار العربي. وإذا صادف أن كان أبوأمل مشاركاً، وغالباً ما يكون كذلك، فقد كانت يوكل إليه تلقائياً تمثيل الحاضرين الخليجيين.

وقد استمرت هذه الوضعية بعد رجوع «أبوأمل» إلى البحرين وشرعنة العمل السياسي، وانتخابه أميناً عاماً لـ «وعد»، ولولب المعارضة الوطنية، حيث ازدادت صلاته وزيارة الكثيرين إلى البحرين، حيث أضحى التنسيق مع الكويتيين أفضل، كما أضحى بالإمكان الإطلالة على شخصيات خليجية مناضلة عديدة.

هنا توجه أبوأمل إلى مهمة أثيرة لديه، وهي مناصرة القضية الفلسطينية، فشارك في المؤتمر الأول لمناهضة التطبيع في الكويت العام 2002، واستمر يدفع بالعمل التنسيقي الخليجي لنصرة فلسطين والذي لم يعمّر طويلاً للأسف.

يطول الحديث عن دور «أبوأمل» وعلاقاته النضالية والشخصية الخليجية المتشابكة، ولذا كانت وفاته خسارةً كبيرةً لجميع المناضلين الخليجيين.

إقرأ أيضا لـ "عبدالنبي العكري"

العدد 3653 - الخميس 06 سبتمبر 2012م الموافق 19 شوال 1433هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان
    • زائر 1 | 5:47 ص

      القومية العربية

      انا احترم واحب شخصية ابوامل بس مااعرف ماهو التوجهة لهدا التنظيم ادا كان قومي فهو معروف اما قومي ناصري اوقومي بعثي فهل قومية ابوامل غير نريد نعرف اللة يرحم هدا الشخص ويدخلة فسيح جناتة ويلهم اهل الصبر والسلوان

اقرأ ايضاً