لعبت الشبكات الاجتماعية في السنوات الثلاث الأخيرة دوراً كبيراً في نقل صوت المجتمعات التي يغيب صوتها بسبب هيمنة الأنظمة على أدوات وسائل الإعلام التقليدي.
وقد يكون للإنترنت دور فعال في نقل هذه الأصوات المهمشة والمغيبة عن مجتمعاتها التي لم تعرف قط النقد والرأي الآخر لتحكم النظام السياسي في وجهات النظر بصورة تتطابق مع وجهة نظره فقط لا غير.
ولو نظرنا إلى التجارب والدروس المستفادة التي خرجت من الشبكات الاجتماعية وخاصة فيما يتعلق بجانب الثورات التي شهدتها المنطقة العربية فإنه لابد من الإشارة إلى أن هذه الأدوات لعبت دوراً كبيراً في نشر مبادئ الديمقراطية وحقوق الإنسان، بل وساهمت في تشكيل حركة عالمية تستقطب الأصوات المغيبة والمضطهدة في المجتمعات.
في المقابل قامت الحكومات باستخدام برامج الحجب والرقابة التي تأتي نتاج مساعدة من الشركات الغربية التي تصرف لها الأموال الكثيرة لردع هذه الأصوات التي لا تريد أن تسمع صوتها لأن سماع صوتها معناه إزعاجاً وتهديداً للنظام القائم على ركائز الفساد التي يحتاج إليها أي نظام سياسي فاسد لا يؤمن بالديمقراطية ولا بحقوق الناس؛ ولهذا فقد ظهر مواطنو الإنترنت الذي يبحثون عن فضاء يتكلم عنهم وعن طموحاتهم المسلوبة.
وفي كتاب «الكفاح العالمي من أجل حرية الإنترنت»، الكتاب الجديد الذي أصدرته ريبيكا ماكينون، المؤسسة المشاركة للأصوات العالمية (والكاتبة المشاركة لتقارير مواطني الإنترنت النصف شهرية على دفاع الأصوات العالمية)... والكتاب الذي ترجمت مقتطفات منه فداء السنونه والذي كتب عنه برنارد براليلو هو نداء لكل مدون أو مستخدم لتويتر أو فيسبوك، وبالتحديد للنشطاء الإلكترونيين بالمفهوم الواسع، ليتحدوا في تصديهم لهذه القضية الملحة للكيفية التي يجب أن تُحكم بها التقنية لتدعم حقوق وحريات المواطنين حول العالم.
براليلو كتب يقول: «الرسالة الأساسية التي يحملها الكتاب هو أن علينا جميعاً أن نشارك في السعي نحو حيازتنا للقوة والقدرة على التأثير (حتى لو كان بطرق بسيطة)، وهذا لن يحدث إلا حينما نفهم القوى المعقدة والمتداخلة المتحكمة (بالإنترنت) حالياً وكيف لنا أن نؤثر في إعادة تشكيلها».
الكتاب - بحسب الترجمة - مقسم إلى خمسة فصول رئيسية (المعضلات؛ التحكم بنسخته 2.0؛ تحدي الديمقراطية؛ سلطات الإنترنت؛ ما الذي يمكن فعله؟) ويغطي عدداً من الأحداث المختلفة التي حدثت في العقد المنصرم وحتى اليوم، مع أجزاء من الكتاب التي خُصصت للربيع العربي ولسلطة الحكومة المصرية الرقابية، للجدل بين الخصوصية والحماية في الديمقراطيات الغربية ولنهوض الدول الافتراضية التي منحت أسماء مثل «فيسبوكستان - بلاد الفيسبوك» و «مملكة جوجل». الموقع المصاحب للكتاب يقدم تحديثات أكثر مزامنة للوقت الراهن ومزيداً من المصادر. يرد ذكر شبكة الأصوات العالمية هنا وهناك بين صفحات الكتاب، مع وجود اقتباسات ومصادر. على سبيل المثال، مقدمة الكتاب تحدثت بشكل مبدئي عن بداية مجتمع مدوني الأصوات العالمية، نمو هذا المجتمع (وازدياد أعداد منتسبيه)، والدور المهم الذي لعبوه خلال الأحداث الأخيرة:
« مع اندلاع المظاهرات في تونس أواخر العام 2010 وانتقالها للدول الأخرى في منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا في مطلع العام 2011، كان المساهمون في الأصوات العالمية يعملون على مدار الساعة لنشر معلومات عما يحدث بعدد من اللغات، على موقعنا نفسه وأيضاً على فيسبوك وتويتر وبقية الشبكات الاجتماعية المختلفة. الجزء الأول من الكتاب يركز على العلاقات المتداخلة بين التقنية، المجتمع، وقطاع الأعمال وهي العلاقات التي سرعت وتيرة تطور الإنترنت لحد الآن، مانحة الفرصة لظهور «مشاع رقمي» يتضمن الممارسات الإبداعية، النشاط الحقوقي والإنساني على الإنترنت، ووسائل شتى لتمكين الناس».
لقد أصبح الانترنت بيئة مثيرة للاهتمام لكنها تواجه المصادمة والعراقيل، ما تُعرفه ريبيكا بـ «التحكم بنسخته المطورة 2.0»... «كيف أن العلاقات الغامضة وغير المسئولة بين الإنترنت وشركات الاتصالات تمكن الحكومات المتسلطة من التحكم بالمواطنين والتلاعب بهم وبحرياتهم». مؤلفة هذا الكتاب رأت أن هذا الكفاح لأجل حرية الإنترنت يحدث الآن، وهنا - في الدول العربية، في شرق آسيا وحتى في دول الغرب. هو كفاح مشترك تقول ماكينون: «الأمر يعود لنا - كلنا - كمواطني إنترنت ومواطني هذا العالم، لنراقب وضع حكوماتنا ونضمن أن تبقى الإنترنت الأداة الدافعة لحرية التعبير والتحرر السياسي - بدلاً من أن تكون أداة للتهميش، الرقابة، الحجب، والقمع»... وهو ما يعني أن الإنترنت طريق جديد للديمقراطية والتغيير من بعد العام 2011.
إقرأ أيضا لـ "ريم خليفة"العدد 3651 - الثلثاء 04 سبتمبر 2012م الموافق 17 شوال 1433هـ
استهلاكيون
في اي شي نستخدم وسائل الاتصال الحديثة اغلبها في المحادثات وتناقل الاخبار لم نستخدمها في الابتكار والاطلاع على احدث الاكتشافات والاختراعات ونقل العلوم والمعارف