العدد 3650 - الإثنين 03 سبتمبر 2012م الموافق 16 شوال 1433هـ

خلنه نصير إخوان

محمد حميد السلمان comments [at] alwasatnews.com

كاتب بحريني

في زمن الرومانسية خلال السبعينات شاعت بين شباب البحرين قصيدة شعرية غنائية بصوت الفنان يعقوب بومطيع بعنوان «إخوان» ومطلعها يقول: «إخوان تقولين... خلنه نصير إخوان». ولا أظن الكلمات نفسها لو قيلت حالياً على لسان أي شخص بعيداً، وإن كان عندليباً بلا تغريد، بطول وعرض امتداد الوطن العربي، وبعد ما يسمى بربيعه؛ ستكون مقبولة في الفهم والمعنى وإن كانت بريئة في القصد.

فقد اكتسحت حركات الإخوان عموم الساحة السياسية اليوم إثر حركة التغيير التي طالت ثلاثة عروش قيصرية عتيقة بين تونس وليبيا ومصر، وهاهو العرش الرابع في سورية يئنّ تحت ضربات المنظومة نفسها. فهل هي نسائم ربيع الإخوان العرب بعد فشل الإخوان الأفغان في الاحتفاظ بالسلطة هناك إثر التدخل الأميركي الغربي المباشر منذ العام 2001، وهل لهذا السبب نجد بعض الإخوان الأفغان يقاتلون جنباً إلى جنب مع الإخوان العرب لتغيير النظام الرابع في الجانب الآسيوي بعد أن توقف التغيير عند الرقم 3 في الجانب الإفريقي؟

من واقع التحليل المتسلسل للأحداث، وبعد كلمة الرئيس محمد مرسي في مؤتمر عدم الانحياز الأخير في طهران، بدا جلياً أن حركة الإخوان منطقها واحد وهى تمتد سريعاً في الهيمنة على مقاليد الموقع السياسي العربي بشكل مباشر منذ مطلع عام 2011 بعد أن مكثت سنيناً طوال تعمل تحت الأرض أو في أقبية السجون أو بأشكال وتبريرات متعددة من خلال البرلمانات العربية. لكنها اليوم تمتد، سياسياً، في خيط واحد متصل على الساحل الشمالي العربي للقارة الإفريقية بين تونس، ليبيا، ومصر، وإن كانت حركة السلف تحاول أن تتداخل مع هذا الخيط عن طريق نسيج عنكبوتي متماهٍ أحياناً مع الخيط الأصل أو محاولاً أن يلتف حوله وينسج خيطاً آخر يغطيه أو يحل محله قريباً.

من هذا الواقع الجديد فالسؤال هو، هل كان نظر الإخوان لدوافع حركة الربيع العربي بأنها دوافع اقتصادية ذات طبع سياسي أو دوافع سياسية ذات طابع اقتصادي؟ مع أن حركة الإخوان لم تكن تعاني من أي شح في الموارد والتمويل في أي مكان، والدليل ما تم مصادرته من الجماعة في مصر زمن محمد حسني مبارك. إذن ما هي الحكاية، وكيف وصلت حركات الإخوان بهذه السهولة لكراسي الحكم بدلاً من الأنظمة القمعية الدكتاتورية التي جاءت مباشرة إثر تدهور فترة السيطرة الاستعمارية الغربية على مقدرات الوطن العربي لعشرات السنين؟ ولماذا لم يشعر الشباب الثوري العربي الذي قاد حركة الانتفاضة الربيعية بأي برنامج ثورى ضد الهيمنة الغربية الأميركية أو ضد الغطرسة الصهيونية في الساحة العربية يطرحه الإخوان حالياً؟ بل أضحى الإخوان، بعد ما قيل على لسان أكبر زعيم عربي منهم في مؤتمر عدم الانحياز، يصنفون عدوهم الرئيس الأول اليوم هي الأنظمة القومية العلمانية أو الليبرالية العربية أو التي تختلف مع فكرهم العقائدي وليس أحد سواها.

فأين موقع الصراع ضد العدو الصهيوني والهيمنة الغربية عبر التدخل المباشر أو غير المباشر في الشئون العربية من أجندة الإخوان الذين وصلوا لسدة الحكم في المراكز الآنفة الذكر؟ وكيف سيتم النظر من خلال أعينهم لقضية استقلال القرار السياسي العربي عن الأجندة الغربية في قضايا العرب المصيرية بعد أن كان مفقوداً في عهود الأنظمة الزائلة؟ ألم يكن أحد أسباب الثورة عليها، ربيعياً، أنها كانت تابعة بشكل مهين للغرب في سياستها وتحتضن مقولاته وتوجيهاته في جميع قراراتها وتحركاتها الخارجية بل وحتى الاقتصادية الداخلية وخصوصاً ما يتعلق منها بأجندة صندوق النقد الدولي والذي نعرف من يسيطر عليه. ثم كيف ستكون خريطة الصراع العربي - الصهيوني بناءً على كل هذه التساؤلات التي توضع الآن في سلة مكاتب الإخوان على امتداد الساحة العربية؟ وكيف ستكون نتيجة هذه بشرى وصول الإخوان للحكم على عموم الأوطان والناس؟

فكما حدث تغيير مرسوم وممنهج في السياسة الأميركية عقب ما سمي بهجوم 11 سبتمبر/ أيلول 2001 واستغرق العشر سنوات الأخيرة من تاريخ العالم؛ كذلك يبدو أن السنوات العشر المقبلة من تاريخ العرب من الخليج إلى المحيط، وإلى استُهلت بتغيير بدا شبابياً عفوياً ثورياً، وإن كان قد اُستغل دولياً وعربياً، ستكون بالمنهج نفسه والنفس السياسي الأميركي الموجه الذي صبغ العالم في العشر الأولى، وليس الأواخر، من القرن الواحد والعشرين بأن يكون الإخوان في الصدارة والواجهة السياسية والعقائدية للساحة العربية. وهذا سيريح الكيان الصهيوني في تلك السنوات من وجع دماغ جبهة المقاومة العربية الإسلامية التي خلطت كثير من أوراق لعبة محاربة الإرهاب الدولي المبرمجة غربياً في السنوات الأخيرة وأسقطت بعض ادعاءاتها.

كلنا يجب أن نصبح إخواناً بحسب منطق الأخوة الدينية، أخ لك في الدين، ولكن يجب أن نحذر بأن هناك بيتاً معادياً في الغرب سواء كان زعيم هذا البيت ساكنه الحالي أو القادم المتشدد يمينياً «ميت رومني» وهو يعدكم بأنه قادم بدعم اللوبي الصهيوني والمتشددين الجدد في الولايات المتحدة ومعادٍ للعرب عموماً، إخوان أو غير إخوان، وهدفه شن الحرب على الإسلام وتشويه صوره الإنسانية بالتركيز على السلبيات وإثارة حروب الطائفية والتعصب بين المسلمين عرباً أو غيرهم.

أضف إلى ذلك، رسم خريطة العالم العربي الجديدة بعنوان السيطرة الأميركية - الغربية التامة على مصادر الطاقة في العالم وأهمها النفط والطاقة النووية، واحتكار امتلاكها. وتوفير الحماية الدائمة للتفوق العسكري الصهيوني والترسانة الصهيونية من الرؤوس النووية والتي يبلغ عددها أكثر من (300) رأس نووي كافية لتدمير أكثر من 300 مدينة وعاصمة عربية أو إسلامية ولا فرق في ذلك بين إخوان أو أعداء.

أمام هذه التحذيرات والتحديات الجادة، فالأفضل أن نكون جميعاً «إخوان» ولكن عند الشدائد كالبنيان المرصوص وليس كالرصاص المسكوب على رؤوسنا قبل رؤوس الأعداء من حولنا.

إقرأ أيضا لـ "محمد حميد السلمان"

العدد 3650 - الإثنين 03 سبتمبر 2012م الموافق 16 شوال 1433هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان
    • زائر 4 | 3:29 م

      تماما كما أنشئت طالبان الان الاخوان صنوان

      طالبان صنيعة الامريكان والاخوان ... وان كانوا أبرياء لكن سوف يلبس الطاقية وسيقتفي أثر التعليمات الامريكية الى آل مبارك .. ونحن نتحتاج الوقت .. فقط .. الان الربيع السلفي هو السائد في الساحات العربية .. وبعد ان يكبر هذا البعبع الجديد الذي صنعته امريكا واسرائيل سوف .. تدمر ورقته او قد تركنها على جنب ريثما يتم توظيفها في مكان ما في يوما .. تماما كما تفعل بأتباع حركة طالبان فقد تم توظيفهم في العراق وليبيا وتونس والجزائر وسوريا حاليا .. والمغرب في المستقبل القريب .. حتى يقول الناس رحم الله الحجاج!

    • زائر 3 | 10:35 ص

      ولد التاجر

      المشكلة الاحزاب في الدول العربية كافة الاسلامية
      او غير اسلامية ان كل الشعب حزبهم وجماعتهم فقط
      الاخرين في الطوفان ولا يحق لهم المناقشة او الاعتراض هذه هي ديمقراطية العرب

    • زائر 2 | 3:02 ص

      مقال رائع

      مقال رائع يا ساتاذي العزيز .. ونتمنى أن نكون أخوان كما في العهد السابق

    • زائر 1 | 2:15 ص

      عن نفسي أنا لا اثق بالاخوان ولا بزعيمهم

      سوف تبدي لنا الايام ان كل الشعارات هي فاضية
      وفضفاضة

اقرأ ايضاً