سجلت إيران نقطة ضد الغربيين الذين يسعون لعزلها باستضافتها هذا الأسبوع ممثلي 120 دولة من حركة عدم الانحياز غير أنها تلقت نكسة في جهودها من أجل ترميم مكانتها الدولية بشأن ملفها النووي المثير للجدل، برأي المحللين.
وبالرغم من أن ثلاثين رئيس دولة وحكومة فقط حضروا إلى قمة دول عدم الانحياز ومن أن إيران تعرضت لانتقادات علنية من الأمين العام للأمم المتحدة، بان كي مون، إلا أن القادة ووسائل الإعلام في إيران أجمعوا على اعتبار هذا الحدث «أكبر نجاح في تاريخ إيران» بحسب تعبير صحيفة «إيران» الحكومية أمس السبت (1 سبتمبر/ أيلول 2012).
ورأت عدة وسائل إعلام في انعقاد القمة «هزيمة دبلوماسية للولايات المتحدة والغرب» ومؤشراً إلى استعادة إيران نفوذها الدولي.
وأقرت دينا اسفندياري المحللة في المعهد الدولي للدراسات الاستراتيجية في لندن؛ رداً على أسئلة «فرانس برس» أن هذا الحدث «أتاح لإيران أن تثبت أنه مازال لديها أصدقاء وشركاء رغم الجهود الدولية لعزلها».
غير أن التقرير الأخير للوكالة الدولية للطاقة الذرية الذي صدر في وسط القمة جاء ليذكر بالجدل القائم بشأن برنامج طهران النووي الذي يقع في صلب الأزمة بين طهران وقسم كبير من الأسرة الدولية.
واتهمت الوكالة في تقريرها طهران بمواصلة تطوير قدراتها على تخصيب اليورانيوم بما ينتهك ست قرارات لمجلس الأمن الدولي، وإعاقة جهود الوكالة الدولية للتحقق من أن برنامجها لا يخفي أي بعد عسكري.
وعزز التقرير رسالة الأمين العام للأمم المتحدة بان كي مون الذي اغتنم القمة ليحض إيران علناً على احترام قرارات الأمم المتحدة تحت طائلة إبعادها من صفوف الأسرة الدولية، وفي وقت تواجه خطر ضربة إسرائيلية أو أميركية لمنشآتها النووية.
وقال مارك هيبز المحلل في المسائل النووية في معهد كارنيغي «أحياناً تشاء الصدفة
أن يبدل الجدول الزمني ظروف القمم الدولية». وأوضح أن «إيران أكدت في افتتاح القمة أن برنامجها النووي السلمي هو ضحية مؤامرة (من القوى الكبرى في مجلس الأمن) لكن هذا الخطاب نقضته الوقائع التي أعلنت في وسط القمة، كاشفة ان طهران منعت الوكالة الدولية للطاقة الذرية من إنجاز عملها».
ورأى هيبز أن فرض المسألة النووية نفسها على القمة يعني أن «إيران لم تنتصر في هذه الجولة من المعركة».
كذلك اضطرت طهران إلى تلقي انتقادات علنية أخرى من بان كي مون بشأن خطاب قادتها المعادي لإسرائيل والانتهاكات لحقوق الإنسان فيها، إضافة إلى تنديد شديد اللهجة من الرئيس المصري الجديد أحمد مرسي للنظام السوري الذي تدافع عنه إيران بشكل مطلق.
وقالت اسفندياري إن «إيران كانت تعلم أنها ستتعرض حتماً لانتقادات» من هؤلاء الضيوف المربكين ورغم ذلك حرصت على استقبالهم لزيادة هيبتها الدولية «واعتبرت أن فوائد حضورهم أكبر من مساوئه».
وأوضحت ان طهران «ستسلط الضوء على تسامحها حيال الانتقادات وقدرتها على عقد صداقات بمعزل عن الخلافات في الرأي».
وقال محمد صالح صادقيان مدير المركز العربي للدراسات الإيرانية الذي يتخذ مقراً له في طهران مبدياً رأياً مماثلاً «لم يكن أحد يتوقع من المشاركين في القمة أن يفكروا ويتكلموا جميعهم مثلما تتمناه طهران».
وتابع «لكن القمة أعطت في نهاية الأمر صورة إيجابية عن الجمهورية الإسلامية التي بدت قادرة على استقبال 120 دولة، وهذا يمكن أن يساعد إيران في الملفات الدولية الكبرى» مثل الملف النووي. في المقابل، رأى علي رضا نادر المحلل في معهد «راند» أن طهران قد تجد صعوبة في حمل حركة عدم الانحياز على دعم دبلوماسيتها المعادية وهو ما أبدت عزمها عليه.
وقال المحلل إن «القمة قد تلمع صورة طهران قليلاً لبعض الوقت لكن إيران لديها مصالح تتعارض مع الدول الأخرى في حركة عدم الانحياز» مشيراً إلى الموقف المصري حيال سورية وقرار الهند خفض وإرداتها من النفط الإيراني التزاماً بالعقوبات الأميركية.
العدد 3648 - السبت 01 سبتمبر 2012م الموافق 14 شوال 1433هـ