حثت منظمة الأمم المتحدة للتربية والعلوم والثقافة (يونسكو) السلطات الليبية على حماية المساجد والأضرحة الصوفية التي تعرضت لهجمات متكررة من جانب إسلاميين متشددين يعتبرون المدرسة الصوفية التقليدية هرطقة.
وقالت المدير العام لمنظمة اليونسكو ايرينا بوكوفا مساء الثلثاء الماضي ان الهجمات التي دمرت مساجد في ثلاث مدن على الأقل ودنست العديد من الأضرحة لشخصيات صوفية موقرة «يجب أن تتوقف إذا كان للمجتمع الليبي أن يكمل الانتقال إلى الديمقراطية». وقال وزير الداخلية الليبي إنه لن يخاطر بخوض اشتباك مع المسلحين الذين يشنون هجمات طائفية في اعتراف صريح بدرجة غير معتادة بحجم التحدي الأمني الذي تواجهه البلاد.
وألقت رابطة العلماء الليبيين، وهي جماعة تضم أكثر من 200 من علماء الدين المسلمين باللوم في الهجمات على الساعدي ابن الزعيم الليبي الراحل معمر القذافي وحلفائه السلفيين الليبيين الذين قالت إنهم يستلهمون أفكارهم من أئمة سعوديين متطرفين. وقالت الرابطة إن هذه المجموعة حاولت مراراً تقويض استقرار البلاد. مضيفة أن النيجر التي لجأ اليها الساعدي القذافي بعد الإطاحة بوالده رفضت تسليمه على رغم طلبات من طرابلس.
وقال العالم الصوفي عارف علي النايد إن ليبيا لم تشهد مثل هذه الهجمات منذ عدة قرون. مضيفاً، وهو يشير الى احتلال ايطاليا لليبيا من العام 1911 وحتى الحرب العالمية الثانية، انه حتى الفاشيون في عهد موسوليني لم يعاملوا التراث الروحي لبلاده بمثل هذا الاحتقار.
وبعد تدمير أضرحة في الزلتان وطرابلس ومصراتة في مطلع الأسبوع الماضي قامت مجموعات من المسلحين بتدنيس أضرحة في مسجد ومدرسة في المدينة القديمة بالعاصمة يومي الإثنين والثلثاء. وبقي السلفيون المتشددون في الظل في عهود الحكام الشموليين الذين أطيح بهم في الربيع العربي وشنوا حملات خلال العام الماضي للقضاء على ما يرون أنه وثنية في الأضرحة والمساجد الصوفية التقليدية في ليبيا وتونس ومصر.
ويماثل التدمير في ليبيا نسف تمثالين عملاقين لبوذا العام 2001 في أفغانستان ونهب مقابر صوفية في تمبكتو في يوليو/ تموز بعد أن استولت جماعة أنصار الدين على السلطة في شمال مالي.
وقالت بوكوفا إن المنظمة التي يقع مقرها في باريس «تقف مستعدة لتقديم المساعدة لحماية وتأهيل» المواقع الليبية المدمرة أو التي تواجه تهديدات الآن.
واضافت في بيان أنه لا يمكن التسامح إزاء تدمير الأماكن التي لها أهمية دينية وثقافية. وحثت رابطة العلماء الليبيين طرابلس على الضغط على حكومة السعودية لكبح أئمتها الذين يتدخلون في شئون ليبيا بتدريس تعاليم السلفية لشبان ليبيين ونشر المذهب عن طريق الكتب وأشرطة التسجيل. وحثت الليبيين على حماية المواقع الصوفية بالقوة. وقال النايد الذي يحاضر في مدرسة عثمان باشا التي تعرضت للتدنيس مساء الثلاثاء إن المهاجمين مخربون وهابيون وإن مسؤلي الأمن الحكوميين «متواطئون وعاجزون».
وقال لـ «رويترز» انه يجب على ليبيا أن تختار إما التعصب الديني على نمط طالبان وحركة الشباب بالصومال أو أخلاق الاسلام الحقة والتمدن الروحي.
العدد 3647 - الجمعة 31 أغسطس 2012م الموافق 13 شوال 1433هـ