العدد 3645 - الأربعاء 29 أغسطس 2012م الموافق 11 شوال 1433هـ

ازدهار عمل فناني الرسم على الجدران في حقبة الإصلاح بميانمار

يحمل جدار بشارع جانبي مظلم في يانجون صورة لجهاز تلفزيون بجناحين.

ويقول أونج (33 عاماً) وهو يشير بفخر إلى صورة رسمها برذاذ الطلاء العام الماضي احتجاجاً على الرقابة على الإعلام وباتت الآن من الصور المتكررة في مناطق متفرقة من العاصمة التجارية لميانمار «كانت هذه الأولى بالنسبة لي... حرية الإعلام قضية مهمة عندي».

ينتمي أونج الذي طلب عدم نشر اسمه بالكامل لجيل جديد من فناني الشوارع ما كانت لرسومهم التي تحمل عادة رسالة سياسية لتخطر ببال قبل موجة الإصلاحات التي أجرتها ميانمار في الآونة الأخيرة.

عاشت ميانمار لعقود في ظل نظام دكتاتوري كانت فيه أعين المخبرين العسكريين المنتشرين في كل مكان تعني أن مجرد الكتابة على الجدران تنطوي على مجازفة كبرى. وبدأ هذا يتغير حين تولت حكومة شبه مدنية الحكم في مار/س آذار 2011.

أفرجت البلاد عن معارضين سياسيين وقننت أوضاع النقابات العمالية وحسنت العلاقات مع الغرب بل إن مخبري الحكومة اختفوا تقريباً. واكتسب فنانو الشوارع جرأة دفعتهم لانتقاد يانجون في كل شيء بدءاً بنقص الكهرباء حتى غسيل الأموال.

قال أونج وهو رسام ومصمم جرافيك إن عدد فناني الشوارع تضاعف في العام الماضي الى نحو 50 فناناً يستلهمون أفكارهم من أفكار أغاني الهيب هوب والبانك وهي فن جديد على يانجون او من رسامين بريطانيين مثل بانكسي ويلتقون ببعضهم البعض عن طريق «فيسبوك» أو بعد حلول الظلام في الشوارع وهم يحملون علب الطلاء في أيديهم.

وأضاف «معظم الشباب يكتفون بالكتابة وهو ما لا يعجبني كثيراً. إنها لا تحمل ايديولوجية».

ومثله الأعلى الناشط البريطاني بانكسي الذي تستهدف أعماله الساخرة الحرب والفقر. وتعلق أونج بهذا الفن بعد أن شاهد الفيلم الوثائقي (الخروج عبر متجر الهدايا) الذي دار حول بانكسي وتم ترشيحه لجائزة أوسكار.

وقال «أعجبني فكره السياسي... أدركت أنني لا أستطيع أن أقول كل ما أريد من خلال الفن لكنني أستطيع أن أقوله من خلال الرسم على الجدران».

ولدى فناني شوارع يانجون مساحات كبيرة للرسم مثل جدران وواجهات متاجر المدينة البالغ عدد سكانها ستة ملايين نسمة. ويفضل الفنانون تلك الموجودة على طريق كابا أي باجودا وهو طريق مزدحم من الشمال إلى الجنوب لارتفاع نسبة مشاهدتها.

وأصبح رسم يصور مقبساً كهربائياً يتدلى منه سلك ويصاحبه شعار «أضيئوا المدينة» شائعاً في يانجون في مايو/ أيار حين أدى الغضب من نقص الكهرباء المزمن إلى خروج احتجاجات على مستوى البلاد.

ويضيف توتوينتي (27 عاماً) وهو الاسم المستعار لعضو بجماعة (فن الشوارع في يانجون) «لم نفعل هذا نيابة عن الناس بل لأننا أنفسنا تأثرنا بانقطاع الكهرباء».

ويقول البنك الدولي إن 25 في المئة فقط من سكان ميانمار البالغ عددهم 60 مليون نسمة يحصلون على الكهرباء من الشبكة الوطنية.

ويشير رسم لغسالة ملابس إلى جانب الأحرف الأولى من أسماء بعض أشهر البنوك في ميانمار إلى دورها المشتبه به في غسل الأموال.

وأغلب الكتابات على جدران شوارع يانجون بالانجليزية وتتنوع لهجتها من استهجان حاد مثل «اللعنة على الوشاة» إلى أدب الحديث مثل «سيدي الرئيس العزيز» التي كتبت على واجهة أحد المحلات لمناشدته توفير المزيد من الكهرباء.

كما كتبت عبارة «نحتاج الى ما يكفي من الكهرباء... مع وافر الاحترام يا سيدي... هذا غير متوفر لنا».

وكتبت على جدار حديقة الحيوان في يانجون «حديقة حيوان أم سجن للحيوانات؟» في تذكرة برسالة يفترض أن بانكسي كتبها على الجزء المخصص للبطريق في حديقة حيوان لندن «مللنا من الأسماك».

وعادة يحمل رسم جهاز التلفزيون المجنح الذي رسمه أونج عبارة «من أجل حقك».

وألغت الحكومة معظم الرقابة على وسائل الإعلام في 20 اغسطس/ آب لكن القوانين المقيدة لاتزال قائمة بما في ذلك تلك التي استخدمت لسجن نشطاء بارزين بعد احتجاجات داعية للديمقراطية قادها رهبان بوذيون العام 2007.

ويجد سكان المدينة صعوبة في التمييز بين فن الشوارع والتخريب. قال أونج «معظم الناس لا يعرفون الكثير عن هذا الفن وأصحاب الأماكن التي نرسم عليها مازالوا شديدي الحساسية تجاه الأمر».

ويقول إنه حتى الآن لم يسجن أي من فناني الشوارع غير أن البعض احتجزوا لفترات قصيرة وأفرج عنهم بعد تحذيرهم.

كما خاض فنانو الرسم بالشوارع حرباً ضد رئيس بلدية لا يتمتع بشعبية في يانجون هو البريجادير جنرال أونج ثين لين الذي فاز بمقعد في البرلمان عن حزب اتحاد التضامن والتنمية في انتخابات مزورة العام 2010.

وكنوع من الاحتجاج قام فنانون بالرسم على جدار مقره الرسمي في طريق كابا اي باجودا.

وقال أونج «كلنا نحاول الرسم على هذا الجدار... ويجري طلاؤه في اليوم التالي».

وحل بريجادير جنرال متقاعد آخر محل أونج ثين لين في منصب رئيس البلدية ولاتزال حرب الرسم دائرة على جدار المقر.

العدد 3645 - الأربعاء 29 أغسطس 2012م الموافق 11 شوال 1433هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً