العدد 3644 - الثلثاء 28 أغسطس 2012م الموافق 10 شوال 1433هـ

راشيل كوري... دعوني أقف وحدي

قاسم حسين Kassim.Hussain [at] alwasatnews.com

كاتب بحريني

برّأت محكمة إسرائيلية أمس الجيش الصهيوني من جريمة قتل الناشطة الأميركية راشيل كوري في قطاع غزة العام 2003.

الجريمة كانت فظيعةً بكل المقاييس، فقد نقلت وكالات الأنباء يومها تفاصيل الحادثة بالصوت والصورة، حيث زحفت جرّافةٌ تابعةٌ للجيش الإسرائيلي على راشيل أثناء اعتراضها على هدم منازل الفلسطينيين، حتى قضت عليها دهساً. ومع أنها مواطنةٌ أميركيةٌ إلا أن إدارة الرئيس اليميني المتطرف جورج بوش التزمت الصمت.

الجيش الإسرائيلي أجرى تحقيقاً عسكرياً صورياً خلص إلى تبرئة نفسه من المسئولية عن قتل كوري، فاضطرت أسرتها إلى رفع دعوى مدنية ضد «إسرائيل» العام 2005، وانتظر العالم سبع سنوات لتخرج «العدالة» الإسرائيلية بقرار رفض الدعوى! وقد برّرت المحكمة ذلك بأن سائق الجرافة الذي قتل راشيل لم يدهسها عن قصد، وأنه «ثبت للمحكمة أنه لم يكن يراها»! وردّ شهود الواقعة بأنها كانت ترتدي سترة برتقالية واضحة للعيان، وكانت تستخدم مكبّراً للصوت.

القاضي الذي يفترض أن يكون نزيهاً ويحمل ضميراً ويحكم بالعدل، ظهر بمظهر المتواطئ، حيث قدّم تبريراتٍ سخيفةً للقاتل لم يكن يحلم بها. فقال إن الجندي الذي قتلها كان يقود جرافة كبيرةً وثقيلةً ومدرّعة، ولم يتمكن من رؤيتها لأنها كانت واقفة وراء كومة من الأنقاض؛ ورغم أنه كان يقود الجرافة ببطء شديد (كيلومتر واحد في الساعة)، «إلا أنها لم تتراجع حين اقترب منها كما يفعل أي شخص عاقل»! وبالتالي - وهذه هي خلاصة القضية - فإنها لـ «صمودها»، تستحق الموت دهساً تحت العجلات!

السائق الذي تولّى عملية القتل، أكمل الرواية من جانبه بأن الجرافة كانت تُصدِر ضجيجاً، وأنه كان يرتدي سماعات فلم يسمع الصياح، وهكذا وجدت المحكمة أن روايته متسقةٌ مع روايتها، وبالتالي فهي «جديرة بالتصديق»!

لم يكن قرار المحكمة الإسرائيلية مفاجئاً لأحد، فهذا الكيان القائم على فلسفة عنصرية، تنظر إلى البشر الأغيار على أنهم بهائم وعبيد للجنس الأرقى. وهي فكرةٌ تلموديةٌ باليةٌ رفضتها شعوب الأرض كما رفضت من قبلها الأفكار النازية والفاشية و «الأبارتهايد» التي أصبحت من مخلّفات الفكر البشري المريض.

والدا الفقيدة المناضلة، سيندي وكريج كوري، سافرا إلى «إسرائيل» لحضور المحكمة التي برّأت القاتل ولم تنصف القتيل، فقررت استئناف الحكم الظالم. وعلقت الأم (سيندي) في مؤتمر صحافي بأن الحكم أثبت أن «نظام (إسرائيل) الشهير بمنح الجنود فرصة الإفلات من العقاب في جميع الأحوال، امتد أيضاً إلى محاكمها». وأضافت ببلاغة: «هذا يومٌ سيّئٌ للعائلة ولحقوق الإنسان والإنسانية وسيادة القانون أيضاً».

قصة راشيل كوري من شأنها أن تُخلّد في الأدب الإنساني، فقد كانت ناشطةً في مقتبل العمر، (23 عاماً)، انضمت إلى حركة التضامن الدولية مع الفلسطينيين، وعاشت مع العوائل الواقعة تحت الاحتلال، في ظروف حصار صعبة، إيماناً منها بقضية إنسانية نبيلة. وسيدخل اسمها التاريخ كواحدةٍ من أشهر الناشطين الأجانب الذين حملوا همّ القضية الفلسطينية. وقرأت في أحد التقارير أن الممثل البريطاني آلان ريكمان ألّف روايةً تحمل عنوان «اسمي راشيل كوري» استناداً إلى يومياتها ورسائل بريدها الإلكتروني. كما عرضت قصتها على المسارح في أكثر من عشر دول، وأن كتاباً صدر عنها بعنوان مؤثر... «دعوني أقف وحدي».

القاضي العنصري البغيض الذي انتصر لجانبه، رفض مطالبة الأسرة بأية تعويضات، وذكّر بأن عليها أن تدفع تكلفة التقاضي أمام المحكمة!

إقرأ أيضا لـ "قاسم حسين"

العدد 3644 - الثلثاء 28 أغسطس 2012م الموافق 10 شوال 1433هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان
    • زائر 5 | 5:30 ص

      نسخ كثيرة من هالقاضي

      اقتباس: (القاضي الذي يفترض أن يكون نزيهاً ويحمل ضميراً ويحكم بالعدل، ظهر بمظهر المتواطئ، ) ..

    • زائر 4 | 5:13 ص

      قتلوا راشيل في البحرين!!!!

      ما اكثرها .. راشيل في البحرين قتلت دهسا عدة مرات.. راشيل دافعت عن مظلومية المستضعفين فبخسوا حقها.. راشيل ظلموا محاكمتها واخرجوها مذنبة .. راشيل قتلوا طفولتها وصغر سنها عدة مرات هنا.. راشيل قاتلها حر طليق وفوق الغانون .. راشيل ادلة الصور والفيديو على مقتلها لا تعبأ بها المحكمة.. راشيل قاتليها عنصريون

    • زائر 3 | 1:50 ص

      علاوة الغلاء

      لماذا لاتكتب عن علاوة الغلاء التي تم قطعها عن المواطنين بحجة ان الراتب تجاوز السبع مائة دينار بينما قالت الوزيرة بأن العلاوات لاتدخل في الراتب بل نتعتمد على الراتب الأساسي

    • زائر 2 | 11:24 م

      المجد والخلود للشهداء

      عندما وقف عبد الرضا ابوحميد واتته الرصاصه لم يكن وحده بل كان امه رفضة الذل والخنوع

    • زائر 1 | 10:59 م

      العدالة الزائفة

      هده عدالة زائفة. فقد قال القضي كذلك بان هذه المواطنة لأمريكية كانت متعاطفة مع إرهابية. ان المشكل يكمن في ان القضي هو خصمك ، وليس طرفا محايدا. ...، والمثل الشعبي " اذا كان آذاك او وجهك من بطنك، فهنا تكمن المصيبة".

اقرأ ايضاً