الأحداث السلبية التي سيطرت على عناوين الصحف مؤخراً سوف تنعكس في الغالب على أسعار الأسهم. فنسب المداخيل هي انعكاس للثقة. وفي ضوء ما يحصل اليوم، الثقة في المستقبل آخذة في التراجع. ورغم أنني أظل متفائلاً، لا يمكنني إغفال أنّ نمط الأحداث السلبية وتوقعات النمو المتدنية في دول العالم النامي قد تعني أنّ المعدّلات التاريخية المتعدّدة قد تأخذ مساراً تنازلياً.
إنّنا في صدد «العودة إلى نقطة الوسط». ولكنّ هذا التعبير بات أكثر تعقيداً وأكثر تنافسية وربما أكثر فساداً من قبل. ولعلّه كان دائماً كذلك، غير أنّ الحديث عنه لم يكن في السابق بالمستوى الذي هو عليه الآن. فمديونية الاقتصادات أصبحت أكبر، والحكومات في الدول المتطورة بالتأكيد وربما في الدول النامية أيضاً باتت لا حول لها ولا قوة. وهذه العوامل الكمّية تطرح التساؤلات حول إمكانية تناقص الأضعاف أيضاً.
وإذ تبدو خلفية الأسهم كئيبة، فمن المفيد لنا استكشاف سيناريوهات ايجابية. فنمط الاقتصاد والأسواق على السواء خلال العامين الماضيين كان يبدو ايجابياً في الربع الأول، ثم ضعيفاً في الربعين الثاني والثالث، ثم قوياً في الربع الأخير. فهل يتكرّر الأمر هذا العام؟
أعتقد أنّ النصف الثاني سيكون أقوى من النصف الأول، لكن قادة الأعمال يتردّدون في اتخاذ قرارات أطول مدىً على صعيد زيادة عدد الموظفين والانفاق من رأس المال، وذلك لثلاثة أسباب. أولاً، لأن لديهم مشكلة في تقييم تداعيات عدم قدرة أوروبا على إيجاد حلول بعيدة المدى لمشاكلها المتعلقة بالديون. وثانياً لأن قانون الرعاية الصحية وتخفيض العجز في الموازنة الأميركية ألقيا بظلالهما على التوقعات الاقتصادية للعام 2013. وثالثاً لأن الحملات الرئاسية السلبية للحزبين معاً قلّصا الأمل في نفوس الذين يعتقدون أنّ القيادة في واشنطن سوف تتحسّن، بقطع النظر عن نتائج الانتخابات.
الناتج المحلي الاجمالي الفعلي للصين في الربع الثاني، وهو 7.6 في المئة، يبعد «الهبوط القاسي» عن طاولة البحث الآن، رغم أنّ النقّاد يتساءلون عن دقّة تلك الأرقام. وأهم أسباب عدم الاستقرار هو أوروبا، حيث توجد الحاجة إلى تغيير هيكلي جذري من أجل حل أزمة المديونية. لقد اطمأنّت الأسواق عند توصل الاتحاد المصرفي إلى اتفاق قبل أسابيع عدّة، لكنّ الأمر سيستغرق وقتاً، وحتى تلك الخطوة لا تحلّ المشكلات الأساسية. فقد تستمر إسبانيا وإيطاليا في الاستدانة بأسعار فائدة غير مستدامة على المدى البعيد، لكن أسواق الائتمان فيهما ليست مفتوحة أمام القطاع الخاص. أمّا ألمانيا، وسائر «صقور التقشف»، فقد ليّنت موقفها حول تخفيض العجز للدول الأضعف، غير أنّ الركود يبدو محتملاً في أوروبا هذه السنة وفي السنة المقبلة أيضاً مع تسبّب ارتفاع البطالة في زعزعة الاستقرار الاجتماعي.
بايرون وين
مدير قسم الخدمات الاستشارية في مجموعة بلاكستون الاستشارية
العدد 3644 - الثلثاء 28 أغسطس 2012م الموافق 10 شوال 1433هـ