أصبح من الواضح أن اقتراح الصين بإبرام اتفاقية تجارة حرة مع دول السوق المشتركة لجنوب أميركا (ميركوسور) لا يحظى بأي فرصة، على الأقل في المدى القصير، وذلك بغض النظر عن رغبة القادة السياسيين في الإقليم.
والسبب الرئيسي هو مخاوف الخبراء والقطاع الصناعي من خطر غزو المنتجات الآسيوية لأسواق الدول الأعضاء في هذه السوق المشتركة، بل وبمنافسة غير متكافئة.
وتضم «كيركوسور» عضوية الأرجنتين، البرازيل، باراغواي، أوروغواي، وفنزويلا، إضافة إلى بوليفيا، تشيلي، كولومبيا، اكوادور، وبيرو كأعضاء منتسبين.
وأجمعت المصادر المطلعة التي استشارتها وكالة إنتر بريس سيرفس على أن إمكانية زيادة حجم التجارة والاستثمار بمعدل قوي بموجب اتفاقية لتجارة الحرة المقترحة بين الصين ودول «ميركوسور» تبدو غير واقعية في السيناريو الحالي.
هذا ولقد بدأ هذا المسار عندما عرض رئيس الوزراء الصيني جيا باو مشروع اتفاقية التجارة الحرة بين الطرفين على حكومات الإقليم، وذلك بمناسبة مقابلته مع رئيسة الأرجنتين كريستينا فرنانديز في 25 يونيو/ حزيران الماضي.
ومن خلال مؤتمر عبر الفيديو، انضم لجيا باو وفرنانديز، رؤساء البرازيل ديلما روسيف، وأوروغواي خوسيه موخيكا. ورحب الزعماء الأربعة بفكرة توسيع الشراكة التجارية بين الطرفين.
لكن الأزمة المؤسسية التي اندلعت في 22 يونيو في اوروغواي وانتهت بعزل الرئيس فرناندو لوغو، حالت دون مشاركة هذا البلد العضو المؤسس للكتلة.
يضاف إلى ذلك، أن اوروغواي يواجه معضلة الاستمرار في الحفاظ على علاقات دبلوماسية مع تايوان وشرط وقفها للتفاوض مع بكين.
كذلك فلم تكن الكتلة قد قبلت بعد في ذلك الحين طلب العضوية الكاملة الذي قدمته فنزويلا، والذي تمت الموافقة عليه في 31 يوليو/ تموز في برازيليا.
ومع ذلك، فقد تعهدت حكومات الأرجنتين والبرازيل وأوروغواي بتعزيز التعاون مع الصين، وذلك أثناء قمة هذه الدول التي عقدت في الأرجنتين بعد أربعة أيام من زيارة ون جيا باو. لكن القمة لم تتعمق في دراسة الاقتراح الصيني بإبرام اتفاقية التجارة الحرة مع دول «ميركوسور».
فعلق ماوريسيو ميسكويتا موريرا، خبير التجارة الدولية في بنك التنمية الأميركي، مشددا على أن الظروف الراهنة لا تسمح بتنفيذ اتفاقية من هذا القبيل في المستقبل القريب.
وشرح لوكالة إنتر بريس سيرفس: «فمن جهة، تعتبر الصناعة في الأرجنتين والبرازيل عرضة للمنافسة من آسيا، فيما لايزال وزن الدولة قويا جدا في الصين في مجال الترويج لصناعاتها».
«أما الشركاء الأصغر (في ميركوسور) مثل أوروغواي وباراغواي، فهي تفتقر إلى البنية الصناعية ويمكن أن تستفيد من اتفاقية تجارة حرة مع الصين، لكن تواجدها في ميركوسور يضمن لها أيضا فوائد مهمة، مثل امتياز الوصول إلى أسواق أكبر»، وفقا للخبير.
وبدوره، شكك الخبير الاقتصادي وليام روزينورسيل، مدير مركز بحوث التنمية الاقتصادية في أميركا الجنوبية، في إمكانيات نجاح المقترح الصيني.
وصرح لوكالة إنتر بريس سيرفس أن الاقتراح «غير قابل للتطبيق في السنوات الـ 10 أو الـ 15 المقبلة».
وقال إن «الرؤساء أعطوا ردا دبلوماسيا للوفد الصيني بإظهار أنهم اهتموا بالاقتراح»، هو الذي في الواقع لا يحظى بأي فرصة في المستقبل القريب.
مارسيلا فالينتي
وكالة إنتر بريس سيرفس
العدد 3643 - الإثنين 27 أغسطس 2012م الموافق 09 شوال 1433هـ