شاركتُ يوم الجمعة في إحياء لذكرى ضحايا عملية إطلاق النار يوم الرابع من أغسطس/ آب في معبد للسيخ في أوك كريك بولاية ويسكونسن. أنا أميركية من طائفة السيخ من الجيل الثالث، ومع انتهاء المراسم، أرسلتُ رسالة قصيرة على «تويتر» تقول: «أتمنى ألا تكون هذه هي اللحظة الأخيرة التي تراقب فيها الأمة وتحزن معنا. آمل أن تكون هذه بداية لتضامن طويل الأمد».
لقد حان الوقت الذي يتوجّب علينا فيه نحن الأميركيين، وقد انخرطنا في دوامة سنة انتخابات تزداد مرارة، أن نضع حدّاً لتزايد الكراهية والحقد والخوف وعدم الرضا في مجتمعاتنا وعبر أمواج الأثير. يتوجب علينا أن نناشد المسئولين المنتخبين والإعلام والمؤسسات التربوية وقادة الإيمان، مطالبين إياهم بتجديد التزامهم بأمّة يستطيع فيها الجميع العيش والعمل والعبادة دون خوف.
يمكن للأمل أن ينبثق من هذه المأساة. خلال الأسبوع الماضي تعلّم عدد لا يمكن تقديره من الأميركيين شيئاً عن ديانة السيخ. اجتمع أناس من أعمار وأعراق وديانات مختلفة معاً في مراسم التأبين والذكرى وبأعداد فاقت جميع التصوّرات. جدّد سياسيون مثل عمدة نيويورك مايكل بلومبيرغ النداء بسيطرة أكبر على امتلاك السلاح، كما اعتُبِر رجال الشرطة الذين عرّضوا حياتهم للخطر لوقف إطلاق النار أبطالاً.
لقد حان الوقت لأن يقبل الجميع، كما يؤمن السيخ، مشيئة الله تعالى والاستمرار قدماً، وبدء حوار وطني حول كيفية تحويل وتغيير الحقد والخوف والاستقطاب في بلدنا.
لم تكن هجمة يوم الأحد حدثاً معزولاً، بل كانت جزءاً من أحد أنماط الحقد والعنف ضد الأقليات العرقية والدينية خلال العقد الماضي وقبل ذلك لمدة طويلة. منذ الحادي عشر من سبتمبر/ أيلول، اعتبر الأميركيون السيخ والمسلمين والعرب والجنوب آسيويين بالذات وبشكل آلي متهمين في مخيلتنا الوطنية. أدى الجهل بهذه المجتمعات، ومعه توجه قوي لاستهداف هذه الأقليات كأكباش فداء إلى ارتكاب جرائم حقد وتمييز وبلطجة وتصوير نمطي وإجحاف كبير.
يمكن لمأساة أوك كريك أن تحرّض جميع الأميركيين على عمل المزيد لدعم السيخ وغيرهم من الجاليات التي يستهدفها الحقد. نادى الكثيرون بعد الحادث بقوانين أكثر شدة تحدّ من سهولة الوصول إلى السلاح. وبينما يتوجب علينا سنّ قوانين وتشريعات أكثر شدة وذكاءً، يملك كلّ منا الفرصة لرفع مستوى التزامنا بالكرامة الإنسانية في مجالات عملنا وتأثيرنا.
يتوجب على المسئولين المنتخبين والمرشحين السياسيين أن يلتزموا بالطرح المدني وأن يتوقّفوا عن استخدام الطرح العرقي والديني لتحقيق نقاط سياسية. يتوجب علينا أن ندرك أن الطرح السياسي الحاقد يرن صداه عبر المجتمع ويؤدّي بشكل خطير إلى تنشيط مخيلة هؤلاء الباحثين عن أكباش فداء.
يتوجب على الكونغرس الموافقة على قانون إنهاء التصوير النمطي العرقي لجميع الناس الذين يتعرضون للتصوير النمطي العرقي والديني. إذا استمرت حكومتنا في التصوير النمطي في مجال الأمن القومي والهجرة والمجالات الإجرامية، فكيف نستطيع أن نتوقع المزيد من الرجل في الشارع؟
يجب أن يبدأ مكتب التحقيقات الفيدرالية بتقصّي ومتابعة جرائم الحقد ضد السيخ. يجب أن نتمكن من قياس مدى ومجال هذه المشكلة حتى يتسنى حلّها، وضمان أن يساعد نظام تطبيق القوانين على خدمة جميع الجاليات والمجتمعات الصغيرة بصورة أفضل.
كما يجب أن يساعد الإعلام على الحفاظ على الاهتمام الوطني بأسباب ونتائج مأساة أوك كريك. لقد انخفضت التغطية الإعلامية بسرعة. يمكن للمراسلين والصحافيين أن يلتزموا بمتابعة القضية والإبلاغ بدقة والحفاظ على العلاقات مع الأميركيين السيخ حول قضايا جالياتهم.
لنستخدم ما حدث في أوك كريك كلحظة يمكن التعلّم منها وتدريسها، والاستمرار في الحوار في البيت وفي غرفة الصف المدرسي. يجب أن ندرّس التلاميذ مبادئ السيخ والديانات الأخرى، ابتداءً من المدرسة الابتدائية. تعود ديانة السيخ إلى العام 1469م، وهي اليوم خامس أكبر ديانة في العالم، حيث يبلغ عدد أتباعها 26 مليون نسمة، وهم في ازدياد. جاء السيخ للمرة الأولى إلى الولايات المتحدة في أواخر القرن التاسع عشر، ويقيم ما يزيد على نصف المليون منهم هنا. لقد حان الوقت لاستيعاب تواريخ جميع الجاليات في مناهجنا التعليمية.
الأهم من ذلك كله أنه يتوجب على التربويين الإسراع بمشاريع حوار الأديان في حرم الجامعات، التي تيسّر الحوار والخدمة في كل المستويات التعليمية. يمكننا أن نزوّد الجيل الصاعد بمهارات وإمكانيات تتعلق ليس فقط بالتسامح مع بعضنا البعض، وإنما الانخراط مع بعضنا البعض بفضول وتعاطف واحترام. أؤمن أن سرد القصص له قدرة على إثارة التعاطف المعمّق الذي يستطيع تغيير العالم. يمكن للتربويين استخدام سرد القصص عبر أفلام مثل «صنع في أميركا» و «نسقط إذا كنا مفترقين» و «حلم عرضة للشك» و «داستار» في حرم الجامعات، بدءاً من فصل الخريف المقبل، في الذكرى الحادية عشرة للحادي عشر من سبتمبر.
أؤمن أن باستطاعتنا معاً الردّ على هذه المأساة بتضامن مستمر، والأهم من ذلك، التغيّر. كأميركيين، لنضع جانباً مجاز «بوتقة الانصهار» ونعتنق مجاز «الفسيفساء»: وطن يتم فيه تثمين كل من خلافاتنا والاحتفال بها.
إقرأ أيضا لـ "Common Ground"العدد 3640 - الجمعة 24 أغسطس 2012م الموافق 06 شوال 1433هـ