تصاعد اختبار القوة الصيني الياباني حول سينكاكو في بحر الصين الجنوبي في نهاية الأسبوع مع نزول عشرة ناشطين قوميين يابانيين في إحدى جزر الأرخبيل وتظاهرات معادية لليابان في عدد من المدن الصينية.
وأثار التحرك غضب الصين التي «احتجت بشدة» لدى طوكيو بينما استدعت تايوان ممثل اليابان على أراضيها لتؤكد له ملكيتها لهذه الجزر.
وعند الساعة 7,40 (22,40 تغ السبت)، قفز رئيس جمعية «اليابان إلى الأمام» (غمباري نيبون) ساتورو ميزوشيما في الماء وسبح حتى شاطئ يوتسوريجيما كبرى جزر الأرخبيل الصغير الذي تطلق عليه الصين اسم دياوغو، كما ذكر مراسل لوكالة «فرانس برس» كان يرافقهم.
وتعلق الآخرون بحبل مده ميزوشيما للانضمام إليه.
ولم يتمكن الناشطون الذين بلغوا الشاطئ من الوصول إلى قمة الجبل واضطروا لزرع أعلام يابانية على سفحه وعلى الشاطئ.
وقال ايجي كوساكا أحد أعضاء المجلس البلدي في منطقة طوكيو «إنها أرض يابانية بلا جدال. على سفح الجبل وجدنا منازل بنيت على الطراز الياباني»، معبراً عن أسفه لأن الحكومة اليابانية «لا تمارس أي نشاط هنا».
وأكد أن الرحلة شكلت «نجاحاً كبيراً».
ولم يعتقل خفر السواحل اليابانيون الذين كانوا يراقبون الأسطول الصغير منذ وصوله، باعتقال أي شخص وخصوصاً نظراً لوجود ممثلين منتخبين بين ركابه.
وبعد ذلك أبحر الأسطول الصغير الذي يقل حوالى 150 راكباً إلى جزيرة إيشيغاكي في أقصى جنوب اليابان التي انطلق منها مساء السبت.
وكان الأسطول المؤلف من حوالى عشرين سفينة وصل فجر أمس الأحد (19 أغسطس/آب 2012) إلى قبالة جزر سينكاكو للتأكيد مجدداً على سيادة اليابان على هذا الأرخبيل المتنازع عليه مع بكين، حسب ما أفاد مراسل وكالة «فرانس برس» الذي يرافق الأسطول.
وقد استفاق عدد كبير من الركاب في وقت مبكر لمشاهدة شروق الشمس.
وقال أحد البرلمانيين على متن الأسطول «إيجي كوساكا» لـ «فرانس برس»: «نريد أن نوجه رسالة قوية إلى الصين»، قبل أن ينزل إلى الأرخبيل الواقع على بعد مئتي كلم عن سواحل تايوان في بحر الصين الجنوبي.
من جهته، قال ممثل منطقة كاناغوا القريبة من طوكيو، كينيشي كوجيما لـ «فرانس برس»: «أريد أن أثبت للأسرة الدولية أن هذه الجزر لنا ومستقبل اليابان على المحك».
وكانت النائب، كيكو ياماتاني أكدت أن «الأسرة الدولية تعترف بشكل عام لحسن الحظ بأن جزر سينكاكو يابانية لكنني أعتقد أنه يجب توعية بقية العالم بشأن هذه المشكلة بمزيد من الحملات المماثلة قدر الإمكان».
وكانت بكين طلبت بحزم من اليابان السبت «الكف فوراً عن أي تحرك يممكن أن يمس بالسيادة على أراضيها».
وأثار تحرك القوميين اليابانيين استياءً في الصين.
فقد نظمت تظاهرات في ست مدن صينية على الأقل أمس (الأحد) للاحتجاج على نزول قوميين يابانيين على جزيرة في أرخبيل سينكاكو المتنازع عليه، كما ذكرت وكالة أنباء الصين الجديدة.
وتجمع حوالى مئة شخص قرب مجمع يضم القنصلية اليابانية في مدينة غوانغجو (جنوب) وهم يرددون «لترحل اليابان من جزر دياويو» الاسم الصيني للجزر.
وفي شينزن غير البعيدة والواقعة على الحدود مع هونغ كونغ، تجمع متظاهرون وهم يلوحون أعلاماً صينية ويرددون شعارات، كما ذكرت الوكالة التي لم تحدد عددهم.
وقال أحد المشاركين في المسيرة لوكالة «فرانس برس» أن التظاهرة امتدت على طول سبعة أو ثمانية كيلومترات.
وجرت تظاهرات في أربع مدن أخرى وخصوصاً هانغجو وتشيغداو (شرق) وشينيانغ وهاربين (شمال شرق).
من جهتها، استدعت تايوان ممثل اليابان امس (الأحد) للاحتجاج على «الاستفزاز» الذي يشكله تحرك القوميين اليابانيين.
وقال وزير الداخلية التايواني تيموثي يانغ في بيان أنه استدعى مممثل اليابان في الجزيرة، تاداشي إيماي مؤكداً أن «هذا العمل الاستفزازي لم يؤد سوى إلى تأجيج التوتر في بحر الصين الجنوبي».
وأضاف أن «جزر دياويو تعود إلى جمهورية الصين (الاسم الرسمي لتايوان) تاريخياً وجغرافياً وبموجب القانون الدولي وملكية هذه الأراضي لا شك فيها».
وتصاعد التوتر بين بكين وطوكيو في هذا الأسبوع بخصوص الأرخبيل الذي يقع على بعد حوالى مئتي كيلومتر مقابل سواحل تايوان التي تطالب بالأرخبيل كذلك.
وقامت اليابان الجمعة بترحيل 14 ناشطاً أبحروا إلى الجزر الأربعاء وأوقفوا بعيد وصولهم إلى جزيرة رفعوا عليها العلم الصيني.
واختار هؤلاء الناشطون موعداً رمزياً لتحركهم في 15 أغسطس يوم استسلام اليابان في الحرب العالمية الثانية في 1945.
وبطردهم، سعت طوكيو إلى تجنب تكرار المواجهة التي جرت مع بكين في سبتمبر/ أيلول 2010 عندما احتجزت اليابان لأسبوعين القائد الصيني لسفينة صيد صدمت سفناً.
وأفرجت طوكيو في نهاية المطاف عن قبطان السفينة بعدما واجهت احتجاجات وانتقادات وتهديدات من بكين بإجراءات انتقامية.
إلى جانب أهميته الاستراتيجية، يرتدي الأرخبيل الذي تملكه حالياً عائلة يابانية ثرية أهمية اقتصادية. فالمياه المحيطة به غنية بالأسماك ويمكن أن تكون الأعماق غنية بالمحروقات.
وكانت تايوان التزمت الصمت لفترة طويلة حيال قضية الجزر المتنازع عليها لكنها اتهمت السبت اليابات «باحتلال» الجزر.
طوكيو - أ ف ب
في ما يأتي المسوغات التي يسوقها كل من اليابان والصين في تنازعهما على جزر سينكاكو/دياويو التي تديرها طوكيو وتطالب بها بكين والواقعة في شمال شرق الجزر الشمالية لتايوان التي تنادي أيضاً بسيادتها عليها.
مسوغات اليابان:
تؤكد طوكيو أن الحكومة اليابانية بدأت باستكشاف جزر سينكاكو العام 1885، ولم تجد فيها أحداً «ولا أي أثر لوجود صيني في السابق». وضمت الحكومة الجزر إلى الأراضي اليابانية بعد عشر سنوات.
وتشير السلطات اليابانية إلى أنها لم تضمها إلى الأراضي التي تخلت عنها اليابان بموجب معاهدة سان فرانسيسكو للسلام العام 1951 والتي وافقت فيها على خسارة عدد من الأراضي بينها جزيرة تايوان المجاورة.
وبحسب اليابان، لم تعارض الصين على استثناء جزر سينكاكو من المعاهدة آنذاك. وتقول طوكيو إن الصين وتايوان لم تطالبا بالسيادة على هذه الجزر إلا اعتباراً من العام 1971 بعيد اكتشاف موارد محتملة للطاقة في قعر المياه المحيطة بهذه الجزر.
مسوغات الصين:
تشدد الصين على أن أولى المراجع التي تلحظ جزر دياويو تظهر على خرائط وكتاب يعود إلى عهد الأمبراطور يونغ لي (1403 - 1424) من سلالة مينغ.
وبحسب بكين، فإن خريطة يابانية منشورة بين عامي 1783 و1785 تثبت الهوية الصينية لهذه الجزر. وتضيف الصين أن ملكيتها لهذه الأراضي لم تكن يوماً موضع جدل إلى أن تم تسليمها إلى اليابان مع جزيرة تايوان إثر انتصار اليابان خلال الحرب الصينية - اليابانية عامي 1894 و1895.
وتعتبر الصين أن الجزر بقيت عن طريق الخطأ تحت إدارة اليابان بعد نهاية الحرب العالمية الثانية، عندما تخلت طوكيو عن سيادتها على تايوان وجزر بيسكادوريس غرب تايوان.
كما تطالب حكومة تايوان بالسيادة على جزر دياويو الواقعة على بعد 200 كلم شمال شرق جزرها الشمالية.
العدد 3635 - الأحد 19 أغسطس 2012م الموافق 01 شوال 1433هـ