بعد نشر مقالي الأخير المعنون بـ «اختراع كويتي لضبط حضور وغياب طلبة المدارس والجامعات»، أرسل لي ـ مشكوراً ـ أحد الزملاء التربويين وهو أسامة الوداعي تعليقاً في السياق ذاته لتجربة بحرينية مضيئة جديرة بالبحث والاهتمام من قِبَل المسئولين في وزارة التربية والتعليم والمعنيين بالعملية التربوية، وخصوصاً المشرفين الإداريين بالمدارس.
سنسلط الضوء على برنامج «المرشد الإلكتروني» للمعلم والمشرف الإداري بمدرسة أبوصيبع الابتدائية للبنين إبراهيم حبيب يوسف.
انبثقت فكرة «المرشد الإلكتروني» لدى إبراهيم الذي أعدَّ البرنامج ويشرف شخصياً على تنفيذه بعد تطبيق برنامج تحسين أداء المدارس، حيث كان لمدرسة أبوصيبع الابتدائية للبنين مبادراتها المتميزة، التي جاءت استجابة لمتطلبات المرحلة الجديدة من العمل المدرسي.
تعززت فكرة البرنامج لدى صاحبه أكثر بعد إحدى زيارات الفريق التابع لهيئة ضمان جودة التعليم والتدريب لمدرسة أبوصيبع الابتدائية للبنين وإعداده التقرير الأولي عن المدرسة وتوضيح نقاط الضعف والقوة فيها، ما دفع به للتفكير بشكل جادٍ بوضع اللبنة الأولى لعجلة التغيير بالمدرسة التي يعمل بها، وتفعيل برنامج التحسين حسب نظام المدرسة المتميزة، بدعم من الهيئتين الإدارية والتعليمية، ما ساهم بشكل كبير في إيجاد حلول إلكترونية تسهِّل العمل بالمدرسة؛ لتكون النتيجة إنشاء برنامج (المرشد الإلكتروني).
يُعوَّل على أمثال إبراهيم كتربوي ينطلق من ذهنية تفكر خارج الصندوق، فالوضع على الدوام ليس على ما يرام، لذا تجده شاهراً سيف التغيير رغم كل الصعوبات والتحديات التي لخصها في غياب الخطة الاستراتيجية للمدرسة التي تُعنى بشكل واضح بالسلوك الطلابي، وتعثُّر الكثير من الطلبة في السلوك وانتشار الكثير من السلوكيات غير المرغوب فيها، وغياب الثقة لدى أولياء الأمور بالمدرسة على مستوى حل النزاعات الطلابية والمشاكل السلوكية، وقناعة الكثيرين من الطلاب بعدم قدرة الإدارة المدرسية في حل الكثير من مشاكلهم السلوكية بشكل واقعي وعصري، كونها مدرسة منفِّرة لا جاذبة، وغياب القوانين السلوكية الفاعلة والمؤثرة.
وبحسب إبراهيم، فإن الخطوات الإجرائية الأولية للبرنامج ـ الذي أثبت نجاحه لاحقاً ـ قد بدأت أولاً بتشكيل فريق عمل فاعل في تقييم الوضع الراهن للمدرسة، وتحليل النتائج المدرسية للسلوك، وتحديد نقاط القوة وتعزيزها ببرامج واضحة، وتحديد نقاط الضعف، والاستفادة من مشروع «المدرسة البحرينية المتميزة».
يرى إبراهيم أن أكثر المشاكل السلوكية بالمدرسة (قبل إطلاق البرنامج) كانت من قبيل: التأخُّر الصباحي المتكرر لدى الطلاب وعدم قدرة الإدارة المدرسية على الحد منه بطريقة ذاتية تنمِّي فيهم روح الانضباط، وبروز سلوك التنمُّر الظاهر والواضح لدى الكثيرين منهم حول أقرانهم والاعتداء الجسدي العنيف، والاعتداءات الجنسية بين الطلاب بسبب نقلها من المجتمع المحلي للمدرسة، والقصور في التحصيل الدراسي بسبب غياب الأجواء المعرفية الملائمة، وغياب أو وجود قصور في فهم الأدوار والمسئوليات المناطة بالهيئتين الإدارية والتعليمية، وأخيراً تدني الفاعلية بين المعلمين للتصدي للظواهر السلوكية غير المرغوب فيها.
قسَّم إبراهيم (أهداف البرنامج) على أقسام ثلاثة، الأول: يخصُّ جوانب الاهتمام بالطلبة، حيث يساهم في عملية رصد السلوك الطلابي بالمدرسة بشكل يومي ودقيق، وتتبع سلوك التلاميذ حسب النظم ولوائح الانضباط الطلابي التابعة لوزارة التربية والتعليم، واتخاذ الإجراءات المناسبة، وسهولة تصنيف التلاميذ حسب السلوك المطلوب، وحصر المشكلات السلوكية بشكل يومي وتصنيفها حسب مقدار خطورتها أو نوعها، وإصدار شهادات حسن سيرة وسلوك للطلاب، وإصدار تقارير سلوكية لكل الطلاب بالنسب المئوية، ووضع خطط علاجية للسلوكيات المحصورة وتضمين فعاليات خاصة بالسلوك في الخطة الاستراتيجية، وإصدار استمارة اليوم المفتوح للطلاب، وإصدار تقرير بنتائج التحصيل الدراسي للطلاب بشكل تجميعي على مدار العام الدراسي، وتتبع الفوج الدراسي وتحديد الطلاب المتفوقين أو الضعاف لكل مادة دراسية لوضع الخطط العلاجية، وتسجيل الغياب بشكل يومي، وإصدار شهادات الشكر بأنواعها، وربط إصدار المخالفة بإرسال رسالة قصيرة لولي الأمر فوراً، وربط السلوك الطلابي بشكل جماعي لكل الطلاب، واستحداث (مهمات مدرسية) كأسلوب لمعاقبة الطالب في حال المخالفة وتكرارها بحيث يطلب من جميع طلاب الصف عمل مهمة مدرسية تتناسب والمخالفة المرتكبة كإعداد وسائل تعليمية أو عرض مشاريع تربوية في الصف أو القيام بتنظيف ساحات المدرسة أو حرمانهم من الرياضة وغير ذلك.
بينما يُعنى القسم الثاني بجوانب متابعة المعلمين: من حيث متابعة المعلمين في الانضباط اليومي لحضور الحصص، وإصدار جدول المراقبة للفسحة بشكل يومي، وحصر وفرز الحضور والغياب وإصدار تقرير للمعلمين، وإصدار شهادات الشكر بأنواعها، وإصدار تقارير متابعة المعلمين للوائح الانضباطية بالمدرسة.
أما القسم الثالث، فيتعلق بجوانب اهتمامات الهيئتين الإدارية والتعليمية: إذ يتم إصدار تقارير حصر التلفيات المدرسية، وإصدار أرصدة دفع للتلفيات المدرسية الناجمة من قبل الطلاب، وإصدار تقارير الغياب بشكل مستمر مع النسبة المئوية للطلاب، وإصدار تقارير المخالفات السلوكية ومتابعتها من قبل الإدارة بشكل مستمر، وإصدار إخطارات للطلاب المخالفين كاستدعاء ولي الأمر أو التوقيف الداخلي أو الإحالة للمرشد الاجتماعي وغير ذلك، وتوقيع الاتفاقيات مع بداية العام الدراسية (بين الطالب والمدرسة/ بين ولي الأمر والمدرسة/ بين المعلم والمدرسة) وتتضمن هذه الاتفاقيات السلوك والعمل المطلوب في المدرسة، وفي حال المخالفة تتطبق الإجراءات حسب النظم والقوانين، وتمكين المشرفين الإداريين بالأقسام عن طريق البرنامج لوجود المعلومات الأساسية المسبقة لكل طالب، والحصول على المعلومات لكل طالب بكل يسر وسرعة.
يُضاف إلى ما سبق، اعتماد البرنامج آلية إعطاء السلوك قيمة عددية، ما سهَّل عملية التعامل مع السلوك كوحدة تُقاس ضمن برنامج «السلوك من أجل التعلم»، وتصنيف السلوك ضمن سلَّم تصاعدي (بسيطة - متوسطة - خطيرة - خطيرة جداً - شديدة الخطورة)، والنظر للصف كوحدة سلوكية متكاملة (سلوكيات تجاذبية) فسلوك التلميذ ما هو إلا إحدى هذه السلوكيات تؤثر بشكل سلبي وإيجابي، واعتماد المخالفة الطلابية بعد تراكمها كقيمة تجميعية، والتعامل معها وفق إجراءات حسب القيمة المكتسبة، وتضمين السلوك خانة تعزيزية بناءة من خلال إضافة بند (مهمة مدرسية) وتكون متدرجة حسب (الدرجة المكتسبة)، وعليه تمَّ تعديل السلوك الطلابي من خلالها وكسب الدرجات المفقودة.
يمنع البرنامج التداخل بين مهام المشرف الإدراي والمرشد الاجتماعي؛ لأن المشرف الإداري يكون على عاتقه مباشرة السلوك ورصده وتوجيهه بشكل مباشر، بينما يهتم المرشد الاجتماعي بتعزيز السلوك الإيجابي ودراسة الحالات للسلوك السلبي ومتابعته بعد قيام المشرف الإداري بالدور الأولي المناط به.
تمَّ اختيار برنامج «المرشد الإلكتروني» ليكون ضمن المشاريع المتميزة بمركز البحرين للتميُّز، وعُمِّم على جميع المدارس الابتدائية البحرينية في شهر ديسمبر/ كانون الأول 2011م.
إقرأ أيضا لـ "فاضل حبيب"العدد 3634 - السبت 18 أغسطس 2012م الموافق 30 رمضان 1433هـ
شكرًا أستاذ فاضل
شكرًا لكم جميعا
شكرًا أستاذ فاضل .. شكرًا أستاذ إبراهيم
هنيئا للمدرسة
هنيئا لها هذا المدرس الذي استطاع ولوج المستحيل ليجعله ممكنا ونشكر الكاتب إعطاءه جزء من حقه ونعتقد ان وزارة التربية لن تبخسه حقه أيضاً لتشجيعه والآخرين على الابتكار والتغيير للاحسن
جميل
الاستاذ إبراهيم حبيب شعلة متوقدة من الحماس والحيوية والنشاط الدائم رغم كل عوامل الاحباط
مدرسة ابوصيبع تزخر بالكفاءات المهمة
جميل
الاستاذ إبراهيم حبيب شعلة متوقدة من الحماس والنشاط الدائم
مدرسة ابو