اتهمت ممثلة ولاية مينيسوتا في مجلس النواب الأميركي ميشيل باكمان مؤخراً هوما عابدين، مساعدة وزيرة الخارجية الأميركية هيلاري كلينتون، وكذلك زميلها النائب كيث إيليسون عن ولاية مينيسوتا، وهو أول مسلم يُنتَخب في الكونغرس الأميركي، بوجود ارتباطات لهما مع جماعة الإخوان المسلمين في مصر، ومحاولة «التسلل» إلى داخل البيت الأبيض للترويج لأجندة الجماعة الإسلامية.
أدان الكثير من القادة السياسيين، بمن فيهم السناتور الجمهوري جون ماكين، هجماتها هذه. لم تفعل باكمان سوى القليل لتقديم أية إثباتات حول هذه الارتباطات، ما يجعل اتهاماتها لا أساس لها وخطيرة، وبالتأكيد غير ملتزمة بالمفهوم الأميركي بأن الناس أبرياء إلى أن تثبت إدانتهم.
كما أن المعاني الضمنية لهذه الادعاءات غير المثبتة يمكن أن تعيق قدرة المسئولين الحكوميين الأميركيين على الانخراط في العمل مع دولة هم في أمسّ الحاجة لأن تكون لهم علاقات إيجابية معها.
كانت العلاقات بين الولايات المتحدة ومصر متوترة خلال السنة الماضية. هناك قلق كبير بين العديد من الأميركيين حول السياسات التي سيطبّقها الرئيس الجديد المنتخب محمد مرسي، وهو عضو سابق في جماعة الإخوان المسلمين، وهي حزب إسلامي. كما يشعر المصريون بالقلق من أن الولايات المتحدة، التي قدمت منذ فترة طويلة المعونة العسكرية لمصر، مهتمة أكثر بالاستقرار من اهتمامها بالديمقراطية.
بدلاً من ذلك، توفّر هذه اللحظة للمواطنين العاديين وللإعلام فرصة للنظر بعمق أكثر إلى علاقة الولايات المتحدة بمصر، وكيف يمكن للدولتين التحرك قدماً بتفاهم وصراحة وصدق.
هناك حاجة أساسية في كل من الخطابات العامة وفي الإعلام لتوجهات صادقة وغير متحيّزة لفهم التغيرات التي تحصل حالياً في مصر. فجماعة الإخوان المسلمين، رغم كونها حزباً محافظاً، لاتزال تضغط باتجاه نموذج اقتصادي مفتوح يساعد على دفع عجلة الاستثمار، وقد كانت منفتحة للانتقادات من جانب الإعلام. قام مرسي حتى الآن بتعيين امرأتين فقط في وزارته (إحداهما هي المسيحية الوحيدة في الوزارة). أدى ذلك بالعديد من الأميركيين، إضافة إلى بعض المصريين لأن يخافوا من أن يقوم المحافظون المتطرفون في حزبه من توجيه سياسات الحكومة.
رغم ذلك، وعندما هوجم رجل مصري وقُتِل على أيدي «رجال ملتحين» لأنه كان يتمشّى مع خطيبته، كانت جماعة الإخوان المسلمين هي الطرف الأول الذي أدان هذا العمل. وقد أوضح أفراد الجماعة أن هذا العمل لا يشكّل جزءاً من الإسلام الذي ينتمون إليه.
يقوم الإعلام بتغطية تصريحات باكمان بشكل واسع، ولكنه لم يقم حتى الآن سوى بمهمة ناقصة لشرح التنوّع بين المسلمين في التيار الرئيس والفروقات الدقيقة لدى جماعة الإخوان المسلمين.
يتوجّب علينا نحن الإعلاميين، أصحاب الأسلوب الأوّلي في إيصال المعلومات أن نقوم بعمل أفضل في تثقيف الجمهور وشرح سياسات وتصرفات الإخوان المسلمين، والتي لا تكون متناغمة كما يتم تصويرها أحياناً، بوجود فهم دقيق للجماعة، حتى يصبح الأمر أكثر سهولة للأميركي العادي لأن يرى لماذا تُعتبر هجمات باكمان خاطئة.
يجب أن تصل أمثلة على كلام الإخوان وتصريحاتهم ضد عدم التسامح، إضافة إلى انفتاح مرسي على الانتقادات الموجهة ضده، إلى عناوين الأخبار في أميركا. أظهرت دراسة أجرتها مؤسسة بيو أخيراً أن توجهات إيجابية نحو إدارة الرئيس أوباما تراجعت بين المصريين من 42 في المئة العام 2009 إلى 29 في المئة هذه السنة. لن يفعل التخويف سوى القليل لتغيير المنظور السلبي الذي يحمله المصريون والعرب تجاه أميركا.
نحن بحاجة لأن نغيّر الطرح وأن ننخرط في حوار بنّاء بشأن دور الولايات المتحدة في المنطقة، والمصالح الأميركية المصرية المشتركة. فمصر تُعتبر حليفاً رئيسياً للولايات المتحدة وحيوياً لمصالحها الاستراتيجية في الشرق الأوسط. يمكن لواشنطن في غياب العلاقات الإيجابية بين الدولتين أن تفقد القدرة على إثارة مواضيع مهمة أخرى في المنطقة مع مصر، مثل علاقة مصر بإسرائيل والفلسطينيين. سيسمح الانخراط الإيجابي والتحليل المعتمد على الحقائق للموضوع بدلاً من مهاجمة الأميركيين المسلمين في الحكومة الأميركية، بإجراء حوار مع مرسي وجماعة الإخوان المسلمين حول مستقبل بلدهم، يفيد كلاً من الأميركيين والمصريين. وهذه المشاركة الإيجابية يجب أن تبدأ في الوطن.
إقرأ أيضا لـ "Common Ground"العدد 3634 - السبت 18 أغسطس 2012م الموافق 30 رمضان 1433هـ
على مرسي أن يرتمي بأحضان الأمريكيين
نحن نشاهد أن مرسى يحتاج لزمن طويل حتى ترضى عنه أمريكا والأمريكيين؛ لأنه سابقه لم يكن يرفض إلا القليل مع قوته، فما عسى أن يفعل هذا المرسى مع ضعفه.. فقد بدأ بزيارة حليف أمريكا الأول، ثم استقبل هلاري ثانيا.. وأكد أنه على العهد ماض؛ لكنه الغرب ولكنها أمريكا ولكنها الصهيونية.. حتى ينصهر للنخاع..