في ذكرى ابن البحرين... عبدالله فخرو
أجل نتذكرك ونتذكر كل المواقف البطولية والجريئة. نتذكر صوتك الجاهز مدوياً في كل محفل وكل مجلس من المجالس العديدة والتي تتواجد في البحرين.
نتذكر ابتسامتك الرقيقة الدالة على الطيب وحسن الخلق. من داخل مجلسك العامر والذي تتصدره مساء كل جمعة مباركة بعد صلاة العشاء نتذكر وقد كان في استقبالك وفد من منظمة التحرير الفلسطينية الذين حلوا عليك ضيوفاً لمدة ثلاثة أيام متتالية وبمحاضرات جمة استمع إليها كل وأغلب المواطنين من سنة وشيعة وأنت ترحب بكل واحد وتقول أهلاً ولد عمي تفضل خذ مكانك، كلمة الحق على لسانك لا تخشى إلا الله سبحانه وتعالى.
نتذكرك ونتذكر ناصيتك المفضلة وعلى شارع الشيخ حمد بالمحرق والتي جعلت منها استراحة لك فيما أطلق عليها الأحرار بأنها «استراحة المحارب».
كنت عظيماً جداً ونحن في زيارتك من داخل التوقيف لحوض الجاف وأنا أتذكر عندما دخلت عليك عصراً وأنت تؤدي الفريضة فيما انتظرتك، حتى قلت لي حيا الله بوراشد طبعت على رأسك قبلة الاحترام وجلست معك ما يقارب العشرين دقيقة سألتني عن كل شيء خاصة أصدقاؤك و»الفريق» تكن لهم كل الود والاعتزاز شددت على يدي تودعني عن ذاك المكان وقلت لي هذه هي إرادتي وقد أعطاني الله القوة على أن استمر في ذلك الطريق. وقد حاولوا أخذ أي توقيع مني لكي يطلقوا سراحي ولكن المكان الذي أنا داخله هو أشرف لي.
بعدها كان الأمر السامي بإعلان وإطلاق سراحي من السجن وإذا بآمر المركز يعيد أوراقه ويحضرها من أمامي لكي أوقع على ألا أكرر تلك الأشياء وقد نظرت إليه.
هذه هي إرادة الأحرار ليس في البحرين فقط بل في كل مكان حاربت الظلم والطغيان عندما رأت الظالم وهو ينهب ويسلب من الأملاك العامة فيما يجعل الأبيض أسود وبالعكس وهذا ما حرمه الله سبحانه وتعالى.
المرحوم بوعلي لقد كان التعب بادياً على وجهك فيما اضطررت للدخول لمركز السلمانية الطبي وكان من حولك كل الأطباء ومن جميع التخصصات يشكرون على ذلك لا ينقطعون عنك أبداً. فكرت في السفر إلى الخارج ومنها إلى ألمانيا لإتمام العلاج بعدها بأيام وإذا بالنبأ الذي لا يسر أي مواطن وذلك بتاريخ 6/ 8/ 2004 ففي يوم الثامن من نفس الشهر وصل جثمانك الطاهر حيث أدى كم هائل من مواطني البحرين صلاة الجنازة وكانت مثيرة رفعتها أيادٍ شريفة ومن ثم وضعوك على أكتافهم سيراً على الاقدام، مودعاً أحباءك وأصدقاءك ومسقط رأسك.
فيما استقبلت مقبرة المحرق لكي تنظم إلى رجالات ونسوة البحرين الشرفاء. كنت محاذياً للمرحوم الشيخ محمد يعقوب الحجازي وأنت واحد من تلامذته وكذلك قريب المناضل هشام الشهابي. ومن المناضلات الكريمات وردة الوطن ليلى فخرو وكذلك بنت الحسب والنسب ذات الشخصية الفذة والقوية بإيمانها وجرأتها الشجاعة حين نفذت عملية سرية وبتنظيم سياسي دقيق هي المرحومة ليلى محمد صالح الشيراوي وعبدالرحمن محمد النعيمي والذي هو الآن محاذٍ قبر الشهيد محمد بونفور وآخرين. يا أحبتي في الله أنتم أهلنا وأنت أيضاً جزء من البحرين العظيم لقد ضاقت بكم السجون الظالمة ولكن كنتم أكثر حرية من داخله كاد القلم أن يفلت من يدي متخيلاً وجوهكم الطاهرة وابتساماتكم الرقيقة ونحن بدعواتكم بالرحمة الواسعة خاصة في هذا الشهر الفضيل الذي نصوم أيامه ونسهر لياليه ونستغفز ربنا فيه اللهم آمين.
عبدالرحمن راشد القصاب
لا تكاد تخلو أسرة من الأسر في مجتمعنا من تواجد مسنٍّ لديها إما أن يكون هذا المسن أباً أو أمّاً أو جدّة أو جدّاً وما إلى ذلك من قرابة، فالمسن وإن اختلف الباحثون في تحديد عمره وبداية إطلاق اسم المسن عليه، إلا أن أغلبهم يقول إن مرحلة كبر السن تبدأ في الستين من العمر، وتقول الدراسات أيضاً إنه في هذه المرحلة يكون المسن قد جمع الكثير والكثير من المعلومات والتجارب الحياتية وإرثاً كبيراً اكتسبه وعايشه طوال فترة حياته سواء كانت إيجابية أو سلبية.
فإن كانت إيجابية فإن هذا ينعكس عليه في حياته، بعد ذلك فتراه نشيطاً رغم كبر سنه، بشوشاً مرحاً يحب الكلام والحديث مع الناس الذين هم حواليه.
أما إن كانت سلبية فإن ذلك ينعكس عليه سلبياً أيضاً، فإن عاش حياة مليئة بالهموم والمشاكل المادية والمعنوية والحياتية ترى شيخوخته مليئة بالضجر والانطواء والعزلة وتقلب المزاج.
أما من الناحية الصحية، فتكثر الاضطرابات النفسية وتكثر المرض بتقدم العمر منها ضغط الدم والسكري وقلة النوم وهشاشة العظام وضعف عام في أداء الحواس كالسمع والبصر وضعف الإدراك وقلة الاستجابة لما يحيط بهم ويصاحبها ضعف في الذاكرة وما إلى ذلك من أمراض يصعب حصرها في هذه الجمل.
لذا لابد من المحيطين بالمسن أن يراعوا هذه الفترة الزمنية من حياة قريبهم ولعلي وبحكم ارتباطي المباشر بمن هم حولي من مسنين كالجدتين بشكل خاص وباقي المسنين من الأقرباء بشكل عام كوّنت هذه القناعة التي أحببت أن أنقلها إليكم مدعومة ببعض القراءات في المراجع المتخصصة التي كوّنت لديّ هذه القناعة المتواضعة ومن أهمها:
أولاً: المسن في حقيقة الأمر مثل الصغير تماماً يحتاج للحنان والرعاية والعطف والاهتمام سواء من الناحية النفسية والجسدية وما تصاحبها من نظافة شخصية.
ثانياً: الاصطدام مع المسن في رأي أو وجهة نظر معينة يسبب له مضاعفات نفسية لا تحمد عقباها لأن مواقفه وقتية لذا لابد من العودة مرة أو مرات أخرى في فترات زمنية متباعدة لمحاولة إقناعه وتأتي غالباً بما نرغبه من نتائج.
ثالثاً: المسن لا يحب الإلحاح عليه والإسراع في أدائه لأمر ما، ويجب أن نعطيه الوقت الكافي لإنجاز ما يريد عمله فهو لا يملك الطاقة التي تخوّله لإنجاز المهام بقدر ما تنجزه أنت.
رابعاً: يجب عدم مساءلة ومعاتبة المسن لعدم اكتراثه بأمر معين لأنه يحتاج إلى وقت أطول للتفاعل مع الأحداث.
خامساً: المسن يستمتع بالحديث عن الماضي السحيق لأنه يتذكره أكثر من الأحداث القريبة ولأنه يشعر باستعراض تجاربه وخبراته، فعلينا ألا نحرمه من ذلك بل نظهر له التفاعل والإعجاب والاستفادة من تجربته في الحياة.
سادساً: السمع والبصر لدى المسن ليسا ذوَي كفاءة عالية، وهذا الأمر يجعله يبتعد عن أحداث الواقع ويوجب علينا التحدث بصوت مسموع ومحاولة جذب المسن للواقع بإخباره بما يدور من حوله من أمور وأحداث الساعة وأخذ رأيه واسشارته لأن ذلك يساعد في عملية دمجه في المجتمع.
سابعاً: عند انتقال المسن من منزله الذي تعود عليه إلى مكان آخر مثل المستشفى مثلاً يتوجب الاهتمام بتقريبه وتحبيبه في المكان بأنه للعلاج فقط وأنه سرعان ما سيعود للمنزل بين أبنائه وأحفاده وهذا سيساعده أيضاً في الشفاء.
ثامناً: يجب ألا ننسى أن دعوة الوالد لولده لا ترد وما ورد في فضل بر الوالدين ووجوبه وأن الله ذكر ذلك بعد ذكر اسمه جل جلاله في أكثر من موضع وقد ذكر الرسول (ص) سوء حال من أدرك والديه أو أحدهما ولم يدخل فيها الجنة.
اسأل الله العظيم رب العرش الكريم أن يجعلنا من البارزين بآبائنا والقائمين عليهم بما يرضي الله تعالى علينا
قال تعالى: «وَقَضَى رَبُّكَ أَلا تَعْبُدُوا إِلا إِيَّاهُ وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَاناً إِمَّا يَبْلُغَنَّ عِنْدَكَ الْكِبَرَ أَحَدُهُمَا أَوْ كِلاهُمَا فَلا تَقُلْ لَهُمَا أُفٍّ وَلا تَنْهَرْهُمَا وَقُلْ لَهُمَا قَوْلاً كَرِيماً، وَاخْفِضْ لَهُمَا جَنَاحَ الذُّلِّ مِنَ الرَّحْمَةِ وَقُلْ رَبِّ ارْحَمْهُمَا كَمَا رَبَّيَانِي صَغِيراً» (الإسراء: 23-24).
صالح بن علي
نظر لي بعينين يملأهما الغضب، كأنهما تصرخان «أكرهك»، لم أشعر بوخز الضمير ذلك الوقت، فوقع الفعل السيء، وما قام به الولد مازال حاضراً.
مع أني غالبا لا أنسى مصالحة تلاميذي قبل عودتهم للبيت، إلا أني نسيت في زحمة ذلك اليوم .. ويا لها من نسوَة.. أصارحكم أني نمت متأخرًا في تلك الليلة، فضميري «اللئيم» لم يذكرني بالحادثة، إلا وأنا على سريري الدافئ، وأعرف جيدًا كم يهوى تعذيبي، هو لا يزورني إلا عند النوم، وسفرة الطعام...
في صباح اليوم التالي، أسرعت للمدرسة، ولا أتذكر أني شربت كوب الشاي المعتاد، وكنت أول الواصلين من المعلمين تقريبًا، بحثت عنه في ساحة المدرسة، كان الوقت مبكرًا على طابور الصباح، وجدته يلعب مع زملائه، ناديته، صافحته (وخربت تسريحة شعره)، وأعطيته قطعة حلوى، ابتسم كثيرًا، وابتسمتُ أنا أكثر، حتى أن عضلات خدي أوجعتني، ولا أخفي أن أجمل ما في الأمر، كان سخريتي من ضميري الذي انتصرت عليه، وقد شعر بالغيظ كثيرًا.
كل الوجع الذي حدث كان بسبب توبيخ تلميذ، وإجباره على كتابة رسالة اعتذار، يعترف فيها بخطأ ارتكبه، وأن يَعِدَ بعدم تكراره!
يا إله، كم أشعر بالحزن والأسى، وكم أشفق على ذلك المسئول الذي يواجه كل يوم النظرات الصارخة من موظفيه الذين أساء إليهم بقصد الإساءة، يا إله، كيف ينام! أم كيف يبلع لقمته؟!
أما ضميري «اللئيم»، يحسد ضمير ذلك المسئول القادر على تعذيب صاحبه ليل نهار...
أبو كيان
ما إلك وصيف
أتغزل فيك غزل العفيف
شعرك ظلام الليل
عيونك نجمة سهيل
أنفاسك نكهة الهيل
وجهك يضوي كالقناديل
حسنك ثرية ياينيه
أبدي إلك بالتحية
إشكثر إنتِ عبقرية
إنتِ فزتي بكم وسام
يعجز فيك الكلام
عيوني تخجل أنظرك
ما أقدر أصافحك
لأني طبعي خجول
قلت عنك وبعد بقول
أشهق إذا أشوفك
وإنتي محنيه كفوفك
أحلف يمين ما أقدر أعوفك
أنثر إلك حروفي
لا تخافين أفا وياك
على طول العمر
لا تحاتين ما أنساك
إنتِ لي تضوين
مثل الثريا والقمر
جميل صلاح
إِلهْ اِلْكُوْنْ صَدْرِي ضـاقْ وِسْعَـهْ
آرِيْدْ آطُوْفْ حُوْلْ اِلْبِيْتْ وَاْسْعَـى
آصَلِّي فِي اْلْحَرَمْ بِخْشُوْعْ وَاْسْعَى
آزُوْرْ اِلْمُصْطَفى خِيْرْ اِلْبَرِيِـــه
***
حَنِيْنْ اِلنُوقْ أنا قَلْبِى إِلَكْ حَنْ
وُنُوْحْ اِلطيْرْ بِغْصُونِهْ إِذا حَنْ
وُدَمْعْ اِلشوقْ بِكْفُوفِى تَرَى حَنْ
مَتى أُوْصَلْ وُيِطْفَى الشُوقْ بِيِِّهْ
***
رِجِيْتَكْ يا إِلــهْ اِلْعَرْشْ عُمْرَهْ
مُنى قَلْبِي وُهِـي رُوْحَهْ وُعُمْرَهْ
يِشُوْفْ اِلْلِي ما شافَهْ طُوْلْ عُمْرَهْ
يِـزُوْرْ اِلْبِيْتْ مَـعْ خِيْرْ اِلْبَرِيِّـهْ
***
هَنِيّا لَكْ يا قَلْبِي اِلْيُوْمْ وَصْلَهْ
إِلهْ اِلْعَرْشْ هذا الجِيْلْ وَصْلَهْ
لِسِيْدْ اِلْكُوْنْ وَحْي الله وَصْلَهْ
سَلامِي عَلْى النَبِي أَغْلَى هَدِيِّهْ
***
مَلاذِكْ يا وِفِـي مَعْبُوْدْ عالِي
وُمِثْلَـكْ يا يُبَهْ ياما وَعَى لِي
إِلهِكْ لُوْ رِجِيْتَهْ بِصُوْتْ عالِي
يِفَرِّجْ كُرْبِتِكْ لُـوْ هِي بِلِيِّـهْ
***
إِلهْ اِلْعَرْشْ غافِرْ كِلْ لِخْطايْ
خِطِيْتْ اِبْتَوْبِتِكْ يا زِيْنْ لِخْطايْ
بَحَرْ لُوْ كانَتْ اِذْنُوْبُكْ وُلِخْطايْ
تِنـالْ اِلْعَفْوْ مِنْ رَبْ اِلْبِرِيِّـهْ
***
سُؤالِكْ يـا وِفِي حاجِهْ وُحِجِّهْ
مِنْ اِلْمَعْبُوْدْ لَـكْ عُمْرَهْ وُحِجِّـهْ
وُمِنْ عافْ اِلْسُؤالْ وُمالَهْ حِجِّهْ
فِي مِلَّةْ نِصـارَى أَوْ يُهُوْدِيِّـهْ
خليفة العيسى
العدد 3633 - الجمعة 17 أغسطس 2012م الموافق 29 رمضان 1433هـ