بدأ الشهر الأكثر قداسة في السنة الهجرية، وهو شهر رمضان، يوم الجمعة الماضي 20 يوليو/ تموز. ينظر العديد من المسلمين هذا الشهر إلى بُعد جديد للشهر، وهو أثرنا على هذه الأرض. هذا أمر مهم بشكل خاص في وقت نتعرض فيه بشكل إضافي إلى آثار التغيير المناخي والموارد الآخذة بالتناقص، والأهم من ذلك كله تراجع الوصول إلى مصادر المياه العذبة حول العالم، وهو مصدر قلق متزايد في العديد من المجتمعات والدول المسلمة.
يؤمن المسلمون أن الله تعالى طلب منهم التوقف عن تناول الطعام والشراب من الفجر وحتى غروب الشمس أثناء شهر رمضان الكريم. بالإضافة إلى الصيام، يرنو المسلمون في كل أنحاء العالم إلى تحقيق الرضا الروحي والتقرب من الله تعالى من خلال الصلاة الإضافية والتأمل ومساعدة الآخرين والتفكير المعمّق بالذات. وعلى رغم أن الصيام هو الجانب المعروف بصورة أكبر في الشهر إلا أنه كذلك وقت ليكون المرء أكثر وعياً بالمبادئ العالمية للرحمة والتعاطف واحترام الأرض، التي يعلّمنا إياها ديننا.
يقول الله تعالى في قرآنه الكريم إنه يجعل الإنسانية «خليفة في الأرض» (سورة ص: 26). يؤمن المسلمون بناءً على ذلك أنه مطلوب من بني البشر أن يحموا ويقدّسوا ويحترموا الأرض ويهتموا بها وبكل مخلوقات الله عليها. ويرنّ صدى هذا الموضوع في حياة النبي محمد (ص)، الذي يقول في حديث شريف إنه حتى لو أتت نهاية العالم وأنت تزرع شجرة، يتوجب عليك أن تستمر بزراعتها.
وفي الولايات المتحدة، يحاول المسلمون أثناء شهر رمضان أن يجدوا طرقاً وأساليب لجعل شهر رمضان أكثر «خضرة»، أو أكثر استدامة بيئياً، والحد من أثرهم ووقعهم على الأرض. وتلعب وجبات الإفطار في كل مساء دوراً مهماً بشكل خاص في هذا الموضوع.
يجتمع المسلمون طوال شهر رمضان لتناول إفطار جماعي كل مساء، حيث تعقد التجمعات الكبيرة عادة في المساجد المحلية ويحضرها مئات الأشخاص. وقد بدأ العديد من المسلمين عقد إفطارات «خضراء»، يشار إليها أحيانا بـِ «إفطار بدون قمامة»، ما يوفر بديلاً لإلقاء مئات القطع من الصحون والأكواب وأدوات الأكل وحتى الأطعمة، التي تلقى في القمامة بعد استخدامها. تستخدم المجموعات التي تطبق ممارسة «الإفطار الأخضر» المواد التي يعاد استخدامها أو القابلة للتدوير البيئي وتهدف لتجنب أي هدر.
تقوم بعض المساجد مثل دار الهجرة ومركز آدم، وكلاهما موجود في شمال ولاية فرجينيا بتثقيف المصلين بأهمية الاستدامة البيئية، وقد قامت بإنشاء برامج تدوير لتثقيف أعضائها.
يتخذ مسلمون آخرون سبيلاً شخصياً أكثر، حيث يسعون لاشتمال الممارسات المستدامة في حياتهم اليومية. يتبع العديد من الأفراد نصيحة النبي (ص) بأنه يتوجب على المسلم ملء ثلث معدته بالطعام وثلثها بالسوائل والثلث الأخير بالهواء، ما يخفّض كمية الطعام الذي يتناولونه. يبذل الكثيرون كذلك جهوداً واعية للحفاظ على الماء حتى آخر قطرة، خاصة أثناء الوضوء. موضوع الحفاظ على الماء موضوع يتكرر في التعاليم الإسلامية.
بالإضافة إلى تجنب الممارسات المبّذرة فيما يتعلق بالطعام والماء، يحسب الكثير من المسلمين ممتلكاتهم المادية ويفكرون بما يحتاجونه حقاً، وكيف تؤثر أنماط استهلاكنا على العالم من حولنا.
أكّد النبي (ص) وصحابته على أن الصيام عن الطعام والشراب يفقد أهميته في غياب تقييم ذاتي. المسلمون مدعوون من حيث المبدأ للتفكير بعمق بهذا السؤال: ما هو الهدف من العمل الجسدي، أي الصيام، إذا كانت أعمالنا وكلماتنا لا تتغير؟
وعلى رغم أن هناك العديد من القيم الأعلى التي يسعى المسلمون للالتزام بها في حياتهم اليومية، إلا أن قيم الوعي البيئي والأمانة تجاه البيئة التي نعيش بها لها أهمية خاصة خلال هذا الشهر.
الآن هو الوقت المناسب لنا لتشجيع أنفسنا ومن هم حولنا لأن نكون أفضل حماة للأرض، ولأن نعيش كأفراد يتمتعون بالرحمة والاحترام تجاه النواحي الجميلة المتنوعة في خلق الله تعالى. نحن مسئولون كبشر عن العالم حولنا ولدينا واجب لأن نسعى إلى تحقيق التغييرات التي نرغب برؤيتها.
لو تمكنا جميعاً، بغض النظر عن تقاليدنا الدينية، من مراجعة روابطنا الخاصة مع الطبيعة وأنماط استهلاكنا، فإن العالم بالتأكيد سيكون مكاناً مختلفاً وأفضل بكثير.
إقرأ أيضا لـ "Common Ground"العدد 3632 - الخميس 16 أغسطس 2012م الموافق 28 رمضان 1433هـ
مقال مهم
مقال مهم لأن الشريعة نهت عن الإسراف بشكل مكثف فالحفاظ على البيئة ومواردها هو تفعيل لمبادئ الشريعة
شكرا لك على هذا المقال ياريت الكل يقرأه ويعمل به
الموضوع شيق ياريت المسلمين اي نحن نقوم به للأسف لا احد يفعل ذلك شاهد تزايد القمامة في هذا الشهر وكثرة المصروف على الأغذية في هذا الشهر