المتعقب للحقب التاريخية المختلفة في مختلف بقاع المعمورة ولأنظمة الحكم فيها سيجد وبدون أدنى شك أن النظم الديمقراطية تشكل خلاصة ما توصلت إليه الإنسانية، حيث الرغبة والحاجة إلى التخلص من السلطة الفوقية الهرمية المطلقة excessive hierarchy، لصالح القاعدة الشعبية (الشكل الأفقي horizontal form) الذي يكون للشعب فيه دور حقيقي وفعال في حكمه لنفسه بنفسه ولصالح نفسه، من خلال تفعيل أدوات الديمقراطية، والتي من مبادئها: التداول السلمي للسلطة بواسطة الانتخابات الحرة، والنزيهة، والتي تعكس الإرادة الشعبية الحقيقية (صوت لكل مواطن)، ومن خلال فصل السلطات، والتعددية واحترام حقوق الإنسان المتعارف عليها عالمياً والمنصوص عليها في وثائق الأمم المتحدة، وتفعيل سلطة القانون، ...إلخ.
فالنظم الديمقراطية لها فوائد كثيرة ومتعددة للوطن بأسره، منها على سبيل المثال، لا الحصر، أن الحزب أو الأحزاب الفائزة في الانتخابات والتي شكلت الحكومة سواء كحزب منفرد أو كأحزاب متحدة في حال عدم الحصول على الغالبية الممثلة، (أي: تشكيل حكومة ائتلافية Collation Government) فترة عملها مقيد بفترة زمنية محددة، ولذا يتوجب عليها العمل بأقصى طاقتها لتحويل برامجها ووعودها إلى واقع ملموس يراه ويرضاه الناخبون، الذين أوصلوهم لهذه المواقع. وفي حال الإخفاق فإن الناخبين لهم اليد الطولى في تغييرهم، بعد انتهاء المدة، أو حتى قبل انتهاء المدة في حالة أن هناك سخطاً شعبياً عارماً، فإن الانتخابات تكون مبكرة، قبل أن تكتمل الحكومة المنتخبة فترتها. وهذا يقرره الناخبون.
كذلك من فوائد النظم الديمقراطية أنها تعطي أفراد المجتمع الحق في اختيار من يمثلهم. وهذا الحق الأصيل الممنوح لكل مواطن على حد سواء له أبعاد كبيرة على المستوى الشخصي للأفراد من نفسية، واجتماعية... إلخ، وعلى المجتمع بأسره. فكل فرد في المجتمع يشعر بإنسانيته وبأن صوته له قيمة، وأنه قد أسهم في تشكيل سياسات بلده المختلفة، من داخلية وخارجية، ...إلخ، من خلال اختيار من يمثله في النظام الديمقراطي.
كذلك من فوائد الديمقراطية الحقيقية خلق حراك فعال ومثمر بين الأحزاب السياسية المختلفة، للتنافس من أجل تقديم أفضل ما عندهم من برامج ترتقي بالوطن، وترضى ناخبيهم.
وبالرجوع إلى مصطلح «التمثيل» أو «التوكيل» الشعبي في عالم الديمقراطية، فإنه من المتعارف عليه بأن النسب المئوية الكبيرة في التصويت تحمل في طياتها دلالات ومعاني كبيرة. فكلما كانت النسب كبيرة فهي دلالة على التوكيل الشعبي الكبير strong mandate، ما يعني بطريقة مباشرة أو غير مباشرة بأن الآمال التي عقدها الشعب كبيرة على هذا الأمر المستفتى عليه، أو الثقة في الأشخاص الذين تم انتخابهم بهذه النسب.
وعطفاً على قضية البلديين المنتخبين الخمسة الذين أبعدوا عن مواقع عملهم قسراً، (حيث أنا أحدهم)، والذين حصلوا على توكيل شعبي كبير من خلال حصولهم على نسب كبيرة في الانتخابات، (والموضح تفاصيل قضيتهم في مقالي السابق في هذه الصحيفة الغراء نفسها تحت عنوان «لستم علينا بأعزاء»)، فهذه القضية هي مثال صارخ على كسر الإرادة الشعبية التي هي جوهر العملية الديمقراطية. فإن ما حدث من إسقاط العضوية وسرعة موافقة الوزير المعين، فضلاً عن الثغرات القانونية الكثيرة التي شابت الموضوع، والحملات الإعلامية التي صاحبته لهو عمل بعيد جداً عن جوهر وروح وشكل الديمقراطية.
فلجنة تقصي الحقائق، أوصحت وبدون أدنى شك بأن القضايا المرتبطة بحرية الرأي يجب أن تكون مكفولة ولا يجب أن يعاقب عليها. وعليه يحق لنا التساؤل أين تطبيق توصيات لجنة تقصي الحقائق، فيما يخص بإقالة البلديين المنتخبين؟ فقضية الإقالة أصبحت موضوعاً للسخرية والتندر بهذا النوع الفريد من الديمقراطية، الذي يفصل الأعضاء المنتخبين، بسوق ادعاءات خاوية، وتبريرات لا تقوم على حجج واقعية ولا منطقية، يسخر منها البعيد قبل القريب، وغير المتعلم قبل المتعلم!
فقد أصبحت قضية فصل البلديين المنتخبين حديث الشارع بمختلف فئاته وشرائحه، عن نوعية الديمقراطية الفريدة التي يتمتع بها وطننا الحبيب، من كسر للإرادة الشعبية التي تمثل أبرز أسس الديمقراطية، بقصد مناكفة سياسية، من هنا أو من هناك، وكأننا نعيش قانون الغاب حيث القوي يأكل الضعيف.
إن من يسعى إلى ضرب فئة أو طائفة من المجتمع لأغراض فئوية أو على أسس طائفية وعرقية، لهو من يضع العصا في دواليب عجلة التطور والإصلاح المنشود ويمزق الوطن، وهو من يسيء إلى سمعته، لأنه لا يريد أن يحترم آدمية أبناء وطنه وبذلك يجعل بلده من أسوأ بلدان العالم تخلفاً، ودكتاتورية.
كما أنه بهذا الفعل الشنيع وغير المثمر على جميع الأصعدة، يجعل الوطن تحت مجهر راصدي منتهكي حقوق الإنسان على المستوى المحلي والإقليمي والدولي، وهي أكبر إساءة إلى بلدنا الحبيب، فهو كالصديق الأحمق الذي يريد أن ينفعك ولكنه يضرك!
إننا نفهم حب الوطن من خلال إرساء قواعد العدل والمساواة لجميع فئات المجتمع. فالأوطان لا تبنى على إطلاق الشعارات الخاوية من المعاني والتي تزول بزوال الوقود الذي يغذيها! بل من خلال تطبيق مبادئ حقوق الإنسان والديمقراطية الحقيقية المتعارف عليها دولياً، وحتى لا نعيش التناقضات الصارخة، مثل قضية فصل البلديين المنتخبين!
إقرأ أيضا لـ "محمد عباس علي"العدد 3627 - السبت 11 أغسطس 2012م الموافق 23 رمضان 1433هـ
كيف يفصل المنتخبون؟!!!
إلى اليوم لم استطع أن خمسة منتخبين تم فصلهم بجرة قلم انتقاماً لوقوفهم مع الشعب!!! هل هي الديمغراطية العريغة ؟!!!
صدقتون أن فيه ديمقراطية؟؟!!
كانت الإنتخابات كلها شكليه و المجالس المنتخبة لا تحل و لا تربط و جميع القرارات بيد الحكومة فهذا الإسقاط للعضوية من ضمن قرارات الحكومة
ديمقراطية كاذبه
في الوقت الذي يتم الحديث عن الديمقراطية و حرية التعبير عن الرأي في البحرين يتم اقالة اعضاء بلديين منتخبين بإرادة شعبية لتعبيرهم عن ارائهم في الاحداث الاخيره فأين هي حرية التعبير عن الرأي التي كفلها الدستور
كيف يفصل المنتخبون؟!!!
إلى اليوم لم استطع أن خمسة منتخبين تم فصلهم بجرة قلم انتقاماً لوقوفهم مع الشعب!!! هل هي الديمغراطية العريغة ؟!!!
عجيب ديمقراطيتنا
لنا الحق ان نسال: كيف ان الشعب يختار في الانتخابات والاخرون يعزلون؟ اي ديمقراطية هذه!
الله يسهل
الله يسهل و يحل لنا هذه الازمة بقدرة القادر رب العالمين
أين تطبيق توصيات بسيوني ؟
قضية فضل البلديين المنتخبين هي إحدى القضايا التي توضح مدى مقدار التناقض في أقوال السلطة ! ففي حين أنها تدعي الديموقراطية وتتبجج بحق الانتخاب والتصويت فهي تضرب بكل هذا بعرض الحائط حينم تفصل أناس منتخبين من قبل الشعب على خلفية سياسية و طائفية !
فنحن نتساءل هنا أين هو تطبيق توصيات بسيوني ؟ أم هي ألعوبة يحاولون إن يوهموا الناس بها !
أنموذج البحرين الفريد..!!
الديمقراطية التي فيها يتم فصل المنتخب من الشعب ويكون كرسيه فارغاً لأجل غير معروف..
الإصلاح التي تسمع عنه في الخطابات والتصريحات والإعلام ولكن ما تراه على الأرض غير غير..
الحوار الذي يتردد على الألسن في المجالس والندوات والصحافة وبابه المفتوح ولكن لا يرى الناس هذه الأبواب أو قد يراها مقفلة بطوق أمن شديد..