لا يمكن تجاهل تجربة الأرجنتين ونسائها في النضال مع الحرية خاصة في ظل السنوات التي عاشتها مع سلسلة كبيرة من انتهاكات متعددة لحقوق الإنسان من قمع وقتل وخطف وألم. ففي يوم 24 مارس/ آذار 1976 حلت دكتاتورية عسكرية بالسلطة بالأرجنتين. واستمرت حتى العام 1983. ويقدر عدد مجهولي المصير بـ 30 ألفاً. لقد نفذت عملية كوندور التي ضمت بوليفيا وباراغواي والبرازيل والأرجنتين وتشيلي في اضطهاد المنفيين بكامل دول المنطقة إذ تم تبادل السجناء بين دكتاتوريات تلك البلدان التي كانت تجمعها مصالح اقتصادية مشتركة وترحيل وسجن من يعارضها في معسكرات اعتقال وتعذيبهم واغتيالهم بقصد القضاء على حركة اجتماعية وسياسية كانت تطالب بحرية وعدالة مسلوبة.
ونورة كورتياس (مترجم - موقع المناضلة - المغرب (مارس 2006) - راجع مقابلة من RISAL الإسبانية)، هي إحدى التجارب التي يمكن استعراضها.
فولادة حركة أمهات ساحة مايو في الأرجنتين لم تخرج عن فراغ ولكن كمقاومة تصد إرهاب دولة تقضي بحرمان الناس من كافة حقوقهم.
تقول نورة كورتياس في مقابلتها مع RISAL الإسبانية: «لقد ظهرت هذه الحركة كشكل لمقاومة إرهاب الدولة وممارستها القمعية التي تقضي بحرمان الشخص من كافة حقوقه ومن هويته. فور دخول الشخص معسكر الاعتقال يصبح مجرد رقم، ويتم تعريضه لأفظع أشكال التعذيب ويتم اغتياله ومحاولة إخفاء جسده إلى الأبد. هذا النظام الذي بدأ بالهند الصينية والجزائر، جرى استيراده إلى أميركا اللاتينية وتم تعزيزه بأساليب تلقنها عسكر العالم الثالث بمدرسة القارة الأميركية من طرف عسكر الولايات المتحدة الأميركية».
وأضافت كورتياس «نحن الأمهات بدأنا بالبحث عن أبنائنا وبناتنا وأحفادنا المختطفين وبالمطالبة بهم، ومن كثرة لقاءاتنا بقاعات الانتظار بالبنايات العامة (محاكم، سجون، مستشفيات). اجتمعنا بساحة مايو أول مرة يوم 30 مارس 1977، شكلنا مجموعة من 14 أمّاً وكبرت المجموعة شيئاً فشيئاً. وفي نهاية العام1977 اختطفت 3 من أمهات ساحة مايو وراهبتان فرنسيتان في عملية استهدفت كسر الحركة. لكننا أصبحنا أقوى منذ تلك الأحداث».
وعن أمل عودة الديمقراطية في العام 1983 قالت كورتياس: «لقد راودنا أمل عودة الديمقراطية في 1983 إذ تعهدت الحكومة بأنها ستجد المختطفين وتفتح السجون وأرشيفات النظام العسكري. لكن لا شيء من ذلك حصل. واضطررنا إلى الاكتفاء بلجنة بحث عن الأشخاص المختفين التي كانت محدودة ومحاكمة الدكتاتوريين الذين لم تكن الأحكام بحقهم بمستوى جرائمهم. وتأكد شعور الإفلات من العقاب مع قوانين العفو التي صودق عليها. واصلنا النضال من أجل أبنائنا المختطفين، لذا نتضامن ونتعاون مع الحركات الاجتماعية المناضلة من أجل التعليم العمومي والصحة العمومية والعمل والسكن والأرض واحترام المساواة بين الأعراق وبين الجنسين. اقتصرت مطالبنا، في طور أول، على معرفة مكان وجود أبنائنا وأحفادنا المختطفين».
وللعلم فإن الحركة انقسمت في العام 1986 حول أسلوب النضال في المرحلة اللاحقة. الفريق الأول (أمهات ساحة مايو - المؤسسات) كان يركز على التشريعات ومطالبة الحكومة بالمساعدة وبمعاقبة المسئولين السابقين. أمّا الفريق الثاني (جمعية أمهات ساحة مايو) فقد كان أكثر راديكالية وذلك لأن النضال الطويل للأمهات جعلهن يرون أنفسهن ورثة لأحلام أبنائهن، بل كن يطالبن بالاعتراف بتورط الحكومة السابقة في الحرب القذرة.
إن ما ذكرته كورتياس عن حركتها يعكس حقيقة ما عاشته الأرجنتين من تجارب مريرة ولذا فإن هذه الحركة اليوم تجتمع كل يوم خميس ليس للتعبير عن التضامن بل كتعبير احتجاجي ضد أي قمع يجتاح أي بلد من دول العالم... ورسالتهن بألا تتكرر التجربة.
إقرأ أيضا لـ "ريم خليفة"العدد 3627 - السبت 11 أغسطس 2012م الموافق 23 رمضان 1433هـ
نعم
مطمقال جميل ، اذكر كتاب جميل ايضا لهذا الموضوع بعنوان ام ضد الدكايورية
ولذا فإن هذه الحركة اليوم تجتمع كل يوم خميس
ناس فاضية !!!