فليغِب النجم والبدر وتبقى يا علي، نعم لتبقى لنا يا علي نوراً يُستضاء به، فأنت الإنسانية والحق والعدل تتحرك على هذه الأرض، وأنت السلام والخلق الرفيع الذي ما فتئ يقول: «ألا وإن إمامكم قد اكتفى من دنياه بطمريه، ومن طُعمه بقرصيه، ألا وإنكم لا تقدرون على ذلك، ولكن أعينوني بورعٍ واجتهاد، وعفةٍ وسداد».
لم تكن المدينة التي غشتها الظلمة بعد مقتل الخليفة عثمان، يسودها الفزع والقلق إن تعرف مسارها إلا حين قرّر أهلها «عليّ لنا رضى، نحن به راضون»، فجاءوا إليه يعرضون عليه أمرهم: «ولا نجد اليوم أحداً أحق بهذا الأمر منك»، لكنه لا يريدها، فهي لا تساوي نعليه، فيعتذر لهم مراراً: «دعوني والتمسوا غيري»، لكنهم لم يتركوه.
كان إصرارهم استنفاراً لا مفرّ منه، وها هو الإمام علي (ع) يصوّرهم: «فما راعني إلا والناس كعرف الضبع إليّ، ينثالون عليّ من كل جانب، حتى لقد وُطِئ الحسنان، وشُقّ عطفاي، مجتمعين حولي كربيضة الغنم». هو يعلم أنهم لا يحتملونه، لذا حذّرهم بقوله: «إنا مستقبلون أمراً له وجوه وله ألوان، لا تثبت عليه العقول، ولا تقوم له القلوب»، وأوضح لهم شرطه: «ألا فاعلموا أني إن أجبتكم ركبت بكم ما أعلم».
دانت له الأرض، وأقبل الناس نحوه في دولةٍ أراد لها أن تكون دولة الله على أرضه، خلقه فيها مصانون، لا يُحرمون ولا يُهانون. وبنى دولته على مفاهيم الحقوق العالية، منها سيادة القانون وحفظ حقوق البشر، واحترام الرأي المعارض وحرية التعبير وحماية المال العام والفصل بين السلطات، وسيادة رأي الأمة. فبنى الدولة الحقوقية التي تقوم على حق المواطن في التعبير عن رأيه، وفي نقد الدولة وممارساتها، حيث يقول (ع) في عهده إلى مالك الأشتر: «ثم اعلم يا مالك إني قد وجهتك إلى بلاد قد جرت عليها دول قبلك من عدل وجور، وأن الناس ينظرون من أمورك مثل ما كنت تنظر من أمور الولاة قبلك، يقولون فيك ما كنت تقول فيهم». كما شرع المواطنة والعيش بالتساوي: «الناس صنفان، أما أخ لك في الدين أو نظيرٌ لك في الخلق». ونهى عن التعسف في استخدام القوة، إذ لا تكون العقوبة ضرباً من الانتقام: «لا تندمن عن عفو ولا تتبجح بعقوبة». كما سعى في بناء الدولة على أساس المجتمع ودور القطاعات المهنية والاجتماعية وتمثيلها في الحكم، يقول (ع): «اعلم أن الرعية طبقات لا يصلح بعضها إلا ببعض، ولا غنى ببعضها عن بعض، فمنها جنود الله، ومنها كتاب العامة والخاصة، ومنها قضاة العدل، ومنها عمال الإنصاف والرفق، ومنها أهل الجزية والخراج من أهل الذمة ومسلمة الناس، ومنها التجار وأهل الصناعات، ومنها الطبقة السفلى من ذوي الحاجة والمسكنة».
ولم يغفل الإمام ضرورة التنمية البشرية، فالناتج الاقتصادي لا يقوم على الجباية بقدر ما يقوم على توفير المستلزمات الأساسية لاستمرار الموارد المالية، «وليكن نظرك في عمارة الأرض أبلغ من نظرك في استجلاب الخراج»، مع تأمين الضمانات الاجتماعية، الذي يتضح في قوله (ع): «إن الناس كلهم عيالٌ على الخراج وأهله». ولم يغفل الاستشارة إلى الاعتماد على أهل الخبرة والاختصاص، وذلك ضمن وصاياه لمالك: «وأكثر مدارسة العلماء ومنافثة الحكماء في تثبيت ما صلح عليه أمر بلادك وإقامة ما استقام به الناس قبلك».
كان عليٌّ صارماً في الحق وإرجاعه لأهله، لذا فالحقوق لا تسقط عنده بالتقادم، يقول: «فإن الحق القديم لا يبطله شيء، ولو وجدته وقد تزوج به النساء، ومُلِكَ به الإماء لرددته إلى حاله، فإن في العدل سعةً، ومن ضاق عليه العدل فالجور عليه أضيق». وهذا الأمر أزعج المترفين من أغنياء المسلمين آنذاك، الذين أحسّوا بالخطر يهدّد مصالحهم، فأعلنوا العصيان والتمرّد، فبدأوا بالمساومات معه، لكنه رفض قائلاً «وإما وضعي عنكم ما في أيديكم فليس لي أن أضع حق الله».
لم تكن الحيلة ولا الغدر طريقه، ولم تعرف الأمةُ قدَرَه فاختلفت عليه، وضاعت البوصلة لدى جموع كثيرة منها، فعصوا إمامهم، ودأبوا على مخالفته حتى قال فيهم: «وأفسدتم عليّ رأيي بالعصيان والخذلان حتى لقد قالت قريش إن ابن أبي طالب رجل شجاع ولكن لا علم له بالحرب. لله أبوهم! وهل أحدٌ منهم أشدّ لها مراساً وأقدم فيها مقاماً مني؟ لقد نهضتُ فيها وما بلغت العشرين، وها أنا قد ذرّفت على الستين، ولكن لا رأي لمن لا يطاع». حتى بلغ به الأمر إلى أن يدعو ربه للخلاص من مجاورتهم واللحاق بالرفيق الأعلى في مثل هذا اليوم من عام أربعين للهجرة.
إقرأ أيضا لـ "رملة عبد الحميد"العدد 3625 - الخميس 09 أغسطس 2012م الموافق 21 رمضان 1433هـ
قال :متى ينبعث اشقاها؟
لما تفتت جيشه ورضوا بالتحكيم ولما اختاروا للتحكيم من لا يرتضيه وبهذا بقي القاسطون وانتظم وتقوى موقفهم فشاع سب وشتم علي-ع- وبدأ عدوه يزحف بجيوشه على مناطق نفوده حتى قال :ملأتم قلبي قيحا يا اشباه الرجال ولا رجال عقول رباة الحجال لهذا قال:متى ينبعث اشقاها؟
الصوت لن يخفت: ياعلي ياعلي ياعلي
أكثر ما كان يؤلمه هم اليتامى، فكان يقول (ما إن تأوهت من شيء رزئت به كما تأوهت للأيتام في الصغرِ، قد غاب عنهم والدهم من كان يكفلهم في النائبات وفي الأسفار والحضرِ) فكان يحمل السمن واللحم والخبز في الليل على ظهره ويلقم الأيتام بيده ثم يذهب ليكنس بيت المال ويقول (اللهم اشهد على عبدك علي أن أعطى للناس حقوقهم) ثم يعود لبيته ليأكل قرص شعير بنخالة خشنة ثم يمسح على بطنه ويقول (تعساً لمن أدخلته بطنه النار)
علي (ع)
انصح الكاتبة والقراء قرأة كتاب ( علي من المهد الى اللحد ) للكاتب القزويني فهو جداً رائع
تقى البتول
سلام الله عليك ياامير المؤمنين يوم ولدت ويوم مت ويوم تبعث حيا ماجورين
اللهم امين
اللهم ارضى عن الخلفاء الراشدين ابو بكرٍٍ وعمر وعثمان وعلي كرم الله وجهه.
العدل حياه
العدل اساس الحكم /لو سال كل مسؤول وحاكم نفسه كل يوم لماذا يحبني بعض ويكرهنى او يبغضني آخرين فلن يجد جواب سوي هذا المبرر للموقفين المتضادين .فهل نعتبر
آه لفقد علي
السلام عليك يا أمير المؤمنين كيف تحمّل أصحابك مُرّ العيش بعدك تكاد أرواحنا أن تفارق أجسادنا من شدة الوجد، ما أوحش الكوفة هذا الصباح أبدعتِ يا أستاذ
علي مع الحق والحق مع علي
من يريد معرفة دقة وصدق هذه المقوله المختصرة والمعبرة فليقرأ ما كتبه وما تحدث عنه وما فعله وباختصار فيدرس حياة هذا الامام العظيم وأزيد اذا أرادت آلامه الاسلاميه ان تنهض من كبوتها فلنبحث وتدرس تراثه بتمعن وتعمل به بعيدا عن العصبيه المقيتة