العدد 3624 - الأربعاء 08 أغسطس 2012م الموافق 20 رمضان 1433هـ

طائرات إف 16 بين الشيعة والسُّنة!!

محمد عبدالله محمد Mohd.Abdulla [at] alwasatnews.com

كاتب بحريني

لا ضَير لو بدأتُ مقالي بقهقهةٍ وضحك، مادام الدَّاعي إلى ذلك قائماً. الدَّعوة أيضاً هي للقارئ الكريم إن حفَّزه ذلك للضحك. فعنوان المقال، هو ليس من الخيال، بل هو واقعٌ يتم تداوله الآن بدون خجل. فالخبر يفيد أن العراق عَقَدَ صفقة تسلُّح لشراء 36 طائرة إف 16 الحربية المتطورة من الولايات المتحدة الأميركية، يتسلمها كاملة مع حلول العام 2015. وهذه الصفقة، تقتضي ضمن تفصيلاتها الفنية والتقنية بأن تبتعث بغداد عشرة من الطيَّارين العراقيين العسكريين للدخول في دورة تدريب في الولايات المتحدة، على كيفية استخدام مثل هذا النوع من الطائرات.

وقَعَ الإشكال، عندما اشترَطَت وزارة الدفاع الأميركية (البنتاغون) على الحكومة العراقية، أن يكون الطيَّارون العراقيون المبتعثون من السُّنة والأكراد فقط، دون أن يكون بينهم طيارٌ شيعي واحد! الأمر الذي أوقع خللاً وسجالاً في الداخل العراقي. التحالف الكردستاني الممثل للمكوِّن الكردي والمشارك في الحكومة الاتحادية في بغداد قال «إن اختيار الطيارين أمرٌ يعود إلى قيادة القوة الجوية (التي يرأسها جنرال كردي) كونها صاحبة الاختصاص والمعرفة، أكثر من غيرها بهذا الموضوع، وإن اتفاقيات تدريب الطيارين فيها الكثير من الغموض وتحتاج إلى مناقشات».

القائمة العراقية بزعامة إياد علاوي والتي تعتبر علمانية الاتجاه وتضم خليطا مذهبيا وعرقيا ذكرت «أن يكون اختيار الطيارين العراقيين وفق أسس ومعايير خاصة، بعيدة عن المحاصصة الطائفية والحزبية. التحالف الوطني العراقي، الذي يطغى عليه المكوِّن الشيعي، مع بعض الشخصيات السُّنيَّة طالَبَ بتأجيل صفقة طائرات الـ أف 16 في ظل هذا التمييز الطائفي للطيارين على حساب هويتهم على حد تعبيره. ومن المؤمل أن يُعقَد اجتماع مهم يضم لجنة الأمن والدفاع البرلمانية مع وزارة الدفاع الاتحادية والبيشمركة للاطلاع على تفاصيل اتفاقيات التسليح التي أبرمتها الحكومة العراقية الاتحادية مع الولايات المتحدة. انتهى الخبر مع حيثياته.

هنا، نتساءل: مَنْ نلوم؟ الولايات المتحدة الأميركية؟ الشيعة؟ السُّنة؟ الأكراد؟ مَنْ يدري، لكن الإجمال هو أن الذنب مُركَّب. وقبل أن نتحدث عن هذا الذنب، نتحدث عن فشل الدولة العراقية ما بعد الاحتلال. الأميركيون لا يمكنهم إلاَّ أن يتعاملوا مع هكذا دولة فاشلة، هم صنعوها، ورتبوا مؤسساتها. الشِّيعة، جاءوا إلى الحكم، وعينهم على ثمانين سنة، وجدوا أنفسهم فيها غائبين عن إدارة الدولة، فجاءوا بنهَمٍ إلى السلطة فلم يتركوا زقاقاً في السياسة العراقية ولا ردهة إلاَّ وتحوَّطوها. السُّنة وجدوا أنفسهم بعد الاحتلال مكشوفين بلا غطاء، ثم اندفعوا في مجلس الحكم الطائفي، تائهين بين رِجْل في السياسة وأخرى في المقاومة، ثم في استحواذ التطرف على جزء من شبابهم، ثم من صحوات الأنبار وديالى والموصل التي قاتلت القاعدة وطردتها من الغرب.

أما الأكراد، فإنهم أصبحوا مستغرقين، في ترتيب حلمهم التاريخي، الذي تحقق في الشمال العراقي، فأصبحت كينونتهم قائمة، بفعل ضربة حظ، خلقتها المعادلات الدولية على أرض العراق بعد تشرُّد دام آلاف السنين بانهيار مملكة الميديين، فأصبح الجزء الكردي في الشمال بالنسبة لهم أهم من أيِّ بقعة أخرى من أرض العراق. بل هم اليوم، يتمنون لو أن القامشلي وتوابعها في الشمال السوري، لو تلتحق بركب الحلم الكردي الأوسع، يليه الجنوب التركي، ومناطق الأكراد الإيرانية، حيث حزب الحياة الحرة (بيجاك) يكابد هناك لإقامة ذات الحلم الكبير.

بالرجوع إلى أصل الخبر المقزز، فإن الشِّيعة يقولون، إن لديهم معلومات تفيد بأن «إسرائيل» ودولاً أخرى، هي التي اشترَطَت على واشنطن عدم تدريب طيَّارين شيعة على إف 16. والسُّنة يقولون، إن القوة الجويَّة هي من حصتهم في ظل المحاصصة لكافة مناشط الدولة العراقية. والأكراد يقولون، إنهم لا يملكون قرار المنع الأميركي، مادامت واشنطن (الجهة المصنِّعة للطائرات) هي التي اشترطت ذلك. والأميركيون يقولون خليطاً من ذلك، ما بين مراعاة التخوُّف الإسرائيلي، والتوجُّس من استثمار إقليمي للموضوع، وما بين التعامل مع دولة مشطورة هي صنعتها بيدها.

هذا الشكل من الحكم في العراق، جدُّ معيب. هل لأحدٍ أن يتصوَّر، أن العراق يصل إلى هذا الحضيض من التفتت والانقسام. العراق، الذي توالى على مؤسساته وأدبه وعلومه وإبداعاته جميع الطوائف العراقية، بات اليوم يُتعامَل معه على أنه كيان مُشوَّهاً، تحكمه مسارات الحكم المتباعدة. كلُّ مسار تم منحه لطائفة وعرق، يلعب فيه كيفما يشاء، وكأنك تعيش مجموعة من العوالم التي لا يجمعها شيء، سوى أنها متجاورة مع بعضها البعض دون أن تتماهى في الجوهر.

الرئاسة والحكم، ليستا شهوة للتأمُّر فقط، بل هما معضلة جَمْع المتحركات على صفيحة ثابتة واحدة تسمى الهوية الوطنية. هو لا يقوم على غير التناقضات الطبيعية للمساحة الجغرافية التي يقوم عليها، بكل ما فيها من ديمغرافيا وخلافها. هذا الأمر، ليس عصياً على كلّ مَنْ أدرك أبسط شئون السياسة. لكن، ومع شديد الأسف، هذا الأمر، أصبح خارج العراق الجديد. قد نجِد تعيينات متباينة، لمواقع شتى في بغداد والبصرة والديوانية والأنبار والنجف وغيرها من المحافظات، لكنها لا تستطيع تسكين الوجع التقسيمي للبلد، والسبب أن التقسيم صار منهجاً يتأسس عليه كل شيء، في حين تلك التعيينات تأتي في الفروة لا أكثر ولا أقل من ذلك.

ربما لن يكون هذا الخبر خاتمة المطاف في ذلك البلد، بل ربما نشهد أشياء نتهكَّم منها تزيد عليه، رغم أن القلب يعتصر على حال ذلك البلد، خصوصاً وأن مشهده وصورته باتت تصطبغ بالدَّم في كل شيء.

إقرأ أيضا لـ "محمد عبدالله محمد"

العدد 3624 - الأربعاء 08 أغسطس 2012م الموافق 20 رمضان 1433هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان
    • زائر 20 | 10:26 ص

      جذابة

      يعني تقول انه زينة ويه السنة و الاكراد اكبر جذابة

      تبي تضرب المسلمين

      اصلا الشيعة و السنة اهمه اللي طلعوا الاحتلال

    • زائر 19 | 10:19 ص

      العلمانية الحل

      العراق قبل الاجتلال الامريكي ومجي حكوم الطائفية لانسمع هدا شيعي اوسني وانما هناك المواطنة العراقية والجيش الدي حارب ايران هم غالبية من الشيعة لان الوطن هو الاصل هل تسمع بتفجيرات اوقتل علي الهوية في عهد صدام لدلك عودة حزب البعث الي السلطة امر ضروري لاعادة العراق الي وضعة الطبيعي ولايكون هناك طيار شيعي اوسني يقود اف 16

    • زائر 18 | 8:42 ص

      تريدون لكم الذل؟!! اذا توجهوا لروسيا

      والا الرضا بالذل سيأتي لكم بصدام اخر وطاغية اخر احترموا مكونات المجتمع بكل فئاتها

    • زائر 17 | 7:21 ص

      سؤال للاستاذ

      استاذ اتمنا عليك . حيث ان كل القراء الذين معك و المختلفين يحترمون قلمك فسؤالي لك هل الوضع في العراق افضل من السابق ؟ ياليت نقراء الاجابة في مقالك التالي وشكراً

    • زائر 15 | 6:27 ص

      رقم 11 لا تنسب جرائم البشر الى الخالق عز وجل

      هذه جرائم يندى لها الجبين وسوف يحاسب الله من يقوم بها حساب عسير فلا تنسبها انتقام من الله.
      انا ابي اعرف انتقام من الله من ماذا ؟ ما الذي قام به الشعب العراقي حتى ينتقم الله منه؟
      انها جرائم فئة من المسلمين يستبيحون الدماء والاعراض والنواميس بفكرهم الاعوج والذي شوهوا به الاسلام في كل الدنيا.
      يعملون الاعمال القذرة التي يندى لها الجبين وينسبونها الى الله والله بريء كما قتلوا سيد شباب اهل الجنة ثم رموا بالتبعات على الشيعة مساكين هؤلاء الشيعة الذين سجنو ابان قتل الامام ثم اتهموا بقتله ويزيد بريء

    • زائر 14 | 6:05 ص

      هاي امريكا

      هاي امريكا تسوي جذي عشان تفرق الناس .

      و لازم المسلمين لاينصاعون لها .

      الحين مرة ثانية بتقول ابي بحارة من الطائفة الفلانية و طيارين من الطائفة الفلانية .

      بس تبي تفرق المسلمين.
      اذا تسمحون لي بانسبة حق صدام ماخلة احد شيعة سنة اكراد قتل الكل و غزا الكويت وخله الناس في قمع و فقر وكله بسبته لولا ظلمه ما صار جذي.

    • زائر 13 | 6:02 ص

      لا يقراون

      الظاهر الاخوة القراء لا يقراون صحيفة الوسط يقولون العراق عادة الامور الي طبيعتها امس وفي الوسط خبر عن تفجيرات . هذا غضب من الله و ال بيت رسول الله

    • زائر 12 | 5:03 ص

      الوضع الطبيعي

      الكاتب الكريم . العراق عاد إلى وضعه الطبيعي ليس بقوة حضور الشيعة وانما بوجود حالة تعددية فيه وهي الحالة التي ينادي بها الربيع العربي الذي يقبلون به في ليبيا ومصر وسوريا ولا يقبلون به في العراق والسبب هو نزعة طائفية مقيتة . يمجدون في صدام الذي دمرهم وغزا أشقائهم في الكويت فأي عقلية عند هؤلاء؟؟؟؟؟

    • زائر 11 | 4:07 ص

      الله يرحم زمان العراق

      أثناء دراستي في العراق ولمدة أربع سنوات سكنت في منطقة الأعظمية ولم نكن نعرف شيئ اسمه طائفية هذا سني وهذا شيعي وهذا ما أعرف شنو ، لم أعرف أن الأعظمية أنها منطقة مصنفة أنها سنية إلى بعد الاحتلال وتدمير العراق، كنا نعيش وكأننا عراقيين لا تشعر بالفرق بينك وبين العراقي ولا بين السني والشيعي والكردي والصابئي وغير ذلك من المسميات التي ظهرت حديثا، الآن الكل يتحدث عن هذه المسميات حتى الذين لا شأن لهم بالعراق لا هم لهم إلا هذه المنطقة سنية وهذه شيعية ونسو بناء العراق ، الله يرحم العراق وشعب العراق العزيز

    • زائر 10 | 3:40 ص

      كذبة عمالة الشيعة لامريكا تبخرت

      هذا دليل ساطع عن من تثق بهم امريكا في تعاملهم معهم بحيث لا يشكلوا خطرا على اسرائيل

    • زائر 9 | 3:39 ص

      هل تمنى العرب والمسلمون أن يرجعوا إلى الجاهلية عندما رأوا غزوات النبي ص وحروب الاسلام

      عزيزي استاذ محمد . لا تحزن على وضع العراق فهذه ضريبة التغيير . هل تمنى العرب والمسلمون أن يرجعوا إلى الجاهلية عندما رأوا غزوات النبي ص وحروب الاسلام بعدها في صفين والجمل والنهروان وغيرها؟؟ كلا . العراق سيبقى عزيزا وسينهض وقد نهض فعلا ولكل من زار العراق قبل سقوط الطاغية وزاره اليوم سيعرف ذلك إلا من ركبه العناد
      تحية لك

    • زائر 8 | 3:16 ص

      يا اخي والله براقش بريئة ولكن انتم من ظلمها

      هذه الطائفة مسكينة وكما يقول المثل العراقي (انا الممشوق دفي وانا المحجي عليه) هؤلاء الشيعة سنين وهم مضطهدون معذبون مسجونون مشردون وعندما اصبح لا بد ان يستلموا السلطة تكالبت عليهم الدول تعبث في امنه وتبعث بالارهابيين ليفجروا ويلعبوا في الدم الشيعي بلا حساب.
      وهذا الاخ المعلق يرمي بالتهمة على الشيعة لأنهم من يخرب العراق وكأنه يعيش في كوكب آخر ولا يسمع عن تلك الدول التي تصرح علنا انها لا تريد الاستقرار لاي حكومة شيعية فكيف يستقر البلد والمفخخات تبعث من هذه الدول المجاورة
      لكم الله وحده ايها الشيعة

    • زائر 7 | 3:06 ص

      تعليق رقم 2 ليست براقش من جنت على نفسها ولا تحوّر الامور

      من جنى على العراقين دول الجوار ولا نريد التسمية التي قالت وبصريح العبارة انها لا تريد الشيعة ان يحكموا لذلك تبذل قصارى جهدها في ان لا يستقر العراق وقد كان ذلك ايضا صريحا حين بدأت الانتفاضة الشعبانية بالانتصار قالت تلك الدول لامريكا اعطوا الضوء الاخضر لصدام يقصف المعارضة بالصواريخ حتى لا يتمكن الشيعة ان يحكموا.
      انتم دائما تغالطون ثم تعال قارن بين قتل صدام من قبل الشيعة وقتل القذافي من قبل السنة لنعرف ايهما اكثر فظاعة ولماذا لم يترك القذافي للمحاكمة

    • زائر 6 | 3:02 ص

      الوهم من الخطر الشيعي = ما هو السبب في ذلك

      يحاول البعض من المسلمين وغير المسلمين التهويل من الخطر الشيعي والبعض يحاول ربطه بإيران ولكن طيلة العقود التي عشناها لم نرى ما يبرر هذا الخطر سوى امر واحد وهو تحرير جنوب لبنان من المقاومة وهذا حق مشروع لدى كل العالم عدى ذلك فلا النظام الشيعي في ايران قام باحتلال اي بلد ولا غيرهم من الشيعة اعتدوا على أحد من العالم وكل ما يقومون به هي مطالبة بحقوقهم في وطنهم لا غير اكثر من ذلك لا يوجد وقد يقول لي احد الجزر الاماراتية وهذه قضية من ايام الشاه وتتبع معاهدات سابقة غير ذلك لا يوجد

    • زائر 5 | 2:55 ص

      براقش لم تجن على نفسها هذه المرة يا زائر 4

      براقش كان لا بد لها أن تنقذ نفسها من الإبادة المليونية من قبل رجل معتوه حتى لو استعانت بالشيطان،براقش ما أخرها عن اللحوق بركب الديمقراطيات الهادئة إلا وضع العصاة في عجلة التطور من قبل الإرهابين شاربي الدم فهم المسئولين عن هذا التخلف ومن يدعمهم . براقش لم تجن على نفسها أبداً هذه المرة، وكأنك تقول لتحصل على وطن (هادئ) اصبر على الإبادة ! أي تخلف هذا الذي يخالف النواميس

    • زائر 4 | 2:10 ص

      جنت على نفسها براقش

      هذا هو العراق الجديد الذي كنتم تطالبون به وكنتم يا معشر الكتاب والصحفيين تعتبرون صدام حسين عقبة في سبيل تقدم العراق وإنقاد الشعب العراقي من البطش والإبادة والجوع والحصار الدولي، الآن العراق الجديد بلد ممزق لا قوة له ولا رأي له ولا أحد يعترف بقوته التي كانت مضرب الأمثال ويحسب لها ألف حساب ، صفقتم وهللتم عند مقتل صدام يوم عيد الأضحي واعتبرتوه عيدين، الآن كلوا مما زرعت أياديكم واشبعوا طائفية ومحاصصة ودمار وحقد ودماء وفقر وسرقة أموال الدولة،العراق الذي كان يحسب له ألف حساب أصبح أوهن من بيت العنكبوت

    • زائر 3 | 1:37 ص

      شر البلية ما يضحك

      وما هو الحل أساذي العزيز ؟ هل يتنازل الشيعة عن حقعم الطبيعي باعتبارهم أغلبية عن المشاركة في الحكم ؟ ثم يعودوا للسخرة كما كانوا على عهد صدام ؟ أنا في رأيي أن يحول العراق وجهته لروسيا أو فرنسا عندها فقط سيسيل لعاب أمريكا وسيرضخ .

اقرأ ايضاً