وأخيرا، وبعد عقود من المعاناة يلعق مرارتها مسلمو بورما في إقليم آراكان انشغل العالم الإسلامي بالقضية... وأخيرا ستدرج هذه القضية في جدول أعمال منظمة التعاون الإسلامي وربما ترقى القضية إلى مجلس الأمن وقد... وقد... فهل هي نسمة هبّت من رياح التغيير في العالم العربي الإسلامي؟
قد يفسرها البعض بهذا الشكل فهاهي تونس قد تقدمت رسميا خلال الاجتماع التنسيقي بجنيف للمندوبين الدائمين لدول منظمة التعاون الإسلامي لدى منظمة الأمم المتحدة بطلب إدراج إدانة ما تتعرض له الأقلية المسلمة من قتل وأعمال عنف فى ميانمار، ضمن جدول أعمال مؤتمر القمة القادم لرؤساء دول وحكومات منظمة التعاون الإسلامي المزمع عقده يومي 14 و15 أغسطس/ آب الجاري بجدة. وها إنّ الطلب التونسي يحظى بتأييد عدد من الدول العربية والإسلامية الشقيقة منها بالخصوص مصر والمغرب وليبيا وإيران والسودان.
وها هو حزب «الحرية والعدالة» الجناح السياسي لجماعة الإخوان المسلمين في مصر قد طالب أخيرا منظمة التعاون الإسلامي بإدراج قضية المجازر الدامية وحرب التطهير التي تحدث ضد مسلمي الروهينغيا على يد حكومة بورما على جدول أعمالها في مؤتمر القمة المقبل بل ويطالب الحزب وزارة الخارجية المصرية باتخاذ مواقف ملموسة في دعم مسلمي بورما دوليا وإغاثيا، وكذلك تفعيل اتصالاتها لوقف هذه المجازر.
كما أنّ البعثة الموقرة الدائمة للمنظمة في جنيف قد عقدت اجتماعا في 27 يوليو/ تموز الجاري، من أجل دعم مطلب دولة الإمارات العربية المتحدة بعقد جلسة خاصة في مجلس حقوق الإنسان الدولي في العاصمة السويسرية لبحث ملف ميانمار.
وأوضح الأمين العام لمنظمة التعاون الإسلامي إحسان أوغلو في مؤتمر صحافي عقده بمقر المنظمة في جدة أن المنظمة ستعقد كذلك اجتماعًا تشاوريًّا في كوالالمبور بماليزيا لبحث التحديات... ثم سترفع نتائج تلك الاجتماعات إلى قمة مكة المكرمة الاستثنائية في 26 و27 من شهر رمضان الجاري لتتم مناقشة القضية على أعلى مستوى في العالم الإسلامي...
لكن هل تذكرون كم من مرة اجتمع هؤلاء وهؤلاء وغيرهم واستمتعوا بأجواء جنيف وكوالالمبور وغيرها من أجمل عواصم العالم سواء لمناقشة قضية القدس أو غيرها من قضايا العالم الإسلامي؟ هل تذكرون أنواع القرارات ومدى قدرتها على التأثير في القرار الدولي؟
هل ستوقف هذه الاجتماعات ما يرويه عدد من اللاجئين المسلمين الفارين من إقليم أراكان في بورما من تفاصيل مروعة حول ما تعرضوا له من معاناة على أيدي المتطرفين البوذيين، قبل أن يلوذوا بالفرار إلى مخيمات اللاجئين في بنغلاديش؟
هل ستضع هذه اللقاءات حدّا لتدفّق مسلمي الروهينغيا الذين يعانون من التمييز الديني والعرقي في بورما إلى بنغلاديش، حيث يتركون كل ما يمتكلون خلفهم وينطلقون في رحلة شاقة للنجاة بأرواحهم تنتهي بهم في المخيمات داخل بلد يعاني بدوره من الفقر.
لا... لا... يبدو هذه المرة أن الأمور أخذت شيئا من الجدية حيث سجَّلت المفوضية الأوروبية إدانتها للمجازر التي يرتكبها المتطرفون ضد المسلمين في بورما. وقال مايكل مان - الناطق باسم الممثلة العليا للسياسة الخارجية في الاتحاد الأوروبي كاثرين آشتون: «الاتحاد الأوروبي يتابع عن كثب أحداث العنف التي تستهدف الأقلية المسلمة في بورما»...
«اشتدي أزمة تنفرجي» هكذا المسألة صارت من اهتمامات السيدة آشتون والمرأة، إحقاقا للحق، شديدة الحرص على المسلمين فما بالك المعذبين منهم في الأرض فلنقل بصوت خاشع في هذا الشهر المعظم: «بركاتك يا سيدة آشتون».
ليس هذا فحسب فمنظمة العفو الدولية أيضًا اعترفت بوجود انتهاكات ضد المسلمين في بورما بل إن منظمة هيومن المعنية بحقوق الإنسان اعترفت أن قوات الأمن في ميانمار قتلت أو اغتصبت أو نظَّمت حملة اعتقالات جماعية لمسلمي الروهينغيا بعد أعمال شغب طائفية، مضيفةً أن السلطات لم تقم بإجراءات تذكر للحيلولة دون وقوع الاضطرابات التي اندلعت في بادئ الأمر.
إذاً، حسم الأمر الذي فيه تستفتون: لقد صار لإخواننا في بورما سند إسلامي وأوروبي وما بقي إلا أن تنتبه الولايات المتحدة الأميركية إلى الموضوع، إن كان لها مصالح حيوية فيه، وتلقي بظلالها على القضية وتأذن بعقد مؤتمر لأصدقاء مسلمي بورما على غرار مؤتمرات أخرى في انتظار المؤتمر الأكبر: مؤتمر أصدقاء الشعب الفلسطيني.
إنّ المسلمين في بورما يعيشون مأساة قديمة متجددة ففي العام 1978م شردت بورما أكثر من ثلاثمئة ألف مسلم إلى بنغلاديش، وفي العام 1982م ألغت جنسية المسلمين بدعوى أنهم متوطنون في بورما بعد العام 1824م وهو عام دخول الاستعمار البريطاني إلى بورما، رغم أن الواقع والتاريخ يكذّبان ذلك، وفي العام 1992م شردت بورما نحو ثلاثمئة ألف مسلم إلى بنغلاديش مرة أخرى، ومن تبقّى من المسلمين يتم اتباع سياسة الاستئصال معهم عن طريق برامج إبادة الجنس وتحديد النسل بين المسلمين.
وفعلا يبدو أنّ الحكومة البورمية أرادت أن تستغل حالة الغفلة التي يَعِيشها العالم الإسلامي في تصفية مسلمي بورما فأطلقت يدَ المتطرفين البوذيين لإبادة المسلمين الروهنيغيين من جديد، فهل من هبة حقيقية تستنفر كل الطاقات الممكنة ووسائل الضغط العليا لكي ننقذ إخواننا المسلمين في بورما؟ ألسنا متساوين كأسنان المشط؟ أم أن المسلمين درجات رفع المال بعضهم وحطّ الفقر من بعضهم الآخر فلا نتداعى لهم بالمساعدة اللائقة في مثل ظروفهم هذه؟ هل كل همّنا مشروع قرار إدانة؟ لاشك أن استصدار مثل هذا القرار المألوف لن يكون إدانة لحكومة بورما العنصرية بقدر ما يكون إدانة لتخاذل المسلمين عن نصرة بعضهم بعضا.
إقرأ أيضا لـ "سليم مصطفى بودبوس"العدد 3622 - الإثنين 06 أغسطس 2012م الموافق 18 رمضان 1433هـ
«بركاتك يا سيدة آشتون».
فعلا لا ينقصها إلا السيدة أشتون
مرات ومرات لكن دون جدوى
لكن هل تذكرون كم من مرة اجتمع هؤلاء وهؤلاء وغيرهم واستمتعوا بأجواء جنيف وكوالالمبور وغيرها من أجمل عواصم العالم سواء لمناقشة قضية القدس أو غيرها من قضايا العالم الإسلامي؟ هل تذكرون أنواع القرارات ومدى قدرتها على التأثير في القرار الدولي؟
الحمد لله أنهم أفاقوا
وبعد عقود من المعاناة يلعق مرارتها مسلمو بورما في إقليم آراكان انشغل العالم الإسلامي بالقضية...
جميل
جميل اهتمام مصر وتونس بمثل هذه القضايا
قد يكون كما ذكرت نسمة هبت من رياح الربيع العربي
لكن نرجو أن لا تكون مجرد ورقة سياسية لهذه الحكومات الناشئة
اللهم انصر المسلمين
شكرا لكم على إثارة موضوع مسلمي بورما فهو يستحق اهتماما كبيرا