لم يحذّر القرآن الكريم من أحد من بنى البشر كما حذّر من الظلمة والمنافقين، فحتى المشركين والكفار المعاندين موقفهم واضح في الشرك والكفر وبالتالي مصيرهم معروف دنيا وآخرة؛ إلا أن الظالم ربما يكون مسلماً بل ومتشدداً في إسلامه وملتزماً بالعبادات ظاهراً، لكنه ظالمٌ لنفسه ولأهله وعشيرته وناسه، ما ينعكس على سلوكه وأخلاقه وتصرفاته مع جيرانه في الوطن ولقمة العيش.
كذلك المنافق الذي يُظهر خلاف ما يبطن دائماً وأبداً وهو مسلم قولاً لكنه مشرك باطناً، ولذلك فقد تمت مساواته في عذاب النار بالكافر في قوله تعالى: «يا أيها النبي جاهد الكفار والمنافقين واغلظ عليهم ومأواهم جهنم وبئس المصير» (التوبة: 73).
فالله يحذّرنا دائماً من الظلم والركون للظلمة في الدنيا طبعاً، في الكثير من الآيات، التي من المفترض أن جميع مسلمي الديرة يقرأونها في رمضان. فهل وقف بعض الاخوة ملياً عند تكرار هذه الكلمات (لا تركنوا - لا يهدي - لا يُفلح - عاقبة - جزاء - عذاب - بعداً - لعنة) ليجدوا أنها لا تأتي إلا مترادفة مع كلمة الظُلم التي أضحت، لسوء حظ بعض المسلمين، من أخص صفاتهم اليوم، بل ومن أهم هواياتهم التي يفاخرون بممارستها عياناً، ليلاً ونهاراً. حتى وهم على مكاتبهم الرسمية أو في صومعاتهم الشخصية أدبية كانت أم دينية؛ تجد الواحد من هؤلاء منكباً على قراءة كلام المولى المفعم بالتحذير من الظلم، سواء كان متقطعاً أم متواصلاً، ثم يغلق كتاب الله ويدعي أنه صدق كلامه ثم إذا به وهو في مكتبه يظلم زميلاً له بجانبه، أو يفتّن على آخر عند مرؤوسه من أجل منصب ما أو مكافأة وضيعة، أو يجري مكالمةً هاتفيةً لجهةٍ ما تقطر غلاً وحقداً وحسداً على جاره أو صديق من أصدقائه، غيّرته الأحداث الأخيرة عليه بعد أن صدق حكاية ذي العين ذات المؤامرة الوافدة التي أمسى وأصبح يسمعها ترن في أذنه.
من يصدّق فعلاً انه بعد أن انتشر الظلم بين العباد واستشرى طولاً وعرضاً، صار هواية سمجة تُمارس في الهواء الطلق وخلف الأبواب المغلقة. فأي بشر هذا الذي يحيا ويعيش من أجل ظلم وإيذاء الآخرين فقط من أجل أن يكنز الذهب والفضة ولو على جماجم الأبرياء من خلق الله.
هذه الهواية التي تدخل تحت عقاب الخالق عز وجل، لا محالة، لماذا يُصر البعض على مزاولتها إصراراً، لتَعجبُ السموات والأرض بعد كل هذه التحذيرات الربانية لبني البشر من ممارستها أو حتى التفكير في اللعب بها أو الركون من حولهم تزلفاً. وإن المرء ليعجب، ونحن في شهر الله الكريم، كيف يسمع بعض من يستبيحون حقوق الناس آيات القرآن الكريم تُتلى عليهم ليل نهار، ثم يتحدّثون عن شهر التسامح والألفة والمحبة والصفاء والسلام بين الناس.
ربما يقال: وهل سمعت في حياتك أن هناك ظالماً خيّر ومتسامح وظالمٌ متوحش؟ لا يوجد مثل ذلك أبداً، لا من الأولين ولا من الآخرين، لأن الظلم مكروه وهو صفة ذميمة بصريح القرآن الكريم، ولم يرد وصف الظلم في القرآن مترادفا مع التسامح والمحبة والسلام، فما بالك بمن اتخذها هواية واستأنس بممارستها حيناً من الدهر ضد اخوته في الدين والوطن وهو يقرأ القرآن لا مبالياً.
هل أمسكتم بالآلة الحاسبة ملياً في هذا الشهر الفضيل، وأعددتم أرقام الربح والخسارة في الدنيا والآخرة بسبب الركون وإثارة الفتن الجائرة والسيّارة ضد اخوتكم في اللغة والدين والأرض والوطن؟ ورمضان كريم.
إقرأ أيضا لـ "محمد حميد السلمان"العدد 3619 - الجمعة 03 أغسطس 2012م الموافق 15 رمضان 1433هـ
لاتنس
الظلم من زمن هابيل وقابيل موبتو بلحين .....والظلم في بلدان وايد في فلسطين ووكان في جنوب أفيقيا العنصرية ....
إن ذلك ابلغ للادانة -نقول مسلمين والبوذيين افضل منا
لا توجد ديانة لديها دستور سماوي تعهد الله بحفظه كما للمسلمين ولكن لا تجد ظلما كظلم المسلمين يقرأون الآيات ويعملون عكسها وهو انقلاب من نوع آخر انقلاب على مفاهيم وقيم الدين التي يدعوا اليها
وعند قراءتهم لكتاب الله تكون الحجة لله ابلغ وأأكد
فيدعهم الله ويذرهم في طغيانهم يعمهون
قلقلة لسان
قال الشيخ محمد عبده بعد زيارته للغرب بانه وجد اسلام بدون مسلمين وفى البلدان الاسلاميه اسلام بدون مسلمين. والسبب اننا نقرا القران وتتسابق فى تلاوته وبعيدا عن تطبيق تعاليمه وأخذ العبر من القصص والمواعظ الواردة به