العدد 3617 - الأربعاء 01 أغسطس 2012م الموافق 13 رمضان 1433هـ

إعادة تقييم حوار الأديان

Common Ground comments [at] alwasatnews.com

خدمة Common Ground الإخبارية

ليست فتيات يرتدين الحجاب هو ما تتوقع رؤيته بالضبط وهن يسرن عبر أبواب مدرسة كاثوليكية في لندن. ولكن بالنسبة للشباب الذين يعيشون في لندن اليوم، ليست اللقاءات عبر الأديان نادرة كما كانت في السابق.

رغم أن فرص مقابلة أناس من ثقافات أخرى أصبحت شائعة بشكل متزايد، إلا أن تعلماً له معنى لا يُتبع دائماً، وهو لا يحقق بالضرورة تحوّلات إيجابية في المواقف وتغييراً اجتماعياً حقيقياً.

خلال السنوات الخمسة عشر الماضية في منتدى الديانات الثلاث في لندن، قمنا بتطوير نماذج لإيجاد التفاهم بين الناس من ديانات ومعتقدات مختلفة، بتركيز خاص على الطلبة والشباب. أوجدنا خلال السنوات الماضية روابط بين مدارس الإيمان المختلفة وعددها نحو 50 مدرسة من خلال برنامجنا «ربط مدارس الإيمان».

في إحدى مناسبات الربط بين المدارس، يلتقي صفان أو ثلاثة من مدارس دينية مختلفة في الصباح. ينقسم التلاميذ المشاركون إلى مجموعات صغيرة ويبدأون بمهمة، مثل إيجاد مشروع فني أو التشارك بقصة. ينظرون إلى بعضهم بعضاً ببعض الفضول والتردد في البداية حيث إنهم يقابلون أناساً مختلفين جداً عنهم.

بعد نحو 25 دقيقة من بدء الجلسة تبدأ همهمة معهودة تدور في الغرفة. إنهم أناس صغار يتصرفون كأناس صغار، يتحدثون عما يتشاركون به ويقومون باستكشاف الفروقات. عادة ما تكون الفروقات التي تبرز أقل عن الإيمان والدين، وأكثر عن الشخصية. في تلك اللحظة، يصبح لحوار الأديان بين الأفراد طابعاً شخصياً.

أحد الأمور التي تعلّمناها من هذا البرنامج هو أنه رغم قدرة اللقاءات بين صغار السن من جاليات مختلفة على كسر الصور النمطية والإجحافات، إلا أنها ليست كافية لجمع الناس ببساطة معاً والأمل بما هو أفضل. وحتى يتسنى لذلك أن يكون فاعلاً يجب أن تكون المشاركة إيجابية وصادقة ومستدامة.

يبدأ الانخراط الجيد في مجال الديانات من خلال زيادة فهم الناس لطبيعة الآخرين ليس فقط من خلال تدريس الحقائق عما يؤمنون به، وإنما بدلاً من ذلك بإيجاد فرص لمواجهة واستكشاف الأسئلة معاً. تؤدي الأحداث الفردية أحياناً إلى تغييرات إيجابية في المواقف. إلا أنهم أثبتوا في العديد من الحالات أنهم أقل فاعلية على المدى الأبعد، ومن المرجّح أنهم سيعززوا الصور النمطية لأنهم لا يعطون وقتاً كافياً لفهم قصص الآخرين بشكل حقيقي. ولكن إعداد البرامج بطريقة مستدامة، من ناحية أخرى، يوفر فرصة لتطوير علاقات أعمق بناء على الثقة.

وحتى يتسنى إيجاد لقاء ناجح، من المهم استخدام مساحة حيادية أو مشتركة تشكّل «مساحة آمنة». ضمن هذا الإطار، يقوم المشاركون بتطوير قوانين ميدانية. إن الحفاظ على هذه البيئة سيمكن الطلبة من كل من المجموعات على بناء مشاعر الاحترام والتفاهم بعمق.

يجب أن تكون هناك عملية إعداد مسبق، وتفكير معمّق لاحق لعملية المشاركة. من الأهمية بمكان أن تكون للتلاميذ فرصة لتعلم شيء ما عن التلاميذ الآخرين الذين سيلتقونهم، وأن يعطوا فرصة ومساحة لتفسير ما تعلموه بعد ذلك.

من بين الأمور التي يُساء فهمها عن الانخراط في حوار الأديان هو أن بإمكانه إضعاف إيمان ومعتقدات المشاركين.بالنسبة لمثالنا، وأمثلة مشاركين كثيرين آخرين، بدلاً من تخفيف معتقدات المشاركين فإن استكشاف معتقدات وثقافات الآخرين جعل التلاميذ في الواقع يشعرون بثقة وسلامة أكثر في هويتهم. وفي تفكيرهم ما بعد المشاركة يخبرنا الطلبة أحياناً أنهم أدركوا أنه يجب ألا يشعروا بالخجل من التعبير عن دينهم وأن بإمكانهم التشارك بمعتقداتهم مع أناس آخرين حتى لو كانوا ينتمون إلى ديانات مختلفة.

يعمل منتدى الديانات الثلاثة حالياً في أكثر من نصف مدارس العقيدة الإسلامية في لندن، إضافة إلى مجال واسع من الديانات الأخرى والمدارس غير الطائفية. نادراً ما عملت أي من هذا المدارس مع هيئة خارج جاليتها. لذا فإن عملية بناء الثقة تكون بطيئة أحياناً. إلا أننا وجدنا أن استثمار الوقت (أحياناً لمدة سنة كاملة) يستحقّ التعب للتأكد من أن المدارس مستعدة للالتزام بالبرنامج على المدى البعيد.

لدى إنشاء الرابط، يشكل ضمان تواصل حقيقي وصادق ومساهم رئيسي في شراكة ترابطية ناجحة. يجب التواصل في أية قضايا أو تحديات تنشأ، بصدق وانفتاح. في هذه البيئة الإيجابية والداعمة بشكل متبادل، يملك القادة الدينيون والأساتذة ورجال الدين والأهالي والميسّرين القدرة على التصرف كنماذج إيجابية تحتذى للتلاميذ.

تشكّل اللقاءات المباشرة عبر البرامج مثل ربط مدارس الإيمان وسيلة للتعامل مع التحديات التي تشكّلها المجتمعات المتنوعة. تخلق هذه المشاركات مساحة ثقة بين الجاليات التي يمكن توسعتها لإشراك المزيد من الناس.

يأخذ الأطفال الذين يشاركون في هذه البرامج ما تعلّموه إلى البيت ويعملون على إيصال تجاربهم الإيجابية إلى أصدقائهم وأفراد أسرهم، مشكّلين وسيلة ربط للوصول إلى المجتمع الأوسع وليصبحوا عوامل محفّزة للتغيير الإيجابي الأوسع.

ستيفن شاشوا

إقرأ أيضا لـ "Common Ground"

العدد 3617 - الأربعاء 01 أغسطس 2012م الموافق 13 رمضان 1433هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً