تسببت التفجيرات بمقتل حوالى 600 شخص وإصابة أكثر من 1,400 بجروح في باكستان في النصف الأول من العام 2012 وحده، ولذا تجرى حالياً دراسة وضع خطة جديدة لمساعدة الأشخاص المتضررين بصورة مباشرة من هذه التفجيرات. ففي نوفمبر/تشرين الثاني 2011، قررت الحكومة تقديم مجموعة من المساعدات لضحايا الهجمات «الإرهابية» في إطار برنامج بيناظير لدعم الدخل، الذي أنشئ في العام 2008 بتمويل حكومي مبدئي بقيمة 425 مليون دولار أميركي بهدف مساعدة المحتاجين.
وقال محمد إحسان، هو مساعد إعلامي في برنامج بينظير لدعم الدخل، في تصريح لشبكة الأنباء الإنسانية (إيرين): «نحن نقوم حالياً بمساعدة حوالى 1,500 من ضحايا التفجيرات براتب شهري قدره 1,000 روبية (11 دولاراً أميركياً)». وأضاف أن هذا المبلغ هو نفسه الذي تم تقديمه نقداً إلى أسر أخرى في مختلف أنحاء البلاد. وأوضح إحسان أن هيئة قاعدة البيانات الوطنية والتسجيل تجري عملية التحقق التي تهدف إلى تحديد من يستحق أن تتم معاملته على أنه ضحية. وقال إن «هناك بعض المشاكل التي تنطوي عليها هذه العملية، لأن العديد من ضحايا الإرهاب يأتون من المناطق القبلية، وربما يفتقرون إلى وثائق هوية، وهذا ينطبق بشكل خاص على النساء. في هذه الحالة، نطلب المساعدة من أعضاء المجالس النقابية المحلية أو غيرهم من المسئولين لضمان صحة الطلب»، مضيفاً أن «هذا الراتب يساعد على دعم دخل الأسرة، ويقدم بعض المساعدة».
وهناك آلاف الضحايا الذين يحتاجون إلى المساعدة، حيث أن العنف «بلغ ذروته في البلاد بعد العام 2001، عندما اتخذت باكستان قرارها الحاسم بالانضمام إلى الولايات المتحدة كحليف في الحرب ضد متشددي طالبان»، بحسب المحلل رحيم الله يوسف ضاي المقيم في بيشاور، الذي أخبر شبكة الأنباء الإنسانية أن «المدنيين أصبحوا عالقين في قلب هذا الصراع».
ووفقاً لموقع «بوابة الإرهاب في جنوب آسيا»، والتي يديرها معهد إدارة الصراعات الذي يتخذ من نيودلهي مقراً له، قُتل 598 شخصاً وجُرح 1,453 آخرين في انفجارات مختلفة إلى تاريخ 22 يوليو. كما اتسمت السنوات السابقة بالعنف أيضاً، حيث لقي 1,508 شخصاً مصرعهم في العام 2009، على سبيل المثال. وتستند هذه الأرقام إلى تقارير إخبارية. وفي حوار مع شبكة الأنباء الإنسانية، قال وزير الإعلام في إقليم خيبر باختونخواه، ميان افتخار حسين الذي فقد ابنه في هجوم العام 2010: «من المهم بالنسبة لمستقبل بلادنا أن نهزم المتشددين».
ولكن العديد من أسر الضحايا يشعرون بقلق أكبر بشأن مستقبلهم. فكلسوم بيبي (50 عاماً) التي فقدت زوجها وابنها البكر في انفجار وقع العام 2009 في أحد أسواق بيشاور، تعيش حالياً مع شقيقتها في روالبندي، وهي مدينة مجاورة لإسلام آباد. «لقد خسرنا مصدرين للدخل في ذلك الانفجار. وكان ابني يبلغ 22 عاماً فقط. ونقوم الآن أنا وابنتاي اللتان لا تزالان في سن المراهقة بخياطة الملابس لكي أبقي إبني الأصغر، أرسلان (13 عاماً)، في المدرسة لأنني لا أحب أن أكون عالة على صهري. ولكننا لا نكسب إلا القليل من المال، وأنا قلقة بشأن احتمال أن يتسرّب إبني من المدرسة». وأضافت أنها لم تسمع عن برنامج بيناظير لدعم الدخل، ولكنها علّقت قائلةً: «ماذا يمكن لمثل هذا المبلغ البسيط أن يحقق لنا على أي حال؟»
فُقدت سبل العيش نتيجةً للإصابات التي خلّفتها الانفجارات. أصبح هزار غول (60 عاماً)، الذي يقول إنه أصيب في ساقيه إثر انفجار وقع العام 2006 في منطقة باجور، يتسول الآن على جوانب الطرقات في روالبندي. وأوضح لشبكة الأنباء الإنسانية حقيقة وضعه قائلاً: «كنت أقود عربة، ولكنني بالطبع لم أعد قادراً على القيادة. كما أن بصري تأثر من جراء الانفجار».
أحياناً تقوم السلطات «بالتعويض» لضحايا التفجيرات من خلال توزيع الشيكات على ورثة الضحايا أو المصابين في مثل هذه الهجمات. فأوضح مسئول حكومي في بيشاور، طلب عدم الكشف عن اسمه، في تصريح لشبكة الأنباء الإنسانية: «في بعض الحالات يكون صرف الشيكات التي يتم تسليمها في الاحتفالات صعباً للغاية، وهؤلاء الضحايا - وخاصة النساء - يفتقرون إلى وثائق مثل بطاقات الهوية الوطنية ... وأيضاً (بعض) الناس ليست لديهم حسابات مصرفية وبالتالي يكون من الصعب جداً صرف الشيكات الصادرة بأسمائهم. وأضاف: «لقد رأيت عائلات الذين قُتلوا في التفجيرات يعانون - في بعض الأحيان طوال سنوات عدة».
فقد عدنان حسين، الذي يبلغ من العمر 12 عاماً، تسعة من أفراد أسرته في انفجار واحد وقع في بيشاور، ويقول أنه «مكتئب جداً» ويشعر اليوم أنه لا يجد سبباً لبناء أي حياة لنفسه. وأفادت روبينا شاهين، هي طبيبة نفسانية في مستشفى خاص في مدينة روالبندي، في حوار مع شبكة الأنباء الإنسانية أن «المشاكل النفسية شائعة بين الأشخاص المتضررين من التفجيرات، أو أولئك الذين فقدوا أقارب من جراء تلك التفجيرات، ولكن للأسف، لا يسعى إلا القليل منهم للحصول على استشارات نفسية متخصصة، وذلك في الأساس بسبب الخلفيات الاجتماعية والاقتصادية الخاصة بهم». لقد رأيت عائلات الذين قُتلوا في التفجيرات يعانون - في بعض الأحيان طوال سنوات عدة، كما كانت هناك مخاوف من تأخر المرضى المصابين في التفجيرات في التماس العلاج، ما يؤدي إلى مضاعفات طبية خطيرة، ومن العلاج السيئ الذي تقدمه المستشفيات الكائنة في المناطق النائية. فقال مدير الصحة في المناطق القبلية، فؤاد خان التي تديرها الحكومة الاتحادية، إلى وسائل الإعلام في العام 2010 إن «مزيجاً من تدمير المرافق الصحية على أيدي المسلحين، والفقر، وانعدام التعليم بين سكان المناطق القبلية التي تديرها الحكومة الاتحادية منع الناس من الحصول على العلاج الذي يحتاجونه على الفور، ما أدى إلى بتر أطراف وتشوهات في بعض الحالات». وما زال هذا الوضع على حاله إلى حد كبير اليوم. فقد أصيب بائع الفاكهة محمد دوار خان (40 عاماً) في ساقيه من جراء انفجار استهدف حافلة في مدينة بيشاور في يونيو 2012. وقال: «وضع لي الأطباء في ذلك الوقت ضمادات فقط على ساقَيّ، ولكنني بقيت أشعر بآلام حادة ومستمرة، فأخبروني الآن بعد القيام بصورة الأشعة السينية أنه ثمة شظايا معدنية في إحدى ساقي، وسوف أحتاج إلى عملية جراحية لإزالتها. وها أنا الآن بحاجة إلى إيجاد وسيلة لدفع تكاليف هذه الجراحة، وتعويض الوقت الذي سأتغيّب فيه عن العمل».
العدد 3617 - الأربعاء 01 أغسطس 2012م الموافق 13 رمضان 1433هـ