العدد 3616 - الثلثاء 31 يوليو 2012م الموافق 12 رمضان 1433هـ

دكتاتور تشيلي... وصراع بين السلطة والشعب

ريم خليفة Reem.khalifa [at] alwasatnews.com

اعترفت تشيلي العام الماضي في 18 أغسطس/ اب 2011 بأن عدد ضحايا فترة الحكم العسكري الديكتاتوري بزعامة اوغستو بينوشيه وصل إلى أكثر من أربعين ألف شخص. وذكرت حكومة تشيلي أنها أصدرت تقريراً رسمياً أفاد بأن عدد من تعرضوا للقتل أو التعذيب أو السجن لأسباب سياسية خلال الحكم العسكري خلال الفترة بين عامي 1973 و1990 وصل إلى 40.018 شخصاً (راجع تقارير وكالات الانباء العالمية).

التقرير أوضح أن هناك زيادة جديدة في عدد ضحايا الحكم الدكتاتوري في تشيلي مقارنةً بالأعداد الرسمية السابقة التي تقدّر بنحو 9800 شخص، وأنه يتعين على الحكومة تدبير 123 مليون دولار سنوياً لتعويض الضحايا.

بينوشيه واحد من أشهر قادة الدكتاتورية في بلدان أميركا اللاتينية، لا تعد جرائمه التي اقترفها إزاء أبناء شعبه التشيلي، صفحة عادية في تاريخ نضال شعوب هذه القارة التي شهدت متغيرات سياسية كبيرة مازالت آثارها باقية ودروسها مستفادة كعبر لباقي بلدان العالم.

بينوشيه الذي توفي في 11 ديسمبر/ كانون الاول 2006 وصل إلى السلطة على رأس انقلاب عسكري، وأصبح أشهر دكتاتور في أميركا اللاتينية خلال السبعينيات والثمانينيات. وفي عهده لقي أكثر من ثلاثة آلاف شخص حتفهم بسبب العنف السياسي. وقتل الكثيرون على أيدى الشرطة السرية. ووجهت لبينوشيه عشرات التهم المتعلقة بانتهاك حقوق الإنسان، لكن المساعي الحثيثة لتقديمه للمحاكمة في تشيلي باءت بالفشل بعد أن نجح محاموه في تفادي ذلك بدعوى أن حالته الصحية المتدهورة لا تسمح بمحاكمته.

دكتاتور تشيلي الشهير نموذج في تاريخ السياسة الحديث عن الصراع الناجم بين الدكتاتورية والديمقراطية، هذا الصراع الذي يتمثل في إبقاء قبضة السلطة للطرف الأقوى المالك للنفوذ والسلاح، فيستمر في قمع الطرف المطالب بالعدالة والحقوق السياسية والمدنية التي تعني نهاية قبضة الدكتاتور.

في المنطقة العربية انتقل هذا الصراع من الشوارع إلى شبكات التواصل الاجتماعي، إذ رأى الشباب تحديداً ضالته في التعبير لكون هذه الأدوات أصبحت بديلاً يعبّرون فيه عن أفكارهم وآرائهم التي لا تصل ولا تسمع عبر أية وسيلة أخرى دون خوف، وهو ما بدأ يخيف الأنظمة ويهدّد استمرارها. والسبب أن تلك الأصوات يجب ألا تصل، فذلك قد يؤذي من تتهدد مصالحه في موقع الحكم والسلطة.

وبسبب تردّي الأوضاع السياسية والاقتصادية واستمرار قمع المطالب والأصوات عبر الحلول الأمنية والعسكرية كما حدث في عهد بينوشيه مثلا نرى ذلك يحدث تماماً في بلداننا العربية حيث ملّ المواطن العربي مما يعانيه من مشاكل اجتماعية واقتصادية كثيرة، بسبب تجاهل مطالب الناس على مدى مراحل مختلفة، خزنت غلياناً قابلاً للانفجار في أية لحظة، بسبب السلبية التي تعيشها الأنظمة واستمرار الاستبداد بدعم من دول عالمية تنادي بحقوق الإنسان.

من هنا لابد من القول ان المرحلة الحالية تحوّلت إلى صراع بين الإبقاء على الدكتاتورية من جهة وصحوة حقوق عالمية في المنطقة العربية من جهة أخرى، وهو ما رفع اسم العرب عالمياً، ووصلت المطالب إلى مسامع الجميع، ما حدا بالرئيس الأميركي باراك أوباما لتخصيص جزء كبير من خطابه في أيلول/ سبتمبر 2011 أمام الجمعية العامة للأمم المتحدة في نيويورك للحديث عن الانتفاضات الديمقراطية في العالم العربي. أوباما وعد ببداية جديدة في العالم العربي لأنه أراد أن يرسم خطاً بين ماضي سياسة واشنطن في الشرق الأوسط ومستقبلها، والميزة في المستقبل هو اختلاف التعامل مع الدكتاتوريات العربية. ولكنه مازال يتعامل بحذرٍ بين دولة وأخرى لاعتبارات ومصالح لا يريد أن يورط إدارته فيها.

أحد الشباب العربي يدعى تامر علق صورة بينوشيه إلى جنب صورتي معمر القذافي وبشار الأسد في أحد شوارع القاهرة، وقال لصحافي إحدى القنوات الأجنبية: «لا تستهن بشباب منطقتنا العربية فإن حراكهم ليس من أجل تبديل أوجه الزعماء ولكنه حراك من أجل الحفاظ على كرامة الإنسان كما فعل التشيليون مثلاً مع دكتاتورهم بينوشيه، ولن نعوّل على دعم من أحد». وأضاف: «هناك أكثر من بينوشيه في عالمنا العربي ونهاياتهم قد تكون متشابهة، لأنها جميعاً تنصب في صميم صراع طويل بين الدكتاتورية والديمقراطية».

إقرأ أيضا لـ "ريم خليفة"

العدد 3616 - الثلثاء 31 يوليو 2012م الموافق 12 رمضان 1433هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً